«الجارديان»: نهاية الحلم الأمريكي.. والتاريخ الأسود لشعار «أمريكا أولًا»

عندما تعهد دونالد ترامب في خطاب تنصيبه بوضع أمريكا في المقدمة، استخدم شعارًا له تاريخ طويل ومشؤوم، وكان إشارة لما سيفعله خلال فترة رئاسته.

وقد نشرت صحيفة «الجارديان» تقريراً كتبته «سارا تشيرشويل»، تحاول من خلاله عرض تاريخ عبارة «أمريكا أولًا»؛ إذ يتضح أن العبارة، وما تجيشه من مشاعر كراهية الأجانب، والتحيز العنصري، لم تكن وليدة العصر الحديث، بل يعود تاريخها لما قبل جماعة «. فهل التمسك الشديد بتلك العبارة الآن يحث على مزيد من العنصرية والعنف والاتجاه نحو الانتقاء البشري وتحسين النسل من أجل تمكين تفوق البيض؟

تستهل الكاتبة تقريرها بعرض سريع لأهم تعليقات ترامب المتعلقة بالشعار والقضية برمتها، فتقول: إن دونالد ترامب ألقى خطاب إعلان ترشحه لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية معلنًا أنه «من المؤسف أن الحلم الأمريكي قد مات»؛ إذ بدا تفوه مرشح رئاسي بمثل هذا الكلام أمرًا صادمًا، فعادةً ما يثني العاملون في الحملة الرئاسية ويمجدون الأمة التي يسعون لرئاستها بما يحفز الناخبين على اختيارهم، إلا أن هذا التناقض كان مجرد نبذة عما هو آت، فقد كشف عن مهارة مثبطة لا يمكن مضاهاتها في ليّ كل ما هو سلبي بالنسبة لأي شخص؛ ليعود بالنفع على نفسه.

وبحلول إعلان فوزه في الانتخابات، كان ترامب قد قلب كثيرًا مما اعتقد كثير من الناس أنهم يعرفونه عن الولايات المتحدة رأسًا على عقب، وقد صرح ثانيةً خلال إلقائه خطاب قبوله أن الحلم الأمريكي قد مات، لكنه وعد بإعادته للحياة من جديد، وأُخبرنا بأن حلم الازدهار هذا في مهب الريح، لدرجة أن استحوذت «القومية الاقتصادية» على الرئاسة.

كانت الجهود الأخيرة لتحقيق الحلم الأمريكي مقلقةً بما فيه الكفاية، ولكن خلال الحملة الانتخابية، وعد ترامب أيضًا بوضع أمريكا في المقدمة، وجدد تعهده – مرتين – في خطاب تنصيبه؛ فقد كانت عبارة مزعجة؛ إذ بدأ التفكير في تاريخ هذا الشعار يلوح في الأفق، مدللًا على أنه ليمتد رجوعًا بالزمن إلى جهود إبقاء الولايات المتحدة بعيدًا عن أتون الحرب العالمية الثانية.

عمق تاريخي: القرن التاسع

تذكر الكاتبة أن في الحقيقة، يُعد شعار «أمريكا أولًا» أعمق تاريخيًا وأكثر سوداوية من ذلك، بل إنه متشابك بشدة مع إرث البلاد الوحشي من العبودية والقومية البيضاء، وعلاقته المتضاربة مع الهجرة، والعداء للمهاجرين، والخوف من الأجانب، إلا أن المضمون المعقد والمرعب الذي يمثله هذا الشعار قد تلاشى تدريجيًا في التاريخ السائد، لكنه بقى حيًا بفضل الحركات الفاشية التي تعمل في الخفاء. حتى نكون واضحين، فإن شعار «أمريكا أولًا» صار مثل «استراتيجية صافرة الكلب»، وتتمثل في إرسال رسالة عامة يستقبلها أغلب الناس على محمل النفع لصالحهم، في حين أنها موجهة لمجموعات بعينها تحمل دلالات أخرى.

ويبدو أن خلفيتنا التاريخية قد أطلت علينا بشكل غير متوقع مع ترامب في بادئ الأمر، ومع بعض مؤيديه على أقل تقدير، لكن الحقيقة تقتضي القول أن ثوران النزعة الشعبوية الأمريكية المحافظة ليس بجديد على الإطلاق، وأن شعار «أمريكا أولًا» قد ارتبط بها منذ أكثر من قرن من الزمان. وتعتبر تلك مجرد النسخة الأخيرة المتجددة من النزعة الديماغوغية الشعبوية القوية في التاريخ الأمريكي، بدايةً من الرئيس «أندرو جاكسون» (1829-1837)، إلى «هيوي لونغ» عضو مجلس الشيوخ عن ولاية لويزيانا، بعد قرن كامل، والذي يتجدد من جديد في الوقت الراهن مع ترامب.

وتضيف أن ظهور هذا الشعار يرجع على أقصى تقدير إلى عام 1884، عندما نشرت إحدى الصحف في كاليفورنيا مقالًا بعنوان «أمريكا أولًا ودائمًا»، يتحدث عن الحروب التجارية مع البريطانيين. بينما نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» عام 1891 أن «الفكرة التي لطالما آمن بها الحزب الجمهوري»، هي «أمريكا أولًا، وباقي العالم يأتي بعدها»، ووافق الحزب الجمهوري على هذه العبارة، واتخذها شعارًا لحملته الانتخابية عام 1894.

بعد عدة سنوات، أصبحت عبارة «زر أمريكا أولًا» شعارًا منتشرًا في كل مكان مع الازدهار الحديث لصناعة السياحة، والذي انتشر بسهولة باعتباره وعدًا سياسيًا في الأساس. وقد أقر ذلك «وارن هاردينغ» مالك صحيفة تصدر في ولاية أوهايو، والذي قاد حملة انتخابية ناجحة أدخلته مجلس الشيوخ عام 1914، تحت شعار «ازدهار أمريكا أولًا». إلا أن هذا التعبير لم يتحول إلى شعارًا وطنيًا حتى أبريل (نيسان) من عام 1915، عندما ألقى الرئيس «وودرو ويلسون» خطابًا يدافع فيه عن موقف الولايات المتحدة الحيادي خلال الحرب العالمية الأولى، إذ قال: «إن واجبنا في اللحظة الراهنة، وعلى كل الأصعدة، يتلخص في شعار: أمريكا أولًا».

تحول مفهوم الانعزالية

توضح الكاتبة أن الرأي الأمريكي كان منقسم بشدة حول الحرب – الحرب العالمية الأولى – فبينما استنكر كثيرون ما كان يُنظر إليه على نطاق واسع بأنه مجازفة قومية سافرة من قبل ألمانيا، كانت هناك مشاعر متأججة معادية لبريطانيا أيضًا، خاصة في أوساط الأمريكيين من أصول أيرلندية، لم يكن الحياد الأمريكي مدفوعًا بأية حال من الأحوال بالانعزالية البحتة، بل امتزج بالرغبة في السلام، ومناهضة الإمبريالية، ومقاومة الاستعمار، والقومية، والاستثنائية أيضًا. كان ويلسون يلقي خطاب «أمريكا أولًا» وعينه على فترة رئاسية ثانية، وأكد أن مصطلح «أمريكا أولًا» لا ينبغي فهمه «بروح أنانية»، وأن «أساس الحياد نابع من التعاطف مع الجنس البشري».

انتشرت العبارة كمرادف للانعزالية كالنار في الهشيم وعلى نطاق واسع، وعلى الرغم من ذلك، مع حلول عام 1916، أصبح شعار «أمريكا أولًا» من الشهرة بمكان لدرجة استخدام كلا المرشحين الرئاسيين له كشعار لحملتيهما الانتخابية. عندما دخلت الولايات المتحدة الحرب عام 1917، تحول شعار «أمريكا أولًا» إلى شعار قومي متطرف، لكنه عاد للتعبير عن الانعزالية من جديد بعد الحرب؛ ففي صيف 1920، ألقى السيناتور «هنري كابوت» الكلمة الرئيسة في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، وأدان فيه عصبة الأمم تحت شعار «أمريكا أولًا». وبعدما أمن «هاردينغ» ترشيح الجمهوريين له، شق طريقه على الفور نحو الفوز في نوفمبر (تشرين الثاني) مستخدمًا نفس نفس الشعار، والذي استحضرته إدارته دون انقطاع قبل أن تنهار في خضم أكبر فضيحة رشوة سياسية عرفتها الولايات المتحدة حتى يومنا هذا.

وبحلول عام 1920، التأم شعار «أمريكا أولًا» مع تعبير آخر انتشر آنذاك، وهو «أمريكي 100%»، وسرعان ما لعب الشعاران دورًا واضحًا في ترسيخ سياسات الأهلانية – وهي نهج سياسي يعني بمصالح السكان الأصليين في المقام الأول وكراهة المهاجرين- والقومية البيضاء. يعد استيعاب المعنى الكامل لعبارة «أمريكي 100%» مستحيلًا، دون إدراك الأبعاد القانونية والسياسية المتعلقة بأفكار تحسين النسل والانتقاء الإنساني المرتبطة بالنسب المئوية في الولايات المتحدة الأمريكية.

إن ما يُسمى بـ«قاعدة القطرة الواحدة» – التي تقول إن قطرة واحدة من «الدم الزنجي» تجعل الشخص أسودًا بحكم القانون – كانت أساسًا للعبودية وقوانين اختلاط الأجناس في كثير من الولايات، والتي استُخدمت لتحديد ما إن كان يجب استعباد شخص ما، أو تحريره. نبع منطق قاعدة القطرة الواحدة من «توافقية الثلاثة أخماس» سيئة السمعة في الدستور، والتي لا تعتبر العبيد أشخاص كاملين الانسانية، بل تعتبر الشخص الواحد منهم يمثل ثلاثة أخماس الشخص السوي. ولم يكن الإعلان عن شخص أمريكي 100% أمرًا مجازيًا، لاسيما في بلد تقيس الناس حسب النسب المئوية والكسور العشرية، من أجل حرمان بعضهم من إنسانيتهم الكاملة.

نشر «أبتون سنكلير» روايةً ساخرةً عام 1920، أسماها «100%: قصة رجل وطني» (100%: The Story of a Patriot)، مستوحاة من قضية «توم موني»، المتطرف الذي حُكم عليه بالإعدام شنقًا بتهم تفجيرات عام 1916، والتي تُعد تهمًا ملفقة إلى حد كبير. تُسرد رواية سنكلير من وجهة نظر بيتر، والذي كان «شديد الوطنية، ووطنيًا حتى النخاع، فقد كان بيتر أمريكيًا نقيًا لم يلوث دمه، كان بيتر أمريكي 100%. لقد كان أمريكيًا لدرجة أنه لدى رؤية أي أجنبي، يشعر بدافع شديد للقتال».

يؤمن بيتر تمامًا بما يلي:

سوف يجد النقاء العرقي الأمريكي 100% طريقةً للحفاظ على نفسه من سفسطة البلشفية الأوروبية، لقد وجد النقاء العرقي الأمريكي 100% معادلته الخاصة: «إذا لم يحبوا هذه البلاد، دعهم يرجعون من حيث أتوا»، ولكن بالطبع، إنهم يعلمون في قرارة أنفسهم أن أمريكا أفضل بلد في العالم، ولا يريدون العودة، لكن من الضروري إجبارهم على الذهاب.

الحرب العالمية الثانية

تنتقل الكاتبة إلى فترة الحرب العالمية الثانية وكيف تطور مفهوم أمريكا أولا بكل ما يحمله من معان لمعاداة الأجانب وتفوق الجنس الأبيض، تذكر أن الأمريكين شكلوا تحالفًا اتخذ موقفًا معارضًا من دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية في خريف عام 1940 سمي بـ«لجنة أمريكا أولًا». وأصبح «تشارلز ليندبيرغ» الناطق الرسمي لها، وربما كانت تومبسون خصمهم الأكثر ضراوة. فقد كتبت في عام 1941 «أنا على ثقة تامة أن ليندبيرغ مؤيد للنازية»، وأضافت: «إنه يكره النظام الديمقراطي الحالي، ويسعى ليكون رئيسًا للولايات المتحدة مع حزب جديد يقف خلفه على غرار النمط النازي». بحلول مايو من عام 1941 انضم لويس إلى تنسيقية أمريكا أولًا، وفي غضون ذلك انفصل عن تومبسون في هدوء. وفقًا لكاتب السيرة الذاتية للويس، كان «في ذلك الوقت يعارض بشدة التدخل الأمريكي في الحرب الأوروبية، وهو ما جعله يتعاطف مع المؤيدين لأمريكا أولًا».

