أدى المطر الذي هطل على بعض الدول العربية إلى فقدان عشرات الأرواح، وأحدث دمارا كبيرا في البنية التحتيّة والممتلكات، وحوّل الشوارع إلى مستنقعات وبعض البيوت إلى برك، وتكدّست السيارات المعطّلة في الشوارع وعلى الطرقات، وتوقفت الدراسة في المدارس والجامعات، وطلبت الدول ” المنكوبة ” بهذه الأمطار من المواطنين ألا يغادروا منازلهم إلا في الحالات الضرورية … وقد تصدر فتاوي تلغي بموجبها صلوات الاستسقاء التي تقيمها من أجل هطول الأمطار…! وذلك تحسّبا لمنع الكوارث المطريّة القادمة، وحفاظا على سلامة المواطنين!
بعد مرور سبعين عاما ونيّف من حصول معظم الدول العربية على استقلالها، ومرور حوالي خمسين عاما على استقلال آخر دولة منها وهي الإمارات العربية المتحدة، فإنها جميعا ما زالت دول عوائل وقبائل واستبداد متخلّفة علما وثقافة، ووضعت مصيرها بيد أعدائها، وفشلت في إقامة دول قانون ديموقراطية تحمي الحريات وحقوق وكرامة المواطنين، وتطور الصناعة والزراعة، وتنتج على الأقل ما تأكله وتلبسه شعوبها!
وعلى الرغم من تنوّع مصادرها الطبيعية وثرواتها، فإنها فشلت فشلا ذريعا في إنشاء بنية تحتيّة حديثة، ونظام صرف صحي جيد في مدنها وبلداتها وقراها التي توجد فيها بحيرات من مياه الصرف الصحي، وتملأ شوارعها القمامة، وتعاني من شحّ في المياه حيث لا يجد المواطن في بيته ماء ليستحم ويشرب، وتفتقر إلى أنظمة تعليم وصحة واتصالات وإدارة تلائم حاجات ومتطلبات إنسان القرن الحادي والعشرين.
فأين تذهب إذا ميزانيات هذه الدول؟ الظاهر أن معظمها يسرق، وان المشاريع التي تنفّذ، والطرق التي تنشأ تغشّ وتنجز بمواصفات رديئة؛ ولأنه لا يوجد نظام محاسبة، فقد تحولت أجهزة تلك الدول إلى أوكار لكبار اللصوص الذين لاهمّ لهم سوى الإثراء السريع قبل أن يتركوا مناصبهم أو يطردوا منها!
لكن المضحك المبكي أن هذه الدول العاجزة عن حماية حدودها ومواطنيها، وتحوّلت إلى دول مستعمرة بقبولها وجود قواعد عسكرية أجنبية على أراضيها، تدّعي بأنها حققت إنجازات عظيمة، وتطبق شرع الله وتحكم بين الناس بالعدل، وتعمل ما بوسعها من أجل أمن وتقدم الوطن، وراحة وأمن المواطن الذي تبذل جهدها لخدمته واسعاده؛ فمن هو المغفّل الذي يصدّق هذه الأكاذيب؟
هذه الدول التي تسبّب فيها زخّات مطر تهطل .. لسويعات .. هذا النوع من البلبلة والخراب والموت والمعاناة، لا تستحق أن تسمى دولا! إنها هياكل دول قائمة على الظلم والفساد ولا يرجى منها خيرا إطلاقا! لكن الحق ليس على الطغاة الذين يحكمونها، بل إن الحق كل الحق يقع على عاتق الشعوب التي استسلمت للذل، ولم تتحرك حتى الآن لإحقاق الحق والتخلّص من هؤلاء اللصوص الظالمين الخونة” إلي خرّبوا بيوتنا! “