9 مارس/ آذار 1969 “استشهاد عبد المنعم رياض” يوم الشهيد

يفنى الجسد , وتبقى الروح تحوم فى سماء الكون , تتلأ لأ على مدار الأيام والسنين تدوم , تذكر الأجيال كل عام فى ذكرى صعودها الى العلا , بالبطولة والشهامة وملاقاة الأعداء والذود عن الأوطان من أجل أن تعيش الأجيال مرفوعة الهامة , قادرة على التقدم والأستقامة , مغردة بأسم الشهيد مرددة , يا شهيد العلا ورمز الفداء , أنزلوك التراب , وأنت فى نهر الجنة ترتوى شهدا عذبا زلالا, تضىء لنا طريق النصر على الأعادى فى كل يوم غادى .

يبقى على الدوام التاسع من مارس 1969 يوماً مشهوداً فى التاريخ المصرى والعربى والأنسانى , ذلك اليوم الذى جسد البطولة فى أرقى معانيها والشهادة فى قمة مراميها , فالعصر الحديث لم ير لقيادة الجيوش أن تقود اِلا من خلال غرفة قيادة بعيدأً عن أرض المعركة توجه وتخطط من خلال شبكة عمليات واتصالات معقده , لكن شهيدنا وقد اكتوى بنار التآمر , والاِحالة بينه وبين ملاقاة العدو الغادر فى حرب الأيام الستة , حين ابعده العملاء هناك, بالتأمر مع عبد الحكيم عامر وشمس بدران ومع من حكم الاردن فى السابق , لكى يغيب النهار وتأتى لحظة الغروب تتخبىء ورا ظهر الشجر.

أبداً بلدنا للنهار بتحب موال النهار لما يعدى فى الدروب ويغنى قدام كل دار , رويداً رويداً بدا النهار ولاح بعودة عبد المنعم رياض الى الدار , بأوامر حارس الدار , جمال عبد الناصر , حيث تصدى فى عز الانكسار للعدو فى رأس العش وأنتصر , وأعاد بناء ما انكسر , وفاق كل التوقعات حين تجاوز النكسه وعبر مرات ومرات ومن جنود العدا خطف , ودمر كل الدشم الحصينة لخط بارليف , وتطور الى ردع العدو , وخطط لتحرير الأرض فوضع جرانيت كخطط , وعلى ذلك تقدم بين جنوده فى أقرب نقطه مع العدو يشاهد بنفسه كيف ان العدو اندحر وأطمأن , وطالته القذائف حين انهمرت على موقعة المتقدم , فسالت دمائه تروى الأرض , وتسقى العطشى للتحرير حتى كانت لحظة العبور الكبير فى 6 أكتوبر 1973.

حين أشاروا عليه أن يعلن نبأ استشهاد عبد المنعم رياض فى حادث سير ( حتى لايفرح العدو) رفض جمال عبد الناصر معلنا أنه يشرف روح رياض أن تصعد الى بارئها وسط جنوده من أرض المعركه , ليجسد البطولة والشهادة فى أبهى معانيها ونعاه عبد الناصر بدمه ودموعه ,وصار خلفه وسط هتاف الجماهير ” رياض , رياض ,ممتش , الحرب لسه منتهتش “.

أستشهاد عبد المنعم رياض مَثَل الشهادة الحقة بكل مغزاها ومعناها لا كما يسفه معناها الآن , فالرجل مات وهو يواجه عدو الله والانسانية (العدو الصهيونى) المغتصب والمعتدى على أمتنا العربية , والرجل أستشهد وسط جنوده يشاركهم مواجهة العدو على خط النار ويزيد بأن يتقدمهم فى أقرب نقطة تماس مع العدو – والرجل كان قد ساهم بنصيب الأسد فى وضع الخطط التى تزيل آثار العدوان وتحرر سيناء وتتقدم , لذا كانت شهادته تجسيداً حياً لكل الشهداء الذين خضبوا بدمائهم تراب الأرض العربية فى مواجهاتهم للعدو الصهيونى على مدار السنين، وفى كل الحروب من 1948 الى 1973 والى الآن فى فلسطين وجنوب لبنان وسوريا , لذلك صار يوم استشهادة فى 9 مارس (آذار) يوما لكل الشهداء .

لكن روح الشهيد عبد المنعم رياض تتأذى حين نستحضرها الآن احتفاء بها وبروح كل الشهداء , وهى تطل من خلال نصبها التذكارى المتجسد فى تمثال له يتوسط ميدان سمى بأسمه فى قلب القاهرة , لترى على مقربة منه وعلى ضفاف النيل , سفارة العدو الصهيونى تحتفل فى العام الماضى بماسمى قيام دولة اسرائيل (الذى هو يوم النكبة) ويشاركها حفل الخمور مع السفير الصهيونى عملاء تسموا مصريين يفرقعون الكاسات ويهدرون دماء الشهداء .

لكن الشرفاء من شعبنا العربى يدركون أن الشهداء احياء عند ربهم يرزقون , تستلهم منهم الروح والأمل ,والسير على منوالهم وحرمة المساس بقيمهم وما استشهدوا من اجله ,حتى يتحقق الهدف الذى استشهدوا من أجله وهو تحرير فلسطين من الغاصب الصهيونى, وعودة شعبنا الفلسطينى الى دياره , والى أن يتحقق ذلك ستظل ارواح الشهداء، وروح الفريق عبد المنعم رياض ، وروح جمال عبد الناصر , تحوم حولنا تذكرنا بالبطولة والشجاعة وأنكار الذات .

وهنا يعزف البروجى نوبة رجوع، فاللحن حزين لكنه يتصاعد بأرواح الشهداء الى السماء لتعيش رغد الجنان وتسير بجندولها فى الروان والريان , ولايسعنا الآن فى هذا الزمن- الذى تباع فيه الأوطان لتقلب العدو الصهيونى الى أحر الأصدقاء أهدرا لدماء الشهداء وخيانة لأرواحهم الطاهرة – الا ان نتساءل : متى يعزف البروجى نوبة الصحيان , حتى تعود ارواح الشهداء الى الضياء ؟ !.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى