“خطة ترامب” تتجاهل معادلة “الأرض مقابل السلام” وتستبدلها بمعادلة المال (الخليجي) مقابل السلام

 

أفادت صحيفة “نيويورك تايمز”، ان “خطة السلام” للحكومة الأمريكية المعروفة باسم “صفقة القرن” ستشمل استثمار 25 مليار دولار في الضفة الغربية وقطاع غزة على مدار الـ 10 سنوات القادمة، بالإضافة إلى ذلك، تعمل الحكومة الأمريكية على استثمار 40 مليار دولار في الأردن ومصر ولبنان.

وأضافت الصحيفة، ان المبالغ قد تكون مختلفة، لكن بشكل عام، هي “عشرات المليارات من الدولارات”، وان الأموال لن تأتي فقط من الولايات المتحدة، ولكن بشكل أساسي من “الدول الغنية في المنطقة”.

ومن جهة أخرى، ذكر مصدران في الخليج لوكالة “رويترز”، أن مواقف كوشنر إزاء تسوية النزاع لم تتغير منذ جولته الإقليمية السابقة في يونيو / حزيران الماضي، وهو لا يزال يركّز غالبا على النواحي الاقتصادية على حساب مبدأ “الأرض مقابل السلام” والذي كان على مدى وقت طويل أساسا للموقف العربي حيال تسوية النزاع.

وأشار المصدران، إلى أن خطة السلام التي جاء كوشنر بها إلى الخليج لا تراعي المطالب العربية المطروحة سابقا، بخصوص وضع مدينة القدس وضمان حق العودة للفلسطينيين، بالإضافة إلى مسألة الاستيطان.

وأضاف أحد المصدرين، أن صهر ترامب، صاحب في المجال العقاري وليس على الصعيد الدبلوماسي، “يسعى إلى إبرام صفقة أولا، ثم التوافق على تفاصيلها”، لافتا إلى أن مشروع السلام الأمريكي يتطلب استثمارات ملموسة من دول الخليج.

وأشارت الوكالة، إلى أن الخطة الأمريكية تستدعي قلق بعض حلفاء واشنطن العرب، لا سيما الأردن الذي يصر على ضرورة أن يشمل أي مشروع سلام قضية القدس.

وقال المصدر الخليجي، إن الأمريكيين “لا يزالون يعرضون مختلف الأفكار والسيناريوهات، لكن يبدو أنهم لم يتوصلوا بعد إلى المعايير النهائية لخطة السلام”.

وكان مستشار البيت الأبيض جاريد كوشنر قد زار هذا الأسبوع عددا من دول الخليج المتحالفة مع الولايات المتحدة لحشد الدعم لخطته التي لم يعلن عنها بعد بشأن السلام في الشرق الأوسط والتي تشير بعض تفاصيلها المسربة إلى أنه لم يتحقق تقدم يذكر فيما يتعلق بالوفاء بالمطالب العربية.

وقال مصدران في الخليج لرويترز يوم امس الأربعاء إن منهج كوشنر لإنهاء الصراع الإسرائيلي -الفلسطيني لم يحقق تقدما على ما يبدو منذ جولته السابقة في المنطقة في شهر يونيو حزيران، إذ أنه ركز إلى حد بعيد على مبادرات اقتصادية على حساب اتفاق الأرض مقابل السلام الذي يعد محوريا بالنسبة للموقف العربي الرسمي.

ويرفض الفلسطينيون مناقشة أي مخطط للسلام مع الولايات المتحدة منذ اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في عام 2017 بالقدس عاصمة لإسرائيل، كما أعلن عدد من الزعماء العرب رفضهم لأي اتفاق لا يتناول وضع القدس أو حق اللاجئين في العودة.

والتقى كوشنر، وهو صهر الرئيس ترامب، بزعماء الإمارات والبحرين وسلطنة عمان هذا الأسبوع، ووصل إلى تركيا يوم امس الأربعاء.

وقال البيت الأبيض إن كوشنر أجرى محادثات مع ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان يوم امس الاول الثلاثاء تناولت ”زيادة التعاون“ بين الولايات المتحدة والسعودية وجهود السلام في الشرق الأوسط.

وقال أحد المصادر، طالبا عدم نشر اسمه، إن الخطة التي عرضها كوشنر هذا الأسبوع لم تأخذ في الاعتبار على ما يبدو المطالب العربية التي جرى إقرارها سابقا بشأن وضع القدس وحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة والمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة.

وبموجب مبادرة السلام العربية التي طرحتها السعودية في عام 2002، عرضت البلدان العربية تطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل اتفاق مع الفلسطينيين على إقامة دولة والانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي التي احتلتها عام 1967.

وقال المصدر إن كوشنر، وهو مطور عقاري قليل الخبرة بالدبلوماسية الدولية والمفاوضات السياسية، أراد إبرام اتفاق أولا ومن ثم الاتفاق على التفاصيل.

وأضاف المصدر أن الخطة تتضمن مساهمة مالية ”كبيرة“ من دول الخليج لكنه لم يوضح أي تفاصيل.

وقد بدد الملك سلمان مخاوف العرب من احتمال دعم السعودية لاتفاق أمريكي ينحاز لإسرائيل فيما يتعلق بالقضايا الرئيسية، وذلك بعدما أشارت تقارير إلى أن ولي عهده المقرب من كوشنر ضغط على الرئيس الفلسطيني محمود عباس من أجل دعم جهود الإدارة الأمريكية.

كان اجتماع كوشنر مع الأمير محمد يوم امس الاول الثلاثاء هو الأول منذ مقتل الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في مدينة اسطنبول التركية في شهر أكتوبر تشرين الأول. وأثار مقتل خاشقجي غضبا عارما وأضر بصورة ولي العهد.

ويصر الأردن، وهو حليف للولايات المتحدة معظم سكانه من نسل الفلسطينيين الذي فروا أثناء أو بعد قيام إسرائيل عام 1948، على عدم إمكانية تحقيق السلام دون التعامل مع قضية القدس التي يشرف فيها على المقدسات الإسلامية.

وقال مصدر ثان في منطقة الخليج ”لا يزال الأمريكيون في مرحلة عرض أفكار وسيناريوهات متعددة، لكن لا يبدو أنهم توصلوا حتى الآن إلى عناصر نهائية للخطة“.

وأضاف ”هم يعلمون أن هناك أمورا تتعلق بالوضع النهائي غير مقبولة سواء بالنسبة للحلفاء في المنطقة أو الفلسطينيين“، في إشارة إلى السعودية ومصر والأردن.

وكوشنر مسؤول عن السياسة الإسرائيلية الفلسطينية منذ نحو عامين، لكنه لم يعلن حتى الآن تفاصيل محددة بشأن الجهود الأمريكية التي أطلق عليها ترامب ”صفقة القرن“.

وقال كوشنر في مقابلة يوم الاثنين الماضي إن واشنطن ستطرح خطتها للسلام بعد الانتخابات الإسرائيلية المقررة في التاسع من أبريل/ نيسان. ومرت مواعيد محددة سابقا دون أي إعلان.

وأضاف أن الخطة ستبني على جهود سابقة، منها اتفاقات أوسلو في التسعينات التي شكلت حجر أساس لدولة فلسطينية، وأنها ستحل مسائل الحدود وقضايا الوضع النهائي. لكنه لم يذكر تحديدا دولة فلسطينية.

وفي هذا السياق أعلن البيت الأبيض، امس الأربعاء، أن كوشنر قد اجرى في الرياض امس الاول الثلاثاء محادثات مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، وذلك في إطار جولة إقليمية يرمي من ورائها إلى حشد التأييد لخطة واشنطن لحل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.

وهذا أول اجتماع لكوشنر مع العاهل السعودي ونجله منذ قُتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول في تشرين الأول/أكتوبر الفائت في جريمة لطّخت صورة المملكة في العالم.

وقالت الرئاسة الأميركية في بيان مقتضب إنّ كوشنر والمسؤولين السعوديين “ناقشوا، بناء على المحادثات السابقة، تعزيز التعاون بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وجهود إدارة ترامب لتسهيل السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين”.

ورافق كوشنر كل من جيسون غرينبلات، المبعوث الأميركي للسلام في الشرق الأوسط، وبراين هوك، الممثل الأميركي الخاص إلى إيران. وخلال مؤتمر حول الشرق الأوسط عقد في وارسو منتصف شباط/فبراير تطرّق كوشنر في جلسة مغلقة إلى الخطة الأميركية للسلام في الشرق الأوسط والتي ستكشف عنها إدارة ترامب رسمياً بعد الانتخابات الإسرائيلية المقررة في 9 نيسان/أبريل.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى