الأردن وعلاقاته مع دول الجوار

زار الملك عبد الله الثاني ملك المملكة الأردنية الهاشمية العراق في منتصف هذا الشهر يناير/ كانون الثاني، بعد نحو عشر سنوات من آخر زيارة قام بها لجارة الأردن الشرقيّة التي يشترك معها بشريط حدودي طوله 179 كيلو مترا، وأجرى محادثات مع برهم صالح رئيس الجمهورية العراقية، ناقشا خلالها تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية وتوسيع آفاق التعاون التي تخدم مصالح البلدين.

وجاءت زيارة الملك عبد الله ابن الحسين للعراق بعد أسبوعين من الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز، ووقع خلالها اتفاقيّات اقتصادية هامّة من ضمنها إنشاء منطقة صناعيّة مشتركة على مساحة 24 كيلو مترا مربعا، وفتح المعابر الأردنية العراقية أمام حركة النقل، ووقّعا مذكرة تفاهم بشأن مشروع الربط الكهربائي بين البلدين، واتّفقا على استكمال إنشاء أنبوب النفط والمستوردات النفطية العراقي الأردني الذي سيمتد من البصرة إلى ميناء العقبة الأردني.

أما على صعيد العلاقات الأردنية السورية فقد تم افتتاح معبر جابر- نصيب الحدودي في 15- 10- 2018، وزارت سوريا وفود برمانية وشعبية ومجموعة من رجال الأعمال الأردنيين بهدف إعادة العلاقات بين البلدين الشقيقين إلى طبيعتها، ورفع الأردن التمثيل الدبلوماسي معها، ودعا رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة نظيره السوري حمودة الصباغ للمشاركة في أعمال ” المؤتمر التاسع للبرلمانيين العرب ” الذي سيعقد في العاصمة الأردنية عمان في مطلع مارس القادم، ويأتي ذلك  بعد احتقان سياسي بين البلدين بسبب تراكمات ست سنوات من الاحتكاك السلبي والغياب الذي كان سببه القرار العربي بمقاطعة سوريا وتجميد عضويتها في الجامعة العربية.

من مصلحة الأردن أن يحافظ على علاقات طيّبة مميّزة مع العراق وسوريا وألا يعتمد على دول النفط في مساعدته لحل أزماته الاقتصادية؛ الدول الخليجية النفطيّة تعاني من مشاكل اقتصادية ملحّة بسبب انخفاض أسعار النفط، ولم يعد باستطاعتها مساعدته هو وغيره من الدول العربية الفقيرة. فقد بلغ العجز في ميزانية دولة الكويت لهذا العام 24 مليار دولار، وفي ميزانية السعودية 35 مليار دولار، أضف إلى ذلك أن السعودية والإمارات ما زالتا متورطتين في حرب اليمن التي تكلفهما مليارات الدولارات شهريا.

سوريا والعراق ولبنان وفلسطين تشكّل حاضنة أمنيّة وبعدا استراتيجيا هاما للأردن، ولهذا فإن حرص الأردن على استقرارها، والتعاون معها سياسيا وأمنيا وعسكريا، وإقامة مناطق صناعية مشتركة معها، وفتح الحدود للتنقل والتبادل التجاري والسياحي بينها وبينه يساهم في دعم اقتصاده واستقراره السياسي والأمني، وتنعكس فوائده على الجميع.

الشعب الأردني شعب واع عروبي الهوى والهويّة يحرص على علاقاته الأخوية مع أبناء الأقطار العربية جميعا، ويرفض التورط والمشاركة في أحلاف ونزاعات وحروب عربية – عربية؛ ولهذا يمكن القول أن هناك هوّة بين سياسات وممارسات الدولة الأردنية وقناعات وتطلعات الشعب الأردني.

لقد خالف الأردن الرسمي إرادة الشعب الأردني وقناعاته بمشاركته في الحرب ضدّ النظام السوري، وفي عدم وقوفه بصلابة في وجه غرور وصلف وممارسات إسرائيل المهينة ضد الفلسطينيين، وفي دعمه لسياسات الولايات المتحدة في المنطقة، وفي تأييده لسياسات بعض دول مجلس التعاون الخليجي المثيرة للخلافات البينية العربية، وسيرتكب خطأ فادحا إذا انضم لحلف ” الناتو” الذي تنوي أمريكا إقامته لمواجهة إيران، وتمرير ” صفقة القرن” وتصفية القضية الفلسطينية.

الأردن يقوى ويحافظ على أمنه واستقراره بدعم شعبه له، وبتعزيز تعاونه مع الفلسطينيين والسوريين والعراقيين واللبنانيين وأبناء الشعب العربي في الخليج وفي كل قطر عربي، وسيضعف ويعرّض استقراره للخطر إذا تجاهل إرادة الشعب الأردني، وتحالف مع القوى العربية الداعمة للنفوذ الأمريكي – الصهيوني في المنطقة!

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى