انسحاب مخزٍ لمسلحي “داعش” بسيارات شحن المواشي من آخر جحورهم ببلدة باغوز السورية

نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية، اليوم الخميس، تقريرا حول انهيار آخر معاقل تنظيم “داعش” في سوريا.

ووصفت الصحفية مشهد انسحاب آخر عناصر التنظيم من مدينة باغوز السورية (على الحدود العراقية)، في سيارات قالت إنها “تستخدم لنقل الماشية”، حيث خبأوا وجوههم وهم يمرون قرب المقاتلين الأكراد دون أن ينبسوا بكلمة واحدة بعد سنوات من المعارك بين الطرفين.

وأضافت أن بعض الوجوه الغربية كان من الممكن تمييزها بين المقاتلين المنسحبين من المدينة رغم إخفاء الوجوه، مشيرة إلى أن القوات الخاصة الأمريكية والبريطانية على أهبة الاستعداد لاقتحام المدينة بعد إتمام انسحاب المدنيين و مقاتلي التنظيم الراغبين في الخروج منها.

واوضحت الصحيفة أن العملية تأخرت عدة أسابيع بسبب العدد الهائل من المدنيين الذين بدأوا في التدفق من المدينة إلى خارجها سعيا لتجنب المعارك وذلك بعد أشهر من تزايد أعداد سكان المدينة في الوقت الذي كانت فيه قوات سوريا الديمقراطية المتحالفة مع أمريكا تقاتل التنظيم وتتقدم بمحاذاة نهر الفرات.

واشارت الى أن القادة العسكريين يخشون من أن حفر مئات الأنفاق في المنطقة التي يتمركز فيها عناصر تنظيم داعش وزرع كميات كبيرة من المتفجرات لإعاقة تقدم القوات نحو قلب المدينة.

وأفادت مصادر عراقية في محافظة الانبار، في وقت سابق اليوم الخميس، بأن السلطات الأمنية تتسلم 150 من مسلحي داعش كانوا معتقلين في سوريا لدى قوات سوريا الديمقراطية.

وهكذا وفيما لم يتبق لتنظيم “داعش” في سوريا إلا معقل وحيد متداع في بلدة الباغوز بدير الزور، باتت المعركة الأخيرة قريبة جدا، على الرغم من الأساطير التي روج لها عن معركة كبرى في مرج دابق.

لقد سقطت أحلام هذا التنظيم المتطرف والدموي في أن يقتطع بسكاكينه الجغرافيا، وأن يكتب التاريخ كما يحلو له بعد أن حاول احتكار الحقيقة وخُيل له أنه وصل إلى مرج دايق، لينتصر على العالم كله هناك في آخر معركة.

خابت ظنون هذا التنظيم، وانحشرت فلوله في جيب ضيق بمنطقة “الباغوز” بعيدا عن مرج دابق، وبعيدا عن الأوهام المتبددة في التمكين بالتدمير والحرق وقطع الرؤوس.

وكان مسلحو “داعش” قد سيطروا على بلدة مرج دابق القريبة من الحدود مع تركيا في أغسطس من عام 2014، لغاية واحدة هي رمزيتها، وارتباطها بأسطورة جعلت منها ساحة لمعركة أخيرة، حيث كان التنظيم ينتظرها لتكون، وفق ما روّج له، “منطلقا للجيوش الإسلامية للسيطرة على العالم وقتال الروم”.

التنظيم استمد هذه الفكرة الخيالة التي استغلها لشحذ عزائم مسلحيه من معركة مرج دابق عام 1516 بين قوات السلطان العثماني سليم الأول، وقوات المماليك بقيادة قانصوه الغوري، وحينها انتصر العثمانيون على المماليك، وكانت المعركة بداية تمدد واسع للأتراك العثمانيين.

وتظهر مكانة مرج دابق الخاصة لدى التنظيم من خلال إطلاقه اسم “دابق” على مجلته باللغة الإنجليزية بعد أن سيطر على البلدة عام 2014.

هذه البلدة التي كان يحلم التنظيم أن يخرج منها منتصرا ويتمدد أكثر، خرجت من أيدي مسلحيه في أكتوبر 2016، وتراجعت فلوله متقهقرة عنها، فيما كان مسلحوه يوعدون بأنهم سيصلون إلى روما انطلاقا من مرج دابق.

أما بلدة “الباغوز” حيث يعيش التنظيم أيامه الأخيرة في مساحة ضيقة بريف دير الزور الشرقي، فستقترن على الأرجح بنهاية “داعش” في سوريا وتصبح بمثابة شاهد قبر.

اللافت أن اسم البلدة وفق قواميس اللغة العربية، مصدره “البغز”، ويعني “الضرب بالرِّجل أَو العصا”، وربما يكون هذا التفصيل اللغوي الصغير داخل هذه المأساة الكبرى التي كتب فصولها ولا يزال هذا التنظيم الدموي، علامة فارقة على سخرية الأقدار من أولئك الذين يسيرون على خطى الأوهام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى