للحد من العنوسة.. التونسيات يتحدّين القانون ويطالبن بتعدّد الزوجات

رغم أنّ تعدد الزوجات من المسائل الممنوعة في تونس، ويعد جريمة يعاقب عليها القانون، حسب الفصل الـ18 من مجلة قانون “الأحوال الشخصية”،  فإنّ مجموعة نساء دعين عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى وقفة احتجاجية أمام مقر البرلمان للمطالبة بإقرار تعدّد الزّوجات.

وأعلن الخبر رئيس منتدى حريات ومواطنة فتحي الزغل، الذي أكّد أنّ “التظاهرة عفوية وتأتي في إطار الدعوة لحل مشكلة العنوسة في البلاد”، نافياً إمكانية وقوفه وراءها أو التنسيق لها.

وقال الزغل في تصريح صحفي إنّه يساند الفكرة، لكنّه لم يدع إليها، وذلك من منطلق إيمانه بضرورة إيجاد حلّ لمعضلة العنوسة التي باتت تؤرق البلاد.

وأضاف أنّه يطالب أيضاً بمراجعة كل فصول مجلة الأحوال الشخصية (مجموعة من القوانين التي تنص على حقوق وحريات المرأة في تونس)، وليس فقط فصل تعدد الزوجات، ومنها مراجعة إجراءات الطلاق المجحفة، والتراجع عن مبدأ التبني لأنه مخالف لشرع الله، وفق تعبيره.

وأكّد في تصريحات صحفية سابقة أنّ السيدات اللّواتي سيشاركن في الوقفة الاحتجاجية نسقّن فيما بينهن عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، للتعبير عن غضبهن من عدم إقرار تونس قانون تعدّد الزوجات، وأنّ “الوقفة لا ترتبط بأي جهة سياسية، ولا تتبع أي جمعيات”.

ومنذ الإعلان عن إمكانية تنفيذ وقفة احتجاجية مطالبة بتعدد الزوجات احتدم الجدل حول الموضوع الذي أثار الجدل بين مؤيدي الفكرة ومعارضيها في البلاد.

وكتب في هذا السياق الباحث في الحضارة الإسلامية سامي براهم، على صفحته بشبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك، أنّ “الآنسات اللاتي فاتهنّ قطار الزواج ويتصوّرن أنّ فتح باب التعدّد سيمكّنهنّ من الالتحاق بركب المتزوّجات، في تقديري وحسب معرفتي بجنس الذّكور الذي أنتمي إليه، العكس هو الصّحيح لأنّ الأزمة ستتضاعف بالإقبال على صغيرات السنّ، إلا إذا كنّ يقبلن بالزواج صدقة ومعروفاً”.

غايات سياسية

واعتبر عدد من النشطاء أنّ الدعوة لتعدد الزوجات تحركها أطراف سياسية أخرى لاستهداف حركة النهضة الإسلامية والإساءة إلى صورتها، في إطار تصفية حسابات سياسية قبل انطلاق الانتخابات.

ووصف الناشط محمد نور موسى في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية بموقع “فيسبوك”، هذا المطلب بـ”الفكرة الشيطانية”، وأنه “يهدف إلى تحريك الداعمين للنظام وشركائه من أجل تشويه حركة النهضة الإسلامية”، معتبراً إياها “خطّة فاشلة لن تنطلي على الشعب التونسي الذكي”.

كما وصفه الناشط رؤوف القيزاني بـ”حركات التسول الانتخابي” التي تهدف إلى تشويه حركة النهضة التي لم تدع لمثل هذه التحركات المشبوهة، موضحاً أنّ من يقف وراءها هم أطراف سياسية مقربة من الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، ودعا إلى ضرورة الحذر من الانسياق وراء هذه الدعوات.

وترى رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية راضية الجربي في تصريح لـ”الخليج أونلاين”، أنّ بنود مجلة الأحوال الشخصية تم إقرارها بالدستور التونسي، ولا يمكن أن تُنقّح عبر الاحتجاج، بل عبر إجراءات معقّدة جدّاً.

واعتبرت الجربي الدعوات للاحتجاج من أجل المطالبة بتعدد الزوجات “ضرباً من ضروب الجنون، وهي ظاهرة مرضية غير غريبة، قد يشهدها أيّ مجتمع صحي”، لافتة إلى أنّها “تدل على قلّة وعي المطالبات به، وأنّ ذلك لن يؤثر على نمط عيش المجتمع التونسي ولا من مكتسبات المرأة التونسية”.

تونس في مراتب متقدمة

الغريب أن من يقدن حملة الدعوة للسماح بتعدد الزوجات في تونس هن مجموعة من النساء وذلك في محاولة للحد من العنوسة، حيث تعد تونس وفق آخر تقرير نشره الدّيوان الوطني للأسرة والعمران البشري في ديسمبر 2017، من الدول الحائزة على مرتبة متقدمة في نسبة عدم الإقبال على الزواج بنسبة 60%، مقارنة بنسب الدول العربية.

وكشف  التقرير ارتفاع عدد العازبات إلى أكثر من مليونين وربع مليون امرأة من مجموع نحو أربعة ملايين و900 ألف أنثى في البلاد، مقارنة بنحو 990 ألف عازبة عام 1994، كما بلغت العنوسة أقصى معدلاتها بين الإناث في عمر الإخصاب الأقصى (25-34 سنة).

واحتلت تونس وفق دراسة دولية أجريت في ديسمبر 2018 المرتبة الرابعة عربياً، والأولى مغاربياً في نسبة العنوسة، غير أن الأستاذ في علم الاجتماع صلاح الدين بن فرج، لا يرى في تعدّد الزوجات حلاً لمشكلة العنوسة في تونس، التي تسبّب فيها تأخر سنّ الزواج.

ويقول بن فرج في تصريحه لـ”الخليج أونلاين”، إنّ تعدّد الزوجات سيفتح الباب لبروز مشاكل اجتماعية جديدة غير موجودة حالياً ، لافتاً إلى أن تنفيذ هذه الفكرة يكاد يكون مستحيلا في تونس التي لم تتجاوز نسبة تعدد الزوجات فيها 5% منذ كان مسموحاً به قبل قرون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى