الوحدات.. من رمزية المخيم إلى النجومية في عالم الكرة

في عام 1955 قامت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة والتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، بإقامة مخيم على الطرف الجنوبي للعاصمة الأردنية “عمان”، بغية استقبال اللاجئين من القرى الصغيرة التابعة لمدن الساحل الفلسطيني؛ يافا وحيفا بالذات، وبدرجة تالية عكا والرملة وغيرها.

وقد أطلقت عليه الوكالة في حينه اسم مخيم “عمان الجديد”، لكنه عرف لاحقًا باسم مخيم الوحدات كونِهِ بُني على شكْل “وحداتٍ سكنيّة”، وليس خِيمًا، منذُ البداية، بخلاف مخيماتِ اللّجوء الفلسطينيّ الأخرى، ذلك أنّ السّنة التي بُني فيها هذا المخيم لم تشهدْ حروبًا.

ولعل التطور العمراني الذي شهده المخيم، واستفادته من الخدمات التي تقدمها أمانة عمان الكبرى نتيجة وجوده داخل العاصمة، إضافة إلى تمتع أغلبية سكانه بالجنسية الأردنية جعل قصة وواقع مخيم الوحدات مختلفة كثيرًا عن باقي المخيمات الفلسطينية، التي يعاني أهلها بسبب القيود القانونية التي تفرض عليهم.

كما أن موقع مخيم الوحدات المتوسط في قلب عمان جعله أكثر تفاعلًا مع البيئة الاجتماعية الأردنية من جهة السكان، حيث أنك تجد الكثير من رواد المخيم، بسبب سوقه الكبير، من غير اللاجئين.

ويسكن مجموعة من السكان من غير اللاجئين المخيم بسبب ظروفهم الاقتصادية، كون معدل إيجار البيوت داخله أقل من خارجه.

وزادت نسبة نزوح سكان الوحدات الأصليين إلى خارج المخيم، وبدأ شيئًا فشيئًا يتحول إلى مكان لإقامة الوافدين المصريين والعراقيين، حيث تشير الأرقام غير الرسمية بأن 40 في المائة من سكانه هم من غــير اللاجئين، و95 في المائة من مالكي المحلات التجارية من خارج المخيم.

وقد أدت كل هذه التطورات إلى تغير طبيعة العمران داخل المخيم، فقد اختفت الوحدات السكنية التي بنتها الوكالة ليحل محلها بيوت متعددة الطوابق مع محافظتها على طابع السكن العشوائي.

انقلاب رمزية المخيم

ويرى الكاتب الفلسطيني أحمد أبو خليل، أن رمزية المخيم انقلبت بشكل جوهري، حيث انتقلت من الوحدات المخيم إلى الوحدات نادي كرة القدم.

وأضاف أبو خليل في حديث لـ “قدس برس”، أن هذا التحول كان كافيًا للحفاظ على تلك الرمزية، ولكنها لم تكن كافية للحفاظ على المخيم ذاته.

وأردف: “فهو المخيم الذي شهد أسرع حالة هجرة وتفريغ طوعي، ليتحول في العقدين الأخيرين، وبوتائر سريعة، الى مأوى للعمال الوافدين والفئات التي تجد نفسها مقصاه عن المدينة لأسباب مختلفة”.

وبيّن أن شوارع المخيم، تحولت الى أكبر سوق شعبي في عمّان، كما تحول قسم كبير من بيوته لمشاغل ومعامل صغيرة، ومركز للقطاع غير الرسمي الذي تضخم كثيرًا في العاصمة.

اللاجئون ما زالوا متمسكين بحق العودة

ورغم أن الكثير بات يعتقد أن مخيم الوحدات تحول إلى حيّ للعمال الوافدين والمهمشين وسوق وفضاء للمشاغل والنشاطات غير القانونية، حيث تركه سكانه الفلسطينيون من أجل الإقامة في ملكيات عقارية توصلوا إلى امتلاكها في المناطق المجاورة وأحياء عمان الشرقية وبعض الغربية.

ولا تتفق الباحثة في شؤون اللاجئين بيان عبد الله، مع وجهة النظر هذه، وترى أن أبناء المخيم من اللاجئين أو من غادروه ورغم امتلاكهم الجنسية فإنهم مازالوا متمسكين بحق العودة والهوية الفلسطينية.

وقالت عبد الله في حديث لـ “قدس برس”، إن هاجس العودة مازال يشغل كل الفلسطينيين، فحتى رمزية نادي الوحدات تم اشتقاقها من المخيم، ويمكن أن نلاحظ ذلك في أهازيج مشجعي النادي.

وتعتقد أن مخيم الوحدات ورغم التطورات الكبيرة التي لحقت به، إلى أنه يشكل حالة فريدة في قصة اللجوء الفلسطيني، فهو اللاجئ الذي يتمتع بكامل حقوقه في بلد اللجوء، ويستطيع العمل والعيش بشكل طبيعي، ولكنه مازال متمسكًا بحلم العودة.

وأشارت الباحثة بيان إلى أنه ليس على اللاجئ الفلسطيني أن يعيش في خيم، ومكاره صحية وبيئية أو في مكان محدد حتى يثبت أنه لن يتخلى عن بلده.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى