احتفالات “الثوار” السوريين بوسط إسطنبول يفجر مجدداً الجدل داخل تركيا حول مخاطر تقبل وتجنيس اللاجئين/ فيديو

فجر فيديو لشبان سوريين يحتفلون بليلة رأس السنة في ميدان تقسيم وسط إسطنبول الجدل الداخلي في تركيا مجدداً ولكن هذه المرة بوتيرة كبيرة تحولت من كتابات مضادة بين السوريين والأتراك إلى نقاش تركي داخلي حاد حول مدى تقبل المجتمع للاجئين في البلاد.

وانتشر على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي في تركيا فيديو لعشرات الشبان السوريين يحتفلون بليلة رأس السنة وسط آلاف المواطنين والسياح في ميدان تقسيم بإسطنبول وهم يحملون علم الثورة السوري ويهتفون بشكل جماعي “سوريا سوريا سوريا”.

وعقب انتشار الفيديو بدأ نشطاء أتراك بالتغريد على نطاق واسع للاحتجاج على هذه التصرف الذي اعتبروا أنه يحتوي على إهانة لتركيا وعلمها، وعلى الفور بدأ وسمي “لا نريد سوريين في بلدنا”، و”ليخرج السوريين من هنا” موقع “تويتر” بعشرات آلاف التغريدات التي تطالب بطرد اللاجئين السوريين من تركيا.

وبرر عدد كبير من متصدري الحملة على اللاجئين السوريين هجومهم بأن “الجيش التركي يقتل في سوريا ويواجه الصعاب ويحارب الإرهاب لأجل السوريين بينما هم يلهوون بإسطنبول ويرفعون علمهم”، معتبرين ذلك “استهتاراً بتركيا وجيشها”.

ونشرت على نطاق واسع صور مدموجة تحاول المقاربة بين مشاهد مصورة أو فيديو لجنود أتراك داخل الأراضي السورية، ومشاهد أخرى للاجئين سوريين في تركيا وهم يستجمون على شاطئ البحر أو يشربون النرجيله في مقاهي إسطنبول، معتبرين أن الأولى لهم العودة لبلادهم.

ويركز القوميون الأتراك على واقعة رفع العلم السوري وسط إسطنبول، معتبرين أن ذلك تجاوزاً واستهتاراً بالدولة التركية وشددوا على أن “مئات آلاف الجنود ضحوا بدمائهم من أجل أن تبقى تركيا للأتراك”، وأطلق بعضهم تهديدات بـ “كسر أي يد ترفع أي علم غير العلم التركي على أراضي الجمهورية التركية”.

في المقابل رأى العلمانيون لا سيما من أنصار حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة هذه التصرفات “نتيجة السياسات الخاطئة لحزب العدالة والتنمية الحاكم”، متهمين الحكومة “بتجنيس سوريين بدون برنامج واضح وبدون أن يكون لهم أي انتماء للبلاد أو تعلم لغتها أو رفع علمها”، وهو ما اعتبره أنصار الحزب الحاكم استغلالاً من قبل المعارضة لأهداف سياسية داخلية لا سيما مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية/البلدية شهر آذار/مارس المقبل.

ورداً على هذه الحملة، نظم عدد كبير من المغردين الأتراك حملة مضادة طالبت بوقف الحملات التي وصفوها بـ “العنصرية” و”المشينة بحق تركيا وتاريخها”، معتبرين أن الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها جانب من اللاجئين لا تبرر هذا الهجوم عليهم بشكل جماعي.

وكتب مغردون: “هناك ملايين الأتراك في ألمانيا لوحدها، وملايين آخرين حول العالم، يطالبون بالحقوق والجنسية والعمل والاحتفاظ بثقافتهم وعلم بلدهم الأصلي تركيا، ولكن عندما يتعلق الأمر باللاجئين السوريين في تركيا يتم الكيل بمكيالين”.

وكتب آخر: “من يقودون الحملة الجنونية على اللاجئين السوريين في تركيا من كبار الصحافيين ورؤساء تحرير صحف المعارضة هم بالأصل ليسوا أتراك أصليين وأصولهم لاجئين وصلوا تركيا من اليونان وبلغاريا ووسط آسيا وغيرها من المناطق”، حيث ذكر أسماء وأصول عدد كبير منهم.

الصحافي التركي محمد أونالمش، كتب عبر صفحته على فيسبوك: “الحساسية من السوريين في تركيا قلت إلى درجة كبيرة جداً مقارنة بالسنوات الماضية، ولم تعد هناك ردات فعل عنيفة او مشاجرات كثيرة كما كانت في قبل، أي عملية الدمج المجتمعي نجحت إلى حد ما، إلا أن هناك فئة لها اهداف سياسية دائماً تعمل على تحريك الملف، وتطلب ان يتم ارسال الشباب السوريين إلى الحدود”، مضيفاً: “هؤلاء يتناسون دائماً أن الجيش السوري الحر يحارب أيضاً هناك جنباً إلى جنب مع الجيش التركي، وأن الشباب الأتراك يحتفلون في ميدان تقسيم أيضاً ويشربون في تلك الليلة، بينما اخوتهم الجنود يرابطون مرتجفين من البرد”، وتابع: “لكن ما لم أفهمه أبداً، ما الذي يدعو أحداً إلا الافتخار بأصله وبلده أثناء احتفالات رأس سنة في ميدان تقسيم ، هناك أكثر من 100 جنسية كانت في الميدان، ولم يرفع أحد منهم أي علم، وحتى الأتراك”.

وانتقل النقاش بين اللاجئين السوريين أنفسهم في تركيا، حيث دافع جزء منهم عن تصرفات المحتفلين في ميدان تقسيم معتبرين أنها تصرفات عادية ولا تحمل أي إساءة للبلد، فيما اعتبرها آخرين أنها “استفزازات لا طائل منها وتعود بنتائج سلبية على اللاجئين يقوم بها مجموعة من الصبية الجاهلين”، كما عبروا عن استنكارهم لعدم تفهم شريحة من اللاجئين السوريين بأن “هذه التصرفات الخاطئة تؤدي إلى إحراج الحزب وتمنح المعارضة مادة للمزايدة فيها على سياسات أردوغان القائمة على دعم اللاجئين ومنحهم الجنسية التركية وبالتالي الإضرار به قبيل الانتخابات الصعبة المقرر أن يخوضها الحزب بعد أسابيع قليلة”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى