القبائل اللبنانية تتحارب بأسلحة السلطة والاقتصاد والفساد

لطالما كان لبنان كالمسيح الذي أنبتت دماؤه الورود في الصخور، ولسان حال هذا الوطن الجريح يصدح بعبارة بدر شاكر السياب: – أواه يا شعبي.

السياب الذي هاجم عبد الكريم قاسم بمجازره التي أعمل الذبح فيها بالموصل الحدباء وكركوك عام 1959، بعد مجزرة سحل العائلة الهاشمية – قدس الله أرواح شهدائها البررة – بشوارع بغداد بعام تقريبا.

ونظم هجاء بالجزار قاسم بشعر حداثي جاء فيه: – (راح سربروس الكلب الثلاثي الرؤوس في بابل القديمة الذي يفترض فيه حراسة المدينة يعمل كالخنزير حقده في الأنسان) وهو حال سادة أمراء الحرب في لبنان منذ حربها الأهلية قبل اقل من نصف قرن وحتى اللحظة الغاشمة على لبنان الجميل.

أين كنت في الحرب؟ سؤال معقد كان قد سأله الصحفي اللبناني المعروف غسان شربل لأربعة من أمراء الحرب بلبنان خلال الحرب الأهلية من عام 1975 وحتى توقفها باتفاق الطائف الذي رعاه الملك فهد رحمه الله.

شكلت إجابات إيلي حبيقة والجنرال ميشال عون وقائد الكتائب الأسبق سمير جعجع والزعيم الدرزي وليد جنبلاط، مادة غنية لكتاب عنوانه نفس السؤال الكبير صدر ببيروت عام 1995 قبل اغتيال رئيس الوزراء الشهيد رفيق الحريري والد الرئيس المكلف نجله سعد الذي يخوض اليوم مع حزب الله برئاسة السيد حسن نصر حرب القبائل اللبنانية – بكل ما تحمله الكلمة من معنى – بأسلحة السلطة والاقتصاد والفساد.

كان مقر المجلس الحربي يقع قريبا من الكرنتينا ومنه تدار اعقد مؤامرات الحرب الأهلية بلبنان، ومنها بطبيعة الحال مذابح صبرا وشاتيلا، وبالمناسبة يوجد في الأردن منطقة تدعى الكرنتينا على الضفة الشرقية للنهر قرب المغطس الذي تعمد فيه السيد المسيح على يد يوحنا المعمدان وهو نبي الله يحيى المذكور في القرآن ولا أدرى سبب تشابه الأسماء هذا.

كان الكتائبيين بقيادة سمير جعجع المؤيدين لأمين الجميل يسموا سابقا (قوات إل 75) وإقليم المتن الشمالي الكتائبي، وكان سمير يمد يده من تحت الطاولة، لرئيس لبنان أمين بعد اغتيال أخيه بشي، وكان ذلك بواسطة مخابرات الجيش (بقيادة العقيد سيمون قسيس).

تعرض حبيقة إلى محاولة اغتيال مشتركة من قبل أمين وجعجع لنسف اتفاقه الثلاثي مع السوريين على نهر الموت قرب برج حمود قتلت في الحادث والدة ستريدا زوجة جعجع الذي صادف مرورها بنفس المكان بسخرية للقدر من جعجع قتل حماته.

كان أمين رئيس الجمهورية ولديه الجيش لذا لم يرد حبيقه وصمت وكان له عباره تقول: – (اذا اطلقنا أول رصاصة فمن يضبط آخر المشط) وكان شريكه في الاتفاق جنبلاط الزعيم الدرزي المعروف بنقل البندقية من كتف إلى كتف .

كان الجنرال عون من أنصار الاتفاق مع سوريا وكتبه بخط يده الاتفاق الثلاثي حيث سلمه لحبيقه الضابط فؤاد الشقر المسؤول عن امن عون فشل الاتفاق بالنتيجة واتفقا على الوصول لقصر بعبدا والإطاحة بالرئيس أمين الجميل.

(يتبع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى