استقالة المبعوث الامريكي “زيني” بعدما وصلت الازمة الخليجية الى جدار مسدود

شكلت استقالة المبعوث الأمريكي لحل الأزمة الخليجية، أنتوني زيني، نهاية لأي بريق أمل في حل أعنف أزمة ضربت الخليج العربي ولا يزال صداها مستمراً منذ يونيوذ حزيران 2017 وحتى اليوم.

زيني، الضابط الرفيع السابق والدبلوماسي في الخارجية الأمريكية، أرجع استقالته إلى “تعنت قادة أطراف الأزمة الخليجية، وعدم رغبتهم في المضي قدماً بجهود الوساطة القابلة للاستمرار والتي عرضنا إجراءها أو المساعدة في تنفيذها”.

ويقول زيني: “لقد استقلت لأني لا أشعر بأني أستطيع المساعدة بنجاح في حل النزاع بسبب عدم رغبة القادة الإقليميين”، في إشارة إلى رفض دول حصار قطر الجلوس على طاولة الحوار رغم الانفتاح القطري على جهود الوساطة الكويتية والأمريكية.

كما نعى المسؤول الأمريكي التحالف الاستراتيجي للشرق الأوسط، وهو تحالف أمني على غرار حلف شمال الأطلسي، طلبت منه إدارة ترامب تقديمه إلى قادة الشرق الأوسط، مرجعاً فشله إلى الأزمة المستمرة في الخليج، على الرغم من أن مسؤولين آخرين في الإدارة الأمريكية يواصلون الترويج له.

طريق مسدود

جهود الوساطة الكويتية والأمريكية لحل الأزمة الخليجية تعرقلت بسبب تعنت دول حصار قطر ورفضها الحوار، في حين شددت الدوحة في أكثر من مناسبة على أن الحوار هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة التي عصفت بالخليج العربي.

وتأتي استقالة زيني من منصبه بالتزامن مع جولة يقوم بها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في الشرق الأوسط، تشمل أطراف الأزمة الخليجية قطر والسعودية والإمارات.

وكان من المقرر عقد قمة في واشنطن لحل الأزمة الخليجية بعد أشهر من بدايتها إلا أنها أُجلت عدة مرات، بسبب تهرّب دول الحصار ورفضها التوصل إلى حل.

كما طاف زيني مرات عدة على أطراف الأزمة في محاولة لجمع قادتها على مائدة الحوار، لكن بينما أكدت قطر في أكثر من مناسبة ترحيبها بمساعيه واستعدادها للحوار، كانت دول الحصار تمضي في مساعيها لإفشال جهوده.

الدكتور خليل جهشان، مدير المركز العربي في واشنطن، قال إن استقالة زيني لم تكن مفاجئة في ظل تعنت دول الحصار، “فقد وصل إلى قناعة بأن منصبه لم يعد له أي أهمية في ظل الطريق المسدود لحل الأزمة”.

وبيّن جهشان في حديث لـ “الخليج أونلاين” أن الأزمة مستمرة وأصبحت أمراً عادياً في مجلس التعاون الخليجي، مشيراً إلى أن دول الحصار “لم تبدِ أي بادرة حسن نية تجاه قطر للتحرك باتجاه المصالحة”، ويبدو أن “كل أطراف الأزمة تأقلمت معها، ولم يعد هناك أي أمل لانفراج في المستقبل القريب”.

لا وساطة جديدة

ومنذ اندلاع الأزمة الخليجية أبدت الولايات المتحدة الأمريكية، في أكثر من مناسبة، استعدادها للتدخّل بين “الفرقاء الخليجيين” من أجل التوصّل إلى حلٍّ ينهي الأزمة التي تقترب من عامها الثاني.

هذا الاستعداد ترجمته الزيارات المتكرّرة والمختلفة التي أجراها مسؤولون أمريكيون للدول الخليجية المتخاصمة، وكلام الرئيس دونالد ترامب نفسه أنه مستعدّ لجمع القادة الخليجيين المتخاصمين في كامب ديفيد لحل الأزمة.

كما عملت واشنطن على منع عملٍ عسكري عدائي من السعودية والإمارات ضد قطر، وهو ما أكّده أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، في مؤتمر صحفي مشترك مع ترامب، بالبيت الأبيض، في سبتمبر/ ايلول 2017، عندما قال: “المهم أننا أوقفنا عملاً عسكرياً”.

وباستقالة زيني، يرى جهشان أن الولايات المتحدة تكون “قد غسلت يدها” من حل الأزمة، وأن لا وساطة جديدة قد تقوم بها عما قريب، موضحاً أنه من المتوقع أن إدارة ترامب بعد عودة بومبيو من الشرق الأوسط ستعيد تقييم وساطتها، “وفي أحسن الأحوال قد يفضي الأمر إلى دعم الجهود الكويتية، لكن لا يتوقع أي دور جديد مباشر لواشنطن لحل الأزمة”.

ضرر بمصالح الخليج

الأزمة لم يكن تأثيرها فقط على تدمير الوحدة الخليجية، بل امتدت لتطال المصالح الأمريكية، خاصة رغبة الرئيس ترامب لإنشاء “ناتو عربي”، أو ما أطلق عليه “تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي”، الذي يضم الدول الخليجية والأردن ومصر لمحاربة الإرهاب وإيران.

إذ قال زيني صراحة في أول تصريح عقب استقالته إنه لم يعد لطرح المشروع أي معنى في ظل استمرار الأزمة، وهو الذي سبق أن وصفه متحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، في أغسطس الماضي، بأنه “سيشكل حصناً في مواجهة العدوان والإرهاب والتطرف الإيراني، وسوف يرسي السلام بالشرق الأوسط”، كما كانت الإدارة الأمريكية تنوي إعلانه في أكتوبر الماضي.

كما كان المشروع يهدف لإقامة درع دفاع صاروخي في المنطقة ستكون من بين أهداف التحالف، إضافة إلى التدريب لتحديث جيوش تلك الدول.

الدكتور جهشان اعتبر  أن هذه الاستقالة انعكاسة أيضاً لضرر المصالح الأمريكية في المنطقة، كما يضر بمصالح دول مجلس التعاون الخليجي.

ولفت إلى أن فشل إنشاء التحالف أضر أيضاً بمصالح دول الخليج نفسها والذي كان ليكون مظلة حمائية مشتركة قوية لها، متسائلاً: “لكن كيف من الممكن تشكيله دون تنسيق واضح بين الدول الأعضاء في الحلف في ظل تعنت دول الحصار”.

وباستقالة زيني يمكن القول إن الأزمة المفتعلة ضد قطر، والتي قسمت الأسر الخليجية، سوف تبقى تداعياتها على الأمن الإقليمي العربي مستمرة، دون مراعاة للتحديات التي تتفاقم بشكل دراماتيكي يومي، لتبقى أزمة جديدة في الشرق الأوسط بلا حل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى