قال رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إن فلسطين لن تكون إلا للفلسطينيين، والدولة الفلسطينية الحرة المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها “القدس الشرقية” آتية لا محالة.
وأضاف عباس في تصريح صحفي له اليوم السبت، بمناسبة ذكرى يوم الأرض الـ 43، “المعاناة التي عاناها شعبنا على مدار 100 عام، والتضحيات الجسام التي قدمها هذا الشعب العظيم لن تذهب هدرًا”.
وتابع: “ذكرى يوم الأرض الخالد، مناسبة لنجدد العهد لشعبنا على التمسك بالثوابت والحفاظ على المقدرات. وبأننا بصمود شعبنا قادرون على إفشال المؤامرات كافة التي تحاك ضده”.
وأردف: “الدولة الفلسطينية الحرة المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية آتية لا محالة”.
هذا وقد أصيب 3 شبان على الأقل، ظهر اليوم السبت، بأعيرة معدنية مغلفة بالمطاط، والعشرات بحالات اختناق خلال قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي لمسيرة سلمية على المدخل الشمالي لمدينة البيرة بمناسبة يوم الأرض، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية، وفا.
وأفاد مراسل “وفا” بأن “جنود الاحتلال أطلقوا الرصاص المعدني المغلف بالمطاط وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع والمياه العادمة اتجاه المشاركين ما أدى إلى إصابة ثلاثة شبان بأعيرة مطاطية والعشرات بحالات اختناق”.
وأضاف أن جنود الاحتلال اعتدوا على الطواقم الصحفية المتواجدة في المكان.
وانطلقت اليوم السبت من قرية قلنديا شمال القدس المحتلة فعاليات لإحياء ذكرى يوم الأرض، وتوجهت مسيرة حاشدة من أمام المجلس القروي باتجاه الاراضي المستهدفة بالهدم والاستيلاء شرق القرية، بمشاركة رسمية وشعبية حاشدة.
وعلى الجانب الاخر، قالت مصادر فلسطينية إن شابين قد أصيبا، اليوم السبت، برصاص الاحتلال شرقي غزة، مع انطلاق مسيرات مليونية الأرض والعودة.
وجاء أن قوات الاحتلال أطلقت قنابل الغاز على المتظاهرين، واعتدت على سيارة إسعاف شرقي غزة.
وبحسب موقع “صحيفة “يديعوت أحرونوت”، فإن شبانا فلسطينيين، في عدة مواقع حدودية، يقومون برشق الحجارة وإلقاء العبوات الناسفة باتجاه السياج الحدودي، في حين ترد قوات الاحتلال بإطلاق النار ووسائل تفيق المظاهرات.
وعلم أن الوفد الأمني المصري وصل إلى مخيم العودة، شرقي غزة، كما وصل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، إلى المكان.
كما علم أن جمعية الهلال الأحمر تعمل بكامل طاقتها في قطاع غزة، بـ 69 سيارة إسعاف، 758 متطوعا وموظفا بالإضافة إلى خمس نقاط طبية ميدانية، ورفع جاهزية مستشفى القدس والأمل وذلك للاستجابة لحالة الطوارئ التي يمر بها القطاع اليوم.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية، إياد البزم، إن وزارة الداخلية والأمن الوطني تنشر 8000 عنصر من كافة الأجهزة الأمنية والشرطية والخدماتية في محافظات قطاع غزة، في إطار مساندتها للجماهير في إحياء فعاليات “مليونية الأرض والعودة”.
وأضاف “رسالتنا في هذا اليوم: نحن مع أهلنا وشعبنا سندٌ وعونٌ لهم حتى نحقق أهدافنا في كسر الحصار والعودة”.
جدير بالذكر ان الفلسطينيين يحيون يوم الـ 30 من آذار/ مارس كل عام ذكرى “يوم الأرض الخالد”، الذي بدأ بمناسبة مصادرة حكومة الاحتلال يوم الثلاثين من مارس/اذار عام 1976، قرابة الـ 21 ألف دونمٍ من أراضي قريتي عرّابة وسخنين، ما دفع الفلسطينيين للقيام بانتفاضة شعبية.
وقد تزامن قرار المصادرة مع حظر التجوال من قبل قوات الاحتلال في قرى؛ سخنين، عرّابة، دير حنا، طرعان، طمرة وكابول، من الساعة الـ 5 مساءً يوم 29 مارس 1976؛ قبل أن يرفض الفلسطينيون القرار ويخرجوا للاحتجاج استجابة لدعوة من “لجنة الدفاع عن الأراضي”.
وبدأت المواجهات مع قوات الاحتلال، عقب اقتحامها لقرى؛ سخنين، كفركنا، عرّابة ودير حنا في الجليل، قبل أن تمتد (المواجهات) إلى الطيبة وطوان وأم الفحم.
وأسفرت عن استشهاد 6 فلسطينيين واعتقال وإصابة المئات، وتراجع الحكومة الاحتلال والتي كان يرأسها حينذاك إسحق رابين، عن قرار المصادرة.
وشهداء يوم الأرض، حينها، هم؛ خير أحمد ياسين (23 عامًا) من عرّابة. ومن سخنين: خديجة قاسم شواهنة (23 عامًا) ورجا حسين أبو ريا (23 عامًا) وخضر عيد خلايلة (30 عامًا)، ومن كفر كنا استشهد الطفل محسن حسن طه (15 عامًا)، بالإضافة للشاب رأفت علي زهدي (21 عامًا) من الطيبة.
وأطلقت دولة الاحتلال على قرار المصادرة في حينه اسم مشروع “تطوير الجليل” وكان عبارة عن عملية تهويد كاملة للمنطقة، ما دفع أهل الداخل الفلسطيني للانتفاضة ضد المشروع.
ومسّ القرار بشكل مباشر نحو 75 في المائة من الفلسطينيين، والذين كانوا يحصلون على عيشهم من الأرض، بالإضافة لكونها مصدرًا هامًا لانتمائهم للمكان. وبقيت الأرض تلعب دورًا هامًا في حياة 156 ألف فلسطيني عقب قيام دولة الاحتلال بعد حرب الـ 1948 أو ما تُعرف بـ “النكبة”.
وتُفيد المصادر الفلسطينية المختصة، بأن الاحتلال صادر ما بين 1948 و1972 أكثر من مليون دونم من أراضي القرى العربية في الجليل والمثلث، إضافة إلى ملايين الدونمات الأخرى التي سيطرت عليها بعيد نكبة 1948.
ويعتبر يوم الأرض حدثًا محوريًا في الصراع على الأرض وفي علاقة المواطنين الفلسطينيين في الداخل بالسلطات الإسرائيلية، إذ أن هذه هي المرة الأولى التي ينظم المواطنون الفلسطينيون في الداخل منذ عام 1948 احتجاجات ردًا على السياسات الرسمية الإسرائيلية بصفة جماعية وطنية فلسطينية.
ويبلغ عدد الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة نحو مليون و700 ألف شخص، ويشكلون نحو 20 في المائة من إجمالي سكان الدولة العبرية، وهم من أحفاد نحو 160 ألف فلسطيني بقوا في أراضيهم بعد اقامة دولة الاحتلال في العام 1948.
وتبلغ مساحة فلسطين التاريخية نحو 27 ألف و700 كيلومتر مربع، حيث تستغل “إسرائيل” نحو 85 في المائة من المساحة الإجمالية للأراضي، فيما لا تتجاوز النسبة التي يستغلها أهل فلسطين 15 في المائة.
وقد بيّن جهاز “الإحصاء المركزي الفلسطيني”، بأن عدد المواقع الاستيطانية والقواعد العسكرية الإسرائيلية بلغ في نهاية عام 2017 بالضفة الغربية 435 موقعًا؛ منها 150 مستوطنة و116 بؤرة استيطانية.
وقال الجهاز (حكومي) في بيان سابق له، إن الاحتلال يُسيطر على نحو 24 في المائة من مساحة قطاع غزة (البالغة 365 كيلومترًا مربعًا)، وأكثر من 90 في المائة من مساحة غور الأردن (والذي يشكل ما نسبته 29 في المائة من إجمالي مساحة الضفة الغربية).
وشهد عام 2018 زيادة كبيرة في وتيرة بناء وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وصادق الاحتلال على بناء حوالي 9 آلاف و384 وحدة استيطانية جديدة، إضافة الى إقامة 9 بؤر استيطانية جديدة.
وأوضح الإحصاء، أن قوات الاحتلال هدمت ودمرت خلال الفترة ذاتها 471 مبنى؛ منها حوالي 46 في المائة بمحافظة القدس بواقع 215 عملية هدم، وتوزعت المباني المهدومة بواقع 157 مبانٍ سكنية و314 منشأة، وأصدرت أوامر بهدم 546 مبنى في الضفة الغربية والقدس.
وأظهرت معطيات فلسطينية رسمية أن الاحتلال يستغل ما يُقارب الـ 85 في المائة من مساحة فلسطين التاريخية (27 ألف كيلومتر مربع)، مشيرة أنه لم يتبقى للفلسطينيين سوى 15 في المائة فقط.
ومن الجدير بالذكر أن الفلسطينيين اعتادوا على إحياء هذه الذكرى منذ 43 عامًا، بسلسلة من الفعاليات والأنشطة خاصة في المناطق المصادرة أو المهددة بالمصادرة (..) يتخللها زراعة أشجار واستصلاح أراضٍ، ناهيك عن الفعاليات المختلفة داخل المدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية في الداخل الفلسطيني المحتل وفي الشتات.
وقد تميزت الذكرى الـ 42 ليوم الأرض (العام الماضي 2018) بانطلاق فعاليات مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار السلمية على الحدود الشرقية لقطاع غزة، والمستمرة حتى يومنا هذا.
ويستعد الفلسطينيون في قطاع غزة للمشاركة في “مليونية العودة والأرض وكسر الحصار” يوم السبت المقبل في ذكرى يوم الأرض الـ 43، ومرور عام على مسيرات العودة وذلك بالتوجه إلى الحدود الشرقية للقطاع غزة.
وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية، بأن 266 فلسطينيًا استشهدوا في العام الأول لمسيرات العودة في حين أصيب أكثر من 30 ألف آخرين.
وأوضحت في الإحصائية التفصيلية للإصابات شرقي قطاع غزة خلال العام الأول في المسيرات، أن 30 ألفًا و398 مواطنًا أصيبوا بإصابات مختلفة، منها 16 ألفًا و27 إصابة تم تحويلها للمستشفيات.
وذكرت أن من الشهداء 50 طفلًا، و6 إناث ومسن واحد، مشيرة إلى أن من الإصابات التي وصلت للمستشفيات 3175 طفلًا، 1008 سيدات.
ونوهت الصحة الفلسطينية إلى أن 536 إصابة خطيرة، و6843 متوسطة، 8266 طفيفة.
ويشارك الفلسطينيون منذ الـ 30 من آذار/ مارس 2018، في مسيرات سلمية، قرب السياج الفاصل بين قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، للمطالبة بعودة اللاجئين إلى مدنهم وقراهم التي هُجروا منها في 1948 وكسر الحصار عن غزة.
ويقمع جيش الاحتلال تلك المسيرات السلمية بعنف، حيث يطلق النار وقنابل الغاز السام والمُدمع على المتظاهرين بكثافة. ما أدى لاستشهاد 278 مواطنًا؛ بينهم 11 شهيدًا احتجز جثامينهم ولم يسجلوا في كشوفات وزارة الصحة الفلسطينية، في حين أصيب 31 ألفًا آخرين، بينهم 500 في حالة الخطر الشديد.