ديمقـراطيتكم فــي العراق فـاسـدة ومستبـدة !

بعد أن أعتديتم على بلدنا وحاصرتمونا سنوات طوال ، منعتم عنّا رغيف الخبز وحجبتم حرية التفكير والتعبير والعلم والتعليم والتنقل والإختيار ، وضعتمونا في سجن كبير ، فقدنا الأمن والطمأنينة والسلام ، قتلتم بطائراتكم وصواريخكم وكواتم عملائكم خيرة شبابنا وعلمائنا وأدبائنا والأبرياء من أهلنا ، فجرتم مصانعنا وحرقتم مزارعنا وهدمتم بيوت عامرة على رؤوس ساكنيها ، ولم تكتفوا بذلك ، فقد عبرتم البحار والمحيطات لتغزو بلداً آمناً ، وتسقطوا دولة مهابة وحضارة عريقة ، وتنتهكوا منظومة قيمها الاخلاقية قتلتم الملايين ، ورملتم الملايين ، ويتمتم الملايين ، وشردتم الملايين ، وإجتثثتم فكرهم ووطنيتهم وإنسانيتهم ومنجزاتهم ورموزهم الوطنية والتاريخية ، وفكَّكْتم بعمليتكم السياسية ( الديمقراطية ؟؟ ) مجتمعاً متماسكاً محبّاً لبعضه البعض وزرعتم بين صفوفه العداوة والكراهية والبغضاء ، وأثرْتُم نعرات دينية وطائفية وعرقية ومناطقية وقبلية بعد أن تجاوزها الزمن ، وجئتم بكل قوى الفساد والرِّدة والطائفية والرذيلة والعصابات المسلحة لتحكم شعباً كريماً وتفتك به وتنهب أمواله ، ولتحمي الفساد والمفسدين . في ظل هذه الظروف بات من حق العراقي ومن واجبه أن يسألكم بعد الذي جرى على العراق منذ عدوانكم عام ١٩٩١ وحتى الآن :

هل حقاً إنها عملية ( ديمقراطية ) تلك التي أنشأتموها في العراق ؟؟

وهل إنها حققت شرطاً واحداً من شروط الديمقراطية الحقيقية مثلما يجري في معظم بلدان العالم الحر ؟؟

وهل إنكم فعلاً تفتخرون بهذه العملية وتتمسكون بها وتحرصون على إسنادها وديمومتها ، وهي التي أوصلت العراق الى مقدمة الدول الفاشلة في كل صعيد بعد أن كان دولة ذات مكانة وإعتبار ؟؟

وهل أن مافعلتموه كان لسواد عيون العراقيين أم إنه خطأ كما يعتقد البعض من السياسيين ، أم إنه جزء هام من إستراتيجية الجيل الرابع للحروب القائم على إتباع سياسة الهدم من الداخل والإنهاء والتآكل البطيء والإكراه وعدم الاستقرار التي اعتمدت من قبلكم كوسيلة لبسط النفوذ وإرضاخ الشعوب وإستلابها ونهب خيراتها ؟؟

إن الحديث الآن أيها ( السادة ) ، لايدور عماهو حق وما هو باطل ، وعماهو مشروع أو غير مشروع ، وعماهو خطأ أو صواب ، يقيناً إنكم تعلمون أين الخطأ والباطل وغير المشروع ، وأين يقع سواهم ، خاصة وإن عدد مهم من سياسيي إدارتكم قد إعترفوا بالجريمة وبالكارثة التي نتجت عنها …

لكن السؤال ينصب عن قناعتكم فيما فعلتم بالعراق وشعبه وعن النتائج التي تمخضت عن عمليتكم ( الديمقراطية ) التي أسستموها فيه !!!

– من المؤكد إنكم تعلمون ، في ظلّ العملية ( الديمقراطية ) وفي أجواء الحرية التي يتباهى بها عملاؤكم ، تُعقد الصفقات المخزية وتوزع الحصص على العصابات وتباع المناصب في مزاد علني دون خجل أو إعتبار أو إحترام لقانون أو نظام أو لرادع من ضمير ، وهي القضية الظاهرة التي يعرفها الصغير والكبير ، والقريب والبعيد وباتت قصة يتندر بها الرأي العام المحلي والدولي !!!

– ولن يغيب عنكم وأنتم الدولة العارفة بكل شاردة وواردة إن العملية الديمقراطية التي فرضتموها بقوة السلاح ، صُمّمتْ مع سبق الاصرار على ترسيخ الاستبداد الديني والطائفي والعرقي والمناطقي والعشائري .

وعلى تهيئة الارضيّة لممارسة الفساد المالي والسياسي والاداري والاخلاقي ، ونهب المال العام وتهريبه ، وعلى تنفيذ مخطط خطير لتجهيل وإفقار وإذلال وتخلف الغالبية من الشعب تحت غطاء الدين ، وكان من نتيجتها إرتفاع نسبة الأمية والفقر والمرض والجوع والبطالة لمستويات لم يشهد لها العراق مثيلاً في أخطر مرحلة من مراحل ( القحط ) التي مرّت بتاريخه ، حيث بلغت نسبة الرازحين تحت خط الفقر ( ٥٤ ٪‏ ) ، ومعدل المعطلين عن العمل ( ٤٨ ٪‏ ) من الايدي العاملة .

– وفي ظل هذه ( الديمقراطية ) تنتهك الحريات الخاصة والعامة تلك القيم التي بشّرْتم بها ، وأتخذتم منها واحدة من أسباب الغزو والإحتلال بعدما أنفضحت كذبة مجرمي الحرب ( بوش وبلير ) وحلفاهما في تسويق مبررات الاحتلال الأخرى ، حيث يُقتل المتظاهرون أمام وسائل الاعلام وأمام الرأي العام ، ويعتقل الابرياء ويعذّبون حتى الموت لمجرد المطالبة بحقوقهم في توفير الأمن والاستقرار والعيش الكريم .

– ومن نتيجتها قتل أكثر من مليوني عراقي ، وتشريد وتهجير ولجوء أكثر من نصف الشعب داخل العراق وخارجه هرباً من الملاحقة والاعتقال والاغتيال والاجتثاث والجوع والمرض والموت .

– وتحوّل العراق من دولة ذات مؤسسات يأمن فيها المُواطن على نفسه وعرضه وماله وعمله ويتمتع بحقوقه الاساسية وفي مستوى جيد من التعليم والصحة والخدمات ، الى ساحة من الفوضى والقتل على الهوية . وبات دولة فاشلة لايحكمها قانون ولا يسود فيها نظام .

– وهيأت ديمقراطيتكم البيئة لظهور فئتين إرهابيتين مجرمتين هما فئة الطائفية المتمثلة بالميليشيات المرتبطة بأحزاب السلطة وإيران ، وفئة التنظيمات الارهابية المتمثّلة بداعش والقاعدة ومثيلاتهما .

العراقيون يعلمون علم اليقين ، إن قرار الحرب والسلام هو بيدكم وهو قراركم ، وإن العملية السياسية هي وليدكم الذي تحرصون على عدم المساس به وتنشئته رغم عوقه وشذوذه ، وإن قرارات المحاصصة والاجتثاث والاستئصال ونشر الصراعات الثانوية إنما هي تطبيق دقيق لمبدأ الهدم من الداخل وسياسة التآكل والانهاك في إستراتيجيتكم .

على الرغم من إنكم قد إستخدمتم مع العراق كافة أنواع الأسلحة وأجيال الحروب لتدمير بنيته وتحطيم مؤسساته المدنية والعسكرية وأركان دولته المادية والمعنوية .

ويبقى سؤالنا نحن العراقيون الرافضون والمقاومون للاحتلال والتدخل والنفوذ الاجنبي هو : إذا كان الذي يجري في بلدنا العراق مجرد خطأ أو نزوة أو جريمة أرتكبها مجرم الحرب ( بوش ) وحلفائه ، وليس جزءاً من استراتيجية الجيل الرابع للحروب … إذا كان الأمر كذلك كما يرى البعض … ؟؟؟

ألم يحن الوقت للولايات المتحدة بعد الذي جرى ونتيجة التدمير الهائل للعراق وارتداداته المدمرة على دول المنطقة ، ودور ايران في دعم قوى الفساد والطائفية والارهاب ، في أن تعترف بحقوق العراق وشعبه وأن تعتذر عن الجريمة التي إرتكبها مجرم الحرب ( بوش ) وأركان ادارته الذي ألحق بأميريكا العار وتسبّب بخسارتها عشرات الالاف من القتلى والجرحى والمعوقين ، وآلاف المليارات من الدولارات ، ولوّث سمعتها وأسقط هيبتها عندما سلّط على العراق عصابات من المرتزقة والحرامية ، وعندما سمح لإيران بإحتلال العراق وإكمال تدميره مادياً ومعنوياً وأخلاقياً .؟؟؟

نحن العراقيون نعلم كما أنتم تعلمون ، إن الإعتراف بالخطأ والإعتذار والتراجع عنه فعل إنساني وأخلاقي رفيع ، لايقدم عليه إلاّ الناس الشجعان المؤمنون بقيم الحق والعدل والحرية والانصاف ، أولئك الذين يملكون نفوس عظيمة وتاريخ مشرّف ، ولعل هذا ينطبق على الامم والدول والحكومات ، وليس على الافراد فحسب ، فهل أنتم فاعلون ؟؟؟

وإعلموا إن إرادة الشعوب الحرة الاصيلة والعريقة ومنها شعب العراق الذي تعرفون ، لن تنكسر أبداً ، رغم الاذى والتعب والإنهاك والموت والحرمان ، إنه شعب حي لن يحيد عن السعي لإنتزاع حقوقه المشروعة في الوحدة والسيادة والاستقلال والكرامة والبناء والتقدم ومستلزمات العيش الحر الكريم . مهما طال زمن الصراع ومهما غلت التضحيات ، ومهما كانت القسوة في تنفيذ استراتيجيتكم في الهدم والتفليش ، فإنه سينتصر حتماً ، وإن تاريخ هذا الشعب وهذا البلد الذي علّم الانسانية الكثير ، شاهد على مانقول …

في هذا الأطار إن أمام الولايات المتحدة الأمريكية فرصة كبيرة لتصحيح هذا الخطأ التاريخي ، وإن أولى خطوات ذلك هي طرد إيران من العراق ، وتنظيفه من حكم المرتزقة والفاسدين والميلشيات الارهابية الذين باتوا يهددون الأمن والاستقرار والمصالح الدولية ليس في العراق فقط وإنما في جميع الاقطار العربية ، ويمنعون كل محاولة لتحقيق الوحدة والمصالحة والتغيير والبناء .

عندها ستكون أمام القوى الوطنية العراقية فرصة للحوار البناء لتنفيذ مشروع الحل الشامل لقضية العراق ، وإعادة بناءه ليعود دولة حرة وطنية ، تنعم بالسيادة والاستقلال والمواطنة الحقة ، وبنظام ديمقراطي يعبر عن ضمير الشعب وإرادته الحرة وتاريخه وقيمه وأعرافه دون تدخل وتزوير ، ويتمتع شعبه بالحرية وحقوق الانسان والعيش الآمن الحر الكريم . وأن يعمل على إزالة مخلفات الاحتلال مهما كان مصدره وانهاء كافة انواع التدخل الاجنبي ، ويقيم أفضل العلاقات مع دول العالم ، ومنها دولتا الاحتلال الولايات المتحدة الامريكية وإيران عندما ينفّذا التزاماتهما ، على وفق القوانين الدولية وعلى أساس ضمان المصالح المشتركة ، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى