من أين أتيت يا عمر بكل هذه الشجاعة والبطولة والرجولة، بينما اكثر من هم في عمرك لا يهمهم إلا كل ما هو شخصي وشبابي ودنيوي خاص ؟
من أين أتيت، وأي رحم انجبك وأنت من وَلِد وجاء في عصر الذل والهوان الاوسلوي، الابن اللقيط لكامب ديفيد كما وادي عربة ؟
ومن أين أتيت يا عمر، ومن أي نور اقتبست كل تلك القيم والمبادئ التي نفذت بها عشقك وعشق كل عربي لديه ذرة من الكرامة؟
يا عمر جئت إلينا ببصيرة القائد الذي رأي ويرى ما تعانيه أمته وشعبه، وفيك قبس من شباب أسامة ابن زيد عندما ولاه رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام قيادة الجيش وهو ابن الستة عشر عاما ، وفيك منهج وشجاعة الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجه ومبدئيته بالحق ، وثورة أبي ذر الغفاري وشجاعة وإقدام الزعيم جمال عبد الناصر وهو يقاوم العدوان الثلاثي مطلقاً صرخته الخالدة: سنقاتل ولن نستلم أبدا لآخر نفس، وبعد ذلك طارد الاستعمار في كل بقاع الوطن العربي والقارات الثلاثة، كما اعترف قادتها بفضله وعلى رأسهم الزعيم الإنسان نيلسون مانديلا وهوجو شافيز وغيرهما.. وكان خيارك الابي كيف تشكل قدوة وقوة مثال، وكيف تكون عبقرية القيادة والعمل الفدائي والجهادي .
لقد كانت عملية سلفيت الفدائية بقتل أحد قطعان جيش العدو والاستيلاء على سلاحه وقتل مستوطن مرتزقة عملية اسطورية، وفي كل فصل منها كنت تعلم أنك قد تستشهد نفس اللحظة أو حتى قبلها، ولكنك جازفت وتوكلت على الله وعزيمة الابطال .
عندما قمت بتلك العملية البطولية كنت تعلم أنك أصبحت شهيدا، والعدو وقطعانه لن يتركوك وأصبحت دون أمة العرب الــ300 مليون خطرا على ما يسمونه أمنهم القومي .
ربما كان هدفك أن تصحى أمة 300 مليون عربي ، وأن يتوقف المارقون في سلطة اوسلو عن ادمان الذل والهوان والتنسيق مع العدو الصهيوني المجرم ، ولكن ما توقعته لم يتحقق، ومن خُلق للزحف لا يمكن أن يكون طيارا .
وبعد تلك العملية العظيمة التي نفذتها دخلت التاريخ من أوسع الأبواب وأكثرها شرفا ، فقد العدو الصهيوني أعصابه وفقدت السلطة الاوسلوية أعصابها أيضا ، وارتجف قطعان مسئوليها خوفا ورعبا على امتيازاتهم الشخصية المرتبطة بالولاء للصهاينة وحراسة أمنهم .
ولم يصل إليك العدو إلا عن طريق الخونة منهم، وقد جهز لك جيشا وأسلحة لم يستخدمها حتى في حروبه مع الجيوش العربية لأنك وحدك جيش ووحدك نسيج ، وبدمائك الطاهرة كتبت لنا رسالة الخلود التي اطلقها سماحة السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله ووالد الشهيد البطل هادي ، الذي سبقك لعالم الخلود ( بأن الكيان الصهيوني أوهن من بيت العنكبوت ) ولكن مشكلتنا مع بني جلدتنا ومن وضعوا أنفسهم في خدمة هذا الكيان .
نتساءل لماذا جرى قتل الجنود الصهاينة وخطفهم في غزه وقيام العدو باستخدام كل قوته العسكرية والأمنية، ولكنه فشل في أن يصل لمقاوم أو يحرر جنديا من قطعانه الأسرى، ولماذا ينجح هذا العدو اللئيم في الضفة الغربية ؟
إن دماءك يا عمر، ومن سبقوك من الشهداء الأفضل منا جميعا، ستكون هي شقائق النعمان وستفرز لنا قادة سيحررون فلسطين ويوحدون الأمة العربية ولو بعد حين .
فأنت أصبحت رغم صغر سنك الرمز والمثل الأعلى، رغم أنك لم تنظر ولم تخرج علينا من الشاشات الزرقاء وغيرها تدعو للنضال والجهاد، ولكنك خرجت كشهاب نجم من قلب الميدان ، وستفخر بك الأجيال القادمة وهذا الجيل الذي سيقول ذات يوم يكفي فخرا إننا من جيل عمر أبو ليلى .
وهنيئا لامك التي أنجبتك، أم الأبطال الصابرة المحتسبة التي تجسد خارطة فلسطين التي تتحدى الأهوال حتى النصر والتحرير.
ولا عزاء لسلطة العار ومن لف لفها على نهج الخيانة والعمالة في كامب ديفيد .