تحصين المقاومة والقضية من تحريش الشياطين الأمريكية

 

إنتصر الحق الفلسطيني في الجمعية العمومية للأمم المتحدة , بإفشال مشروع القرار الأمريكي الهادف لإدانة المقاومة الفلسطينية , ووفقاً لأنظمة الجمعية العمومية سقط القرار الأمريكي , لعدم حصوله على موافقة الثلثين , وهي النسبة المطلوبة لإعتماد القرار, يعتبر هذا الإنجاز إنتصاراً  للحق في المقاومة لشعبنا الفلسطيني , ولكافة الشعوب التي ترزح تحت الإحتلال ,وصيانة لتاريخ عريق من المقاومة التي خاضتها الشعوب ضد قوى الإحتلال والإستعمار الأجنبي ,  فلم تكن إدانة المقاومة الفلسطينية لو حصلت , الا تشكيكاً في مشروعية كل مقاومة نهضت إستجابة لنداء المظلومين ,وسعياً لإنتصار الحق الوطني في وجه باطل الإحتلال.

ولذا كان واجباً على أعضاء الجمعية العمومية للأمم المتحدة , رفض مشروع القرار الأمريكي وإسقاطه بأغلبية ساحقة , فالمقاومة بالمفهوم الإنساني هي ملك للبشرية جمعاء , وحق لا يمكن قبول المساومة عليه , أو الإستسلام للضغوط أمام مهمة الدفاع عنه , ولكن ما حدث أن التهديد الأمريكي لكثير من الدول في الجمعية العمومية قد جمع حول قرارها عدد لا بأس به من الدول الخاضعة للإرادة الأمريكية , وبالتالي تبني الرؤية التي تريدها إدارة البيت الأبيض , تشكل هذه الدول جيش الأيادي الآثمة الملوثة بعار مساندة الإحتلال , ستُكتب أسماء تلك الدول في صفحات الذل والتبعية والخنوع , ولن تنال شرف الدفاع عن الحق الإنساني أو الدفاع عن المظلومين , أو مساندة الساعين نحو الحرية والإنعتاق من الإحتلال.

رغم إفشال المسعى الأمريكي لإدانة المقاومة الفلسطينية ,الا أن نتيجة التصويت بمثابة دق لناقوس الخطر , (87) دولة صوتت لصالح مشروع القرار ، وعارضته (57) دولة، فيما امتنعت (33) أخرى عن التصويت, حيث كشفت النتيجة عن تناقص في ساحة التأييد للحق الفلسطيني داخل الجمعية العمومية للأمم المتحدة , التي كانت تعتبر ميداناً للتأكيد على الحقوق العربية والإسلامية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية , هناك دولاً وقعت في الفخ الأمريكي , وتناقضت مع تاريخها وتراثها المقاوم , كفرنسا التي خاضت تجربة مقاومة ضد الإحتلال الألماني خلال الحرب العالمية الثانية ,  تصويت فرنسا ودولاً أوربية وأفريقية وأسيوية مع القرار الأمريكي, نتاج ضعف في الرواية الفلسطينية التي لم تعد قائمة على أبجديات واقع الظلم التاريخي المتواصل ومسعى شعبنا للحصول على حريته والتخلص من الإحتلال البغيض, إلى جانب تراجع الإهتمام العربي والإسلامي بالقضية الفلسطينية على صعيد مؤسسات الأمم المتحدة , ويعود ذلك إلى حالة الإنقسام الفلسطيني بين مسارين سياسيين للعمل الوطني الفلسطيني ,وغياب البرنامج السياسي الفلسطيني الموحد , أضف إلى ذلك حالة الإصطفاف الحاد التي تعيشها المنطقة العربية بعد ثورات الربيع العربي , وشاهدنا كيف أن أنظمة عربية أظهرت العداء للمقاومة الفلسطينية في أكثر من مناسبة , ووصفتها بأوصاف لا تقل خطورة عن مضمون مشروع القرار الأمريكي , كما أن حالة الهرولة نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني , التي تشهدها بعض الأنظمة العربية وخاصة الخليجية , وإستمرار العلاقات الدبلوماسية بين الكيان الصهيوني ودولة عربية مركزية كمصر والأردن , أدى إلى تراجع الإهتمام بالقضية الفلسطينية على المستوى الدولي , وأكاد أجزم أن هناك دولاً عربية صوتت ضد القرار الأمريكي , حفظاً لماء الوجه أمام صفعات التاريخ وسخط الشعوب.

الإنتصار  الذي تحقق على الرغبة الشيطانية الأمريكية بإدانة المقاومة الفلسطينية , يحتاج إلى جهد فلسطيني كبير دبلوماسياً وإعلامياً وشعبياً , عبر توسيع حالة التضامن مع الشعب الفلسطيني ومقاومته على المستوى العالمي , فالقضية الفلسطينية بعدالتها قادرة على أن تنال تأييد ومساندة الكثير من الدول والشعوب في العالم , ولا يجب التقصير في إعداد رؤية وطنية شاملة للتواصل الدولي , وعرض القضية الفلسطينية بشكل متجدد ومتفاعل على مستوى الشعوب والدول ومنظمات المجتمع الدولي والنقابات الفاعلة على مستوى العالمي من أجل تحصين قضيتنا ومقاومتنا مع تحريش قادم لا ينقطع من الشياطين الأمريكية .

لقد كانت أمريكا وخلفها الكيان الصهيوني تهدف من خلال إصدار هذا القرار, إدانة التاريخ الطويل من الكفاح الفلسطيني ضد الإحتلال, وسعت إلى تزوير التاريخ وتزييف الحقائق وطمس الهوية الفلسطينية , عبر وصف شعبنا ومقاومتنا بالإرهاب , من أجل تحصين كيان الإحتلال من هجمات المقاومة المشروعة , ومحاولة بائسة لإنهاء مشروعنا التحرري بهذه الإدانة الأممية لو حصلت, وكان يراد لهذا القرار أن يكون محطة جديدة من محطات صفقة القرن الأمريكية التي تعمل على طمس الهوية الوطنية الفلسطينية وإنهاء قضيتنا العادلة .

إستخلاص العبر في هذه الواقعة تدعونا كفلسطينيين , إلى إنجاز الوحدة الوطنية , وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني , وإقرار البرنامج السياسي الوطني القائم على الحقوق الوطنية التي لا تفريط ولا تنازل عنها , وإعتماد المقاومة بكافة أنواعها الشعبية والمسلحة كخيار إستراتيجي لشعبنا في إنهاء الإحتلال وهزيمته .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى