إجتثاث البعث قضية وطن وأمة، وليست مشكلة حزبية فحسب

ربما كان من أخطر القضايا التي تعرض لها العراق بعد الإحتلال وشكّلت تهديداً خطيراً للامن والسلم العربي والاقليمي والدولي ، هو قانون إجتثاث البعث وما تفرّع عنه من قوانين وإجراءات شملت الجيش والأجهزة الأمنية والمنظومات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وطالت القوى والشخصيات الوطنية الحقيقية بغض النظر عن إنتماءها السياسي من البعثيين أو غيرهم ، وكذلك الشخصيات العربية الشقيقة والدولية الصديقة الداعمة والمساندة لشعب العراق ومقاومته الوطنية .

وكان من نتائجها فراغ سياسي وأمني كبير ملئته فئتان إرهابيتان منبوذتان هما فئة القاعدة ومن بعدها داعش وإمتداداتها الاقليمية والدولية من جهة ، والميليشيات المرتبطة بإيران وأحزاب السلطة الحاكمة في بغداد من جهة أخرى . هاتان الفئتان يشّكلان الآن ثنائية ( الشر والجريمة ) التي تهدد الأمة ودول الاقليم والعالم وليس العراق كوطن وشعب فحسب .

وإن الأمر الملفت هو الإصرار من قبل قوى الاحتلال ( أمريكا وإيران ) ومرتزقتهما على إستمرار وتوسيع وتصعيد سياسة الإجتثاث ليس فقط ضد الشخصيات والقوى الوطنية والعربية والدولية الساندة لحقوق شعب العراق ، وإنما لتشمل المنجزات الحضارية والرموز والذاكرة التاريخية وطمس معالم الهوية الوطنية والقومية وإنتهاك المعاني الانسانية لشعب يتم تغييبه وتجهيله وإفقاره مادياً ومعنويا وعلمياً ومعرفياً وفق خطة منظمة مدروسة ، ومما يؤكد هذه السياسة وفي سابقة لا مثيل لها في دساتير العالم قاطبة هي أن ينص ( الدستور ) على إجتثاث وحظر حركة فكرية سياسية ينتمي لها ويؤيدها الملايين من البشر في العراق والوطن العربي والعالم !!!

ولما كان في ضوء هذه الحقيقة إن أحد أهم الأسباب المهمة والمباشرة في ما يحصل من تداعيات سياسية وأمنية وإقتصادية وإجتماعية خطيرة على مستوى الاقليم والعالم هو الاجتثاث ونتائجه وارتداداته ، فألا يمثل ذلك دافعاً لأصحاب القرار بخاصة في الدول العربية وأعضاء مجلس الأمن والاتحاد الاوربي ومجلس حقوق الانسان ، بالضغط لإلغاء هذه السياسة الإجرامية الشاذة التي لن يستفيد منها سوى الفئتان الإرهابيتان اللتان ملئتا الفراغ ومن يقف ورائهما من الدول والاجهزة والتيارات الداعمة للإرهاب والمعادية للسلام . ناهيك عن المردودات الانسانية التي ستترتب على إلغاء مثل هذا القرار الاجرامي الفاشي .

فما عسى أن يتوقع من شرّع سياسة الاجتثاث كفلسفة ومفهوم وأهداف ، ومن يعمل على تنفيذها ، سوى النتائج الكارثية التي تهدد مصير العالم ، والتي لن تتوقف مالم تلغ هذه السياسة وتبعاتها بشكل تام ونهائي ، خاصة عندما يحرم ملايين الناس من حق الحياة والعيش الكريم في بلدانهم لمجرد إنهم يرفضون الاحتلال والإستبداد ويؤيدون أو ينتمون لحزب سياسي ذو أهداف حضارية وإنسانية رفيعة . بهذا المعنى فإن إلغاء الإجتثاث والحظر والإقصاء مهما كانت الجهة المستهدفة به ، يمثل مسؤولية وطنية وعربية ودولية تحتل الأولوية في سياق مواجهة ( ثنائية الشر والجريمة ) ومن يقف ورائهما .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى