برلمان للتشريع ام منبر للتشكيك والتخوين

في تقاليدنا العربية المتوارثة ان للبيوت حرمات وطقوسا واعرافا متعارفة بين الناس، ومن هذه الاعراف الاحترام للمكان والانسان.

البرلمان مجازاً هو بيت الشعب الاردني الكبير يلج اليه ابناؤه من كل فج من ربوع الوطن طلبا لرفع الظلم او تحقيق خدمة منقوصة في مناطقهم. لهذا فان كل من يدخل هذا البيت زائرا مؤقتا او مقيما دائما، عليه ان يلتزم بتقاليده واعرافه المتوارثة جيلاً  بعد جيل.

داخل هذا البيت تشرع القوانين الناظمة لحياتنا المدنية، ومن تحت قبة البيت تخرج الوزارات بفرحة الثقة – ثقة الشعب – ومن جنبات البيت تبنى تقاليد واعراف برلمانية، كل جيل يضع لمساته على جزء منها حتى يكتمل بناء النهج الديمقراطي لدولتنا الاردنية الحديثة التي اختارت وبتصميم ارادة الحوار السلمي مفتاحا للاصلاح والتغيير الايجابي نحو مستقبل اكثر اشراقا ورفعة.

لقد اختار ابناء الوطن التغيير نحو الافضل بالكلمة الصادقة والجريئة، وليس  بالرصاصة القاتله للفرد والجماعة.. اختاروا لغة العقل على لغة العواطف  وسار الاصلاح رويدا رويداء وباسلوب حضاري نافس بعض الدول في التغيير نهجا وسلوكا، واصبحت التجربة الاردنيه في التغيير والاصلاح مضرباً للامثال على حكمتها ودرايتها ببواطن التغيير الايجابي.

ما يجري تحت القبة وفي اروقة بيت الشعب من سلوكيات وكلمات هابطه شىء مرفوض بسطا ومقاما ونهجا لا اخلاقيا ولاقانونيا ولاحضاريا.. انه عمل مدان من قبل كافة ابناء الاسرة الاردنيه الواحدة الموحدة، فهذا السلوك المرفوض ليس له مثيل اونظير في حياتنا البرلمانية او السياسية (لقد اطاع هؤلاء النواب بتصرفاتهم غضبهم فاضاعوا ادبهم).

هذا البرلمان هو بيت الشعب الاردني.. هذا بيت ارادتهم الجمعية، وهذا بيت تشريعهم الاول والاخير، وقبل هذا وذاك هذا – بيت الامن والطمانينه – يحج اليه ابناء الوطن من كل فج عميق، طلبا للعون والمساعدة، وبالتلي لايمكن بأي حال من الاحوال ان يصبح تارة مكانا للعراك البدني والاكشن بالسلاح، واخيرا بعبارات التخوين والتهبيط للجهود الوطنية والشعبية في دعم القضية الفلسطينية التي هي قضيتنا المركزية الاولى والتي لاتحتاج الى دليل على ذلك .

نريد من مجلس النواب ان يكون مكانا للتشريع ضد القتل، لا ساحة للاقتتال والتصراع والتنابز بعبارات التخوين والعماله، نريد برلمان وطن جامع يصلب جبهتنا الداخلية لصد العاديات والمؤمرات عن الوطن، وليس برلمان حارات وفزعات يكون عبئا ثقيليا على الوطن .

نريد من مجلس النواب ان يكون منبرا لافكار الاصلاح لا حلبة للمصارعة الحرة وتبادل اللكمات والالفاظ النابية. .نريد من نوابنا الافاضل ان يحملوا في سيارتهم مراجع كتب الفقه القانوني والدستوري للنهوض بالتشريع وتحديثه لا ان يخفوا في ذهنيتهم قواميس الشتم والتخوين.. نريد ان نعمر الوطن لا هدم نسيجه الوطني .. نريدكم اولا واخيرا ان تحملوا هموم الوطن والمواطن، لا ان تكونوا عبئا وحملا ثقيلا على كاهل الوطن والمواطن .

ماجرى في المجلس من سلوكيات خاطئه يجب ان تقرع الاجراس بشأنها الان وليس غدا، بان في داخل المجلس اناساً جأءوا بمض الصدفة وجانبوا الصواب..  هؤلاء لايعرفون مدى قدسية هذا المكان وطهر من يريد ان يسكن فيه، فبيت الشعب مكان مقدس له اعرافه وتقاليده صنعها اباؤنا واجدادنا بالجهد المخلص والنوايا الصادقة.. فحافظوا عليها ايها النواب الافاضل كما استلمتموها ، والا عودوا من حيث اتيتم فلم ينلنا منكم، بعد ان حملناكم الى المجلس على اكتافنا، الا يكدر الخاطر ويؤذي المشاعر من خطابات تدوي داخل جنبات بيت الشعب المقدس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى