الدوري.. عصفور المنازل الاليف والمفطور على مجاورة البشر

 

يعتبر طائر “عُصفُور الدُّوري” الذي يُعرف باسم “عصفور المنزل” الطائر البري الأكثر انتشاراً في العالم، إذ يمكنك العثور عليه في مختلف القارات، باستثناء القارة القطبية الجنوبية .

كما أن هذا العصفور قد يكون النوع الأكثر ارتباطاً بالمساكن التي يقطنها الإنسان سواء في الحضر أو الريف. ولا يزال هذا الطائر رمزا مهما في ثقافة العديد من دول العالم، رغم أن أعداده تتراجع تدريجياً في شتى أنحاء الأرض، وبوتيرة متسارعة في بريطانيا.

ومن المشاهد المألوفة والمحبوبة كذلك في المملكة المتحدة رؤية رفرفة أجنحة هذا الطائر داخل أجَمَة، أو على شجرةٍ، وكذلك مرآه وهو جاثمٌ فوق أحد حواف أسطح المنازل، أو وهو يمرح في إحدى البرك ناثراً حوله قطرات الماء.

ولذا فمن المستغرب أنه لم يكن لدينا – حتى وقتٍ قريب – سوى معلوماتٍ شحيحةٍ للغاية بشأن التاريخ التطوري لهذا النوع من الطيور. فقد كان يُعتقد أنه ظهر للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط ثم انتقل منها إلى مختلف أنحاء أوروبا وآسيا، قبل أن يُجلب لاحقاً إلى كلٍ من استراليا وأمريكا الشمالية.

ومن المحتمل أن يكون يوجين شيفلين – وهو الرجل الذي حاول جلب كل الطيور التي ورد ذكرها في مسرحيات وليام شكسبير إلى أمريكا الشمالية في أواخر القرن التاسع عشر – هو المسؤول عن إحضار طائر عُصفُور الدُّوري إلى الولايات المتحدة.

ولعل مما يجدر ذكره بهذا الخصوص ان مارك رافينيت، وهو عالمٌ متخصصٌ في الأبحاث الخاصة بتطور الكائنات الحية في جامعة أوسلو؛ قد باشر اهتمامه بقصة أصل هذا الطائر الذي يُعرف علمياً باسم “باسَّر دوميستيكوس”، بعدما أدرك أن مسألة تطوره لم تُعالج بشكلٍ كافٍ أو صحيح.

وفي بحث جديد نُشِر في دورية “ذا رويال سوسيتي”، سلط هذا الرجل الضوء بشكل مركز على تاريخ تطور وتكيف هذا الطائر، وقد خَلُصَ البحث الذي أجراه في هذا الصدد إلى نتيجتيْن مدهشتيْن.

بدايةً كان من الواضح أن عصفور المنزل ربما يكون قد تأقلم وتكيّف على العيش بجانب البشر، وذلك بسبب الارتباط الذي استمر بينهما عبر الزمن. ويقول رافينيت في هذا الشأن: “إذا نظرت إلى خريطة توزيع طيور عصفور الدُوري خارج نطاقها الأصلي، فستجد أنها جُلِبَت إلى أمريكا الشمالية وجنوب أفريقيا واستراليا”.

ولن يستغرق الأمر كثيراً من الوقت للوصل بين النقاط التي تشير إلى أماكن وجوده، وإدراك أن من جلبوه (إلى تلك المناطق) كانوا أُناساً عاشوا في العصر الفيكتوري، في فترة توسع الإمبراطورية البريطانية”. وأضاف بالقول إن البريطانيين فكروا في هذا الطائر باعتباره رفيق الحدائق الذي سيجعلهم يشعرون بأنهم لا يزالون في وطنهم حتى خلال وجودهم خارج البلاد.

وقد اختبر الفريق البحثي الذي يقوده رافينيت صحة نظريةٍ تفيد بأن هذا النوع من الطيور قد انتشر مع زيادة رقعة الأراضي المزروعة في سائر انحاء العالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى