على خلفية الركود الاقتصادي الراهن.. تفاقم ازمة البطالة في تركيا

 

تسارعت وتيرة الأرقام الرسمية التي تكشف حجم الخراب في الاقتصاد التركي بقفزة قياسية في أعداد العاطلين بعد أيام على إعلان سقوط الاقتصاد في قبضة الركود وانكماش الناتج الصناعي، في وقت يؤكد المحللون أن البيانات الرسمية مضللة ولا تكشف عمق الأزمات الاقتصادية.

وقد تلقت التصريحات والوعود الاستعراضية التي يواصل إطلاقها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضربة جديدة من قبل البيانات الرسمية، التي أكدت ارتفاع البطالة إلى أعلى مستوياتها منذ فبراير/شباط 2010.

وأظهرت بيانات مكتب الإحصاء التركي (تركستات) ارتفاع معدل البطالة في ديسمبر الماضي إلى 13.5 بالمئة في مؤشر على تفاقم الأزمة الاقتصادية واتساع تأثيرها على الشركات التي أفلست الآلاف منها.

وتعتبر حالة الاقتصاد موضوعا أساسيا بالنسبة للناخبين، في ظل استمرار ضعف الليرة التركية وبقاء معدل التضخم قرب 20 بالمئة وسعر الفائدة الرئيسية عند 24 بالمئة، الأمر الذي يدفع الطلب لمزيد من التباطؤ، الذي يعمق بدوره حفرة الركود.

وتشير بيانات مكتب الإحصاء إلى أن معدل البطالة قفز في ديسمبر بنسبة 3.1 بمقارنة سنوية ليصل عدد العاطلين في تركيا في نهاية العام الماضي إلى 4.3 مليون عاطل بزيادة قدرها مليون شخص عن العام السابق.

وتأتي تلك البيانات بعد يوم واحد على إعلان مكتب الإحصاء الحكومي عن انكماش حاد للناتج الصناعي التركي في يناير الماضي وبنسبة بلغت 7.3 بالمئة بمقارنة سنوية وشمل ذلك جميع قطاعات التصنيع والتعدين وإنتاج الطاقة.

ويرى محللون أن دخول الاقتصاد التركي في مرحلة الركود للمرة الأولى منذ عشر سنوات، يمثل ضربة شديدة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وقد تقوض حظوظ حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البلدية نهاية الشهر الجاري.

وتزعزعت ثقة أسواق المال بالاقتصاد التركي بدرجة كبيرة العام الماضي نتيجة تدخلات أردوغان في السياسة المالية، إضافة إلى سياساته الخارجية التي أفقدت تركيا معظم أسواق المنطقة وأربكت علاقاتها مع الدول الغربية.

وقال رئيس اتحاد العاملين المستقلين محمد بيرقدار إن “عدد خريجي الجامعات العاطلين بلغ رقما رهيبا وهو مليون شخص، وهو ما يعني أن التعليم الجيد لم يعد كافيا للحصول على العمل في تركيا”.

وأكد إيسار كاراكاش، الكاتب في موقع “أحوال تركية”، أن أوضاع سوق العمل أخطر مما تظهره البيانات الرسمية لأنها لا تشمل الكثير من الشباب العاطلين وكذلك الباحثين عن العمل غير المسجلين في المكاتب الحكومية.

وأشار إلى أنه لو كان جميع أولئك العاطلين مسجلين في نظام التأمين ضد البطالة فإن نسبة البطالة وعدد العاطلين ستصل إلى مستويات أكثر خطورة. وقال إن مشكلة البطالة المزمنة تشكل أرضية خصبة لتفاقم مشاكل اجتماعية خطيرة.

ويرى الكاتب الاقتصادي التركي أكرم أوناران، أن البيانات الرسمية المتعلقة بالعمالة والبطالة غالبا ما يتم إخفاؤها عبر جداول تنطوي على كثير من التضليل. وعند تحليلها بعين متخصصة تظهر الفجوة ما بين البطالة الحقيقية وأرقام البطالة الرسمية.

ويضيف في مقال في موقع “أحوال تركية” أن الغموض يهيمن على بيانات التوظيف في ظل وجود ما يزيد على 6 ملايين عاطل عن العمل في وقت تتقلص فيه الفرص الاقتصادية بوتيرة متسارعة.

وتشير تقديرات الخبراء إلى وجود ما يقارب 5 ملايين عاطل لا تعتبرهم الدولة عاطلين عن العمل. وقد فقد جزء كبير منهم الأمل في العثور على فرصة عمل.

ويعطي عدم إدراج كل أولئك العاطلين في البيانات الحكومية أرقاما مضللة. ويمكن لإضافتهم أن ترفع عدد العاطلين إلى 9 ملايين شخص أي أكثر من ضعف الأرقام الرسمية، وهو ما يمكن أن يرفع معدل البطالة الفعلي إلى نحو 28 بالمئة.

وأبرز مشاكل سوق العمل التركية تكمن في العمالة غير الرسمية واستغلال العمال وخاصة الإناث وتشغيل الأسر بدون أجر، إضافة إلى البطالة المرتفعة الطويلة الأمد وخاصة بين الشباب وخريجي الجامعات.

وتشير بيانات معهد الإحصاء التركي إلى أن نسبة البطالة بين الشباب الحاصلين على مؤهلات دراسية جامعية بلغت 12.8 بالمئة العام الماضي.

ويؤكد المراقبون أن الرقم الحقيقي أكبر بكثير، لأن البيانات الرسمية تقتصر على الخريجين الذين يسعون للحصول على وظيفة عبر معهد العمل التركي، وهو الجهة الحكومية المسؤولة عن التوظيف في البلاد.

وجدد أردوغان الجمعة تجاهله للبيانات رغم أنها رسمية حكومية، وأكد أمس أن تركيا تجاوزت الأزمات الاقتصادية. وأطلق وعودا جديدة بإجراء إصلاحات هيكلية في أبريل لتعزيز إعادة التوازن الاقتصادي.

وقال في مقابلة مع محطة تلفزيونية محلية، في إطار حملة حزب العدالة والتنمية للانتخابات البلدية نهاية الشهر الجاري، إن اقتصاد تركيا سيعود إلى النمو في الربع الثاني من العام، رغم إجماع المحللين على صعوبة الخروج من قبضة الركود.

ويرجح محللون أن يستمر الانكماش في الربع الأول من العام الحالي في ظل مستويات التضخم التي بلغت في فبراير/شباط 19.67 بالمئة وارتفاع تكلفة الاقتراض التي تقوض نشاط جميع القطاعات الاقتصادية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى