تشهد الساحة التونسية تحركات رسمية وشعبية مكثفة تهدف إلى تضييق الخناق على حركة النهضة الإخوانية التونسية للتصدي لإرهابها الذي ينكشف يوما بعد يوم، ويمكن أن تؤدي هذه التحركات في النهاية إلى حل الحركة.
هذه التحركات عززها تدخل الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي على الخط، وأمره بانعقاد مجلس الأمن القومي التونسي لأول مرة منذ 4 سنوات، للبحث في المسألة بعد أن قطع علاقته بالحركة الإخوانية واتهمها بعدم التزامها بمبادئ الدولة المدنية.
وأكد خبراء ومحللون أن الحركة ضالعة في اغتيالات سياسية، إضافة إلى نشر التطرف والعمليات الإرهابية التي يقوم بها جهازها السري.
ويقول حمة الهمامي، الأمين العام لائتلاف الجبهة الشعبية (اشتراكي)، في تصريحات صحفية، إن “مؤيدات الإدانة لحركة النهضة أصبحت اليوم واضحة من خلال الوثائق التي جرى حجزها في منزل أحد القيادات الإخوانية ويدعى مصطفى خذر”.
وأضاف: “تكشف هذه الوثائق عن وجود تنسيق بين إخوان تونس وإخوان مصر سنة 2012 لتدريب عديد من الأشخاص على تنفيذ الاغتيالات وكيفية تصفية الخصوم بالسلاح أو بالتسميم”.
ويؤكد الهمامي أن “حركة النهضة تمثل النواة الأولى للحركات الإرهابية في تونس، حيث قدمت الدعم إلى تنظيم أنصار الشريعة الإرهابي وسمحت له بممارسة نشاطه في تونس عامي 2012 و2013”.
كما أكد الناشط السياسي هيثم بن أحمد أن “نهاية التحالف بين قايد السبسي ورئيس حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي كشف عن العلاقة العضوية بين حركة النهضة والإرهاب”، مشيرا إلى أن “بصمات الجريمة تشير إلى الإدانة التامة والكاملة للحركة التي حوّلت حياة التونسيين إلى جحيم أمني منذ وصولها للحكم”.
وأضاف أن “تدخل الرئيس بعقد مجلس الأمن القومي التونسي يجعل من حركة النهضة محط أنظار القضاء العسكري الذي بإمكانه البت في القضية بحل حركة إخوان تونس بعد استكمال الأدلة”.
وتواجه حركة النهضة عزلة شعبية، حيث سجل آخر استطلاع للرأي أجرته شركة “أمرود كونسيلتينج” وجود راشد الغنوشي في قاع الرضا الشعبي بنسبة 0.5% وهي نسبة تؤكدها انهيار القاعدة الانتخابية للإخوان الذين خسروا أكثر من مليون صوت من انتخابات 23 أكتوبر/تشرين الأول 2011 والانتخابات المحلية في شهر مايو/أيار 2018.
وقال هيثم بن أحمد ايضاً أن الفترة المقبلة ستعرف فيها تونس تحركات شعبية ضد سلوك حركة النهضة السياسي وعلاقاتها الوثيقة بالإرهاب.
وأضاف أن “هناك العديد من الحساسيات السياسية ومنظمات المجتمع المدني تعمل على تكوين مسيرات في جميع أرجاء تونس للضغط على القضاء من أجل كشف كل حقائق إرهاب حركة النهضة”.
وتقف الحركة الإخوانية وراء اغتيال القياديين بالجبهة الشعبية شكري بلعيد ومحمد البراهمي، إضافة إلى اغتيال 15 من الجنود التونسيين في جبل الشعانبي (وسط) يوم 28 يوليو/تموز واغتيال 9 من الجنود في 11 أغسطس/آب 2014، بالإضافة إلى دعمها الخلايا الإرهابية الناشطة بين تونس وليبيا.
وكانت هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي قد اعلنت، يوم الإثنين الماضي، أن صهر راشد الغنوشي هو المسؤول عن التنظيم السري للحركة، المختص بتنفيذ الاغتيالات.
جاء ذلك عقب استقبال وفد من الهيئة، يضم رضا البسي ورضا الرداوي وإيمان بجارة، من قبل الرئيس الباجي قايد السبسي، بقصر الرئاسة بقرطاج.
وفي مقطع فيديو نشرته الرئاسة التونسية عبر صفحتها الرسمية بموقع “فيسبوك”، الإثنين، أفاد أعضاء الوفد بأنهم قدموا إلى السبسي، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، ورئيس مجلس الأمن القومي، تقريرا حول مستجدّات ملف اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، خاصة فيما يتعلّق بالجهاز السرّي لـحركة النهضة.
وقال عضو الهيئة، رضا الرداوي، إن الهيئة حصلت على وثائق جديدة تثبت أن أحد الأجهزة التي يستخدمها التنظيم السري للحرق، صنعه عبدالعزيز الدغزني صهر راشد الغنوشي.
وأضاف أنه “تمت سرقة الجهاز بعد حجزه، فيما لم يتم الاستماع أو استجواب صهر الغنوشي من قبل قاضي التحقيق”.
وتابع أن “حركة النهضة وعلى رأسها الغنوشي، ضحت بمصطفى خذر (من قالت الهيئة إنه يرأس الجهاز السري للإخوان) لإخفاء هوية صهر الغنوشي الذي كان مسؤولا عن إدارة التنظيم، ولإخفاء هوية رضا الباروني المسؤول الإداري والمالي للنهضة في حينه، وهو اليوم مسؤول عن التعبئة بالحركة”.
وفي معطيات جديدة أيضا، أشار الرداوي إلى أن “أحد عناصر الأمن الذين قاموا بحجز تجهيزات الجهاز السري، قد أكد في شهادة رسمية أمام القضاء، حجز مخطط من قبل الجهاز السري لعام 2013، لاغتيال السبسي عندما كان رئيسا لحزب نداء تونس، واغتيال الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند خلال إحدى زيارت الأخير إلى تونس”.