العودة بعد الحرب.. فيلم هندي يسرد مأساة سكان الفلوجة العراقية

مستفيدة مما تقدمه تقنية الواقع الافتراضي من معايشة وثيقة للحدث، قررت المخرجة الهندية “غايتري بارميشفيران” تسليط الضوء على معاناة سكان الفلوجة في العراق العائدين إلى ديارهم بعد طرد تنظيم داعش ومأساة الألغام والمتفجرات الذي زرعها المسلحون في كل شبر.

وعلى مدى 18 دقيقة يقدم الفيلم الوثائقي “العودة بعد الحرب” حكاية عائلة “أحميد حماد خلف” الذي كان يعمل حارسا بإحدى مدارس الفلوجة ورحل عنها مع عائلته بعد دخول تنظيم داعش هناك في 2014 وتنقل في أكثر من منطقة حتى تحررت مدينته.

وعقب عودة العائلة إلى المنزل اكتشفت تعرضه لتدمير كبير لكن الأخطر كان تفخيخ المنزل بمتفجرات في أماكن غير متوقعة مثل زرع عبوات ناسفة في الجدران أو ربطها بالشبكة الكهربائية وهو ما أودى في النهاية بحياة ابني أحميد.

وطوال الفيلم يجد المشاهد نفسه وجها لوجه مع “أحميد” الذي يتنقل داخل غرف وطوابق المنزل كأنه يصحب زائره في جولة يسرد خلالها حكاية العائلة منذ عودتها وحتى وقوع الحادث.

ويعرض الفيلم حاليا ضمن برنامج (سينما الواقع الافتراضي) في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الذي يختتم أعماله يوم غد الخميس.

وقالت مخرجة الفيلم ان “الفيلم يتناول بشكل أساسي الأضرار الاجتماعية لزرع المتفجرات والألغام، وحقوق الإنسان، والنزاعات والحروب العالمية، والعدالة الاجتماعية”.

وأضافت “بدأت فكرة الفيلم عندما كنت أشارك في ورشة عمل في الولايات المتحدة، وهناك التقيت مع ممثلي منظمة غير هادفة للربح تعمل بمجال نزع الألغام وتهيئة البيئة للحياة بعد الحروب”.

وتابعت قائلة “عندما بدأت مرحلة البحث كانت هناك ثلاث دول هي الأكثر تضررا من العبوات الناسفة والألغام.. أفغانستان والعراق وسوريا، لكن لعدة أسباب من بينها السلامة والأمان اخترت العراق”.

وأشارت المخرجة المقيمة حاليا في ألمانيا إلى أن مرحلة التصوير بدأت في يناير/ كانون الثاني 2018 عندما توجهت مع طاقم عملها إلى الفلوجة.

وقالت “هناك لجأت إلى الشرطة المحلية للاطلاع على سجل الحوادث المتعلقة بالألغام والعبوات الناسفة، والتقينا بعائلات كثيرة، حينها أدركنا حجم المأساة. اختيارنا وقع على أحميد الذي فقد ابنيه في انفجار عبوة ناسفة لأن الحادث كان قد مر عليه بعض الوقت وكان يبدو متماسكا وقادرا على الحكي، إضافة لرغبته الشخصية في سرد الحكاية”.

وأضافت “قضينا نحو عشرة أيام في العراق بين بحث وتقص وتصوير، وكانت ترافقنا قوات أمن طوال الوقت بجانب طاقم إعداد محلي مساعد”.

وعن الفرق بين سرد القصة من خلال فيلم وثائقي تقليدي وآخر وثائقي بتقنية الواقع الافتراضي قالت المخرجة “في أفلام الواقع الافتراضي أنت بالكامل داخل المكان والحدث، لا تفصلك شاشة أو يشغلك أحد بجانبك أو أمامك. تركيزك كله على الحدث وكأنك منخرط فيه”.

وأضافت “مشكلتنا حاليا في التركيز، كثيرا ما تجد في قاعات السينما من يمسك بهاتفه المحمول أو ينشغل بأمر آخر لكن مع تقنية الواقع الافتراضي أنت تنتقل بكامل حواسك إلى حيث يدور الفيلم وتكون وسط شخصياته وتشعر بأنهم يحدثونك أنت لا أحد غيرك.. تصبح جزءا من القصة”.

وقالت المخرجة إن فيلمها جال بمهرجانات عالمية قبل أن يصل إلى محطته الحالية في مهرجان القاهرة السينمائي، مشيرة إلى أن معظم المهرجانات الكبرى تعتبر الآن أفلام الواقع الافتراضي جزءا أساسيا من برنامجها.

وأضافت أنه بينما يعرض الفيلم حاليا في القاهرة توجد منصة عرض مماثلة في أروقة المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف تقدم الفيلم للتوعية بالقضية حيث تعقد حاليا اجتماعات للأطراف الموقعة على الاتفاقية الدولية المتعلقة بحظر أو تقييد استعمال أسلحة تقليدية مفرطة الضرر أو عشوائية الأثر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى