اثارت العلاقة الملتبسة بين تركيا وتنظيم داعش ، على مدار السنوات الماضية، جدلا كبيرا، في ظل اتهامات كثيرة تفيد بأن الصف القيادي في التنظيم الجهادي له صلات متقدمة بمسؤولين أمنيين أتراك.
وتقول أوساط سياسية متابعة إنه مع اقتراب قوات سوريا الديمقراطية من حسم المعركة ضد تنظيم داعش في آخر جيب يتحصن فيه قرب الحدود مع العراق، ستتكشف الكثير من الحقائق حول طبيعة العلاقة بين أنقرة وداعش، سواء من خلال الوثائق التي يخلفها التنظيم أو في اعترافات عناصره، على غرار ما كشف عنه أبومنصور المغربي خلال مقابلة استمرت 5 ساعات مع باحثين من المركز الدولي لدراسة التطرف العنيف في فبراير/شباط الماضي.
ووجهت لأنقرة اتهامات كثيرة بدعم تنظيم داعش من خلال تسهيل مرور مقاتليه عبر أراضيها إلى سوريا، ودعم التنظيم ماليا عبر شراء النفط من مناطق شرق الفرات التي كانت تحت قبضته.
وتسلط تصريحات القيادي في داعش أبومنصور المغربي الضوء على مدى تطور العلاقة بين التنظيم وتركيا.
وحسبما أفادت “هوم لاند سيكيوريتي توداي” الأميركية، فقد أكد أبومنصور أنه كان يعمل سفيرا للمنظمة الإرهابية في تركيا حيث التقى بمسؤولين رفيعي المستوى في جميع الفروع الأمنية للحكومة التركية، حتى أنه كان على وشك لقاء الرئيس رجب طيب أردوغان.
وقال أبومنصور وهو مهندس مغربي انضم إلى تنظيم داعش في سوريا عام 2013 في المقابلة “كانت مهمتي هي توجيه العملاء لاستقبال المقاتلين الأجانب في تركيا”، مشيرا إلى شبكة من الأشخاص، ممولين من قبل داعش، والذين سهّلوا سفر المقاتلين الأجانب من إسطنبول إلى المناطق الحدودية مع سوريا، مثل غازي عنتاب وأنطاكيا وشانليفة، “وكان يتم الدفع لمعظمهم من قبل تنظيم داعش”.
وذكر القيادي في التنظيم أن “العديد من رجال داعش يعيشون في تركيا، أفرادا وجماعات، لكنهم ليسوا مسلحين”. وعند سؤاله عن أسماء من الحكومة التركية اجتمعت مع عناصر داعش، قال أبومنصور “كانت هناك فرق تلتقي بأعضاء التنظيم، بعضها يمثل المخابرات التركية والبعض من الجيش التركي”. وأضاف “كانت معظم الاجتماعات في تركيا في مواقع عسكرية.. وأحيانا نلتقي كل أسبوع”. وأوضح أن معظم الاجتماعات كانت قريبة من الحدود، بعضها في غازي عنتاب وجزء منها في أنقرة.
وقدم أبومنصور شرحا حول كيفية التقائه بمسؤولين حكوميين في أنقرة، حيث قال “مررت بالحدود وسمحوا لي بالمرور، كان الأتراك يرسلون إلي سيارة كل مرة وتحت حمايتهم، وكان فريق مكون من شخصين أو ثلاثة أشخاص يرافقني دائما، لقد كنت مسؤولا عن فريقنا معظم الوقت”.
وأوضح أن المصالح المشتركة كانت الموضوع الأهم في الاجتماعات التي عقدوها، مشيرا إلى أنه “شيء جديد عندما تنشئ دولة وتفصلها عن العالم الخارجي، المفاوضات لم تكن سهلة، وكانت تستغرق وقتا طويلا”. وامتد التمثيل “الدبلوماسي” لأبومنصور، نيابة عن التنظيم، ليصل إلى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان نفسه، حيث قال “كنت على وشك مقابلته لكن لم يحصل” مضيفا “قال لي أحد ضباط مخابراته إن الرئيس يريد أن يراك على انفراد، لكن هذا لم يحدث”.