ثم تعود الكاتبة للحاضر، مشيرة إلى أن بعد سبعة أشهر من رئاسة دونالد ترامب، وتحديدًا في أغسطس من عام 2017، نظم ائتلاف من الفاشيين الأمريكيين، يطلقون على أنفسهم «وحدوا اليمين»، مسيرةً في مدينة شارلوتسفيل، بولاية فيرجينيا، يبدو أن كثيرًا من المراقبين صدموا لدى معرفتهم أن جماعة الكو كلوكس كلان والنازيين الجدد بإمكانهم تنظيم مسيرة في أمريكا الحديثة، ويهتفون «لن يأخذ اليهود مكاننا»، فضلًا عن أن الصدمة الأكبر كانت عندما رفض ترامب إدانتهم. عندما برزت قصة إلقاء القبض على والد ترامب خلال الحملة الانتخابية عام 2016 فيما وُصف في كثير من الأحيان (على نحو خاطئ) «بمسيرة للكو كلوكس كلان»، أنكر ترامب في بادئ الأمر أن يكون «فريد ترامب» الذي تدور حوله تلك القصة والده، وقال إنهم لم يعيشوا في العنوان الذي ورد في الصحيفة على الإطلاق، ولكن على الرغم من أن دونالد لم يعش هناك، إلا أن عائلة ترامب عاشت هناك. ليس هناك دليل على أن فريد الذي تواجد في موكب اليوم الوطني لعام 1927، مؤيد للكو كلوكس كلان، لكن اللافت للنظر في ذلك الأمر أنه من بين 20 ألف متفرج أُلقي القبض على ستة أفراد فقط: خمسة «منتمين للكو كلوكس كلان»، و«فريد ترامب».

هل يحيى إرث ترامب الفاشية؟

تشير الكاتبة إلى أن دونالد ترامب تحدث كثيرًا وبفخر عن الأب الذي كان يوقره؛ فقد قال عام 2015: «إن إرثي له جذور ممتدة إلى إرث أبي»، وهناك سبب وجيه يدعو إلى التفكير في أن الانتقائية الانسانية وتحسين النسل يلعب دورًا في هذا الإرث. قال «مايكل دانطونيو»، أحد كتاب السيرة الذاتية لترامب: «إن الأسرة تؤيد نظرية حصان السباق الخاصة بالتنمية البشرية، وتحسين سلالة الجنس البشري». وأضاف: «إنهم يؤمنون أن ثمة أناسًا متفوقين، وأنك إذا جمعت بين جينات امرأة متفوقة، وجينات رجل متفوق، فسوف تحصل على ذرية متفوقة». علاوة على ذلك أيد ترامب نسخة مشوهة من تحسين النسل في مقابلة أُجريت معه عام 2010؛ إذ قال: «أعتقد أنني ولدت بدافع للنجاح؛ لأنني أملك جينًا وراثيًا معينًا. أنا أُؤمن بالجينات»، وعلى الرغم من عدم معرفة أي شخص لسبب اعتقال «فريد ترامب» مع خمسة أعضاء منتمين إلى الكو كلوكس كلان عام 1927، فإن سجله اللاحق لا يشير أيضًا إلى أنه كان يتظاهر هناك ضد الكو كلوكس كلان، ربما كان كل ذلك من قبيل المصادفة.

إلا أنها تستبعد ذلك، ففي أكتوبر (تشرين الأول) لعام 2017، أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» في تقرير لها أن «ستيفن ميلر»، مستشار ترامب المقرب، كان قد اختار شعار «أمريكي 100%» اقتباسًا لصفحته في الكتاب السنوي للمدرسة الثانوية، كما تصدر ترامب العناوين الرئيسية للصحف العالمية في يناير لعام 2018، عندما تساءل خلال مباحثات الهجرة من هايتي وأفريقيا، لماذا قد يحتاج «كل هؤلاء الناس من دول مستنقعات القاذورات؟»، وأضاف أنه يريد «مزيدًا من الناس من أماكن مثل النرويج»، وأشار بعض المعلقين أن النرويج ذات أغلبية عرقية بيضاء ساحقة، بينما وقع آخرون كُثر في حيرة لما بدا تفضيلًا تعسفيًا.

تساءلت صحيفة «هيوستن كرونيكل» حول «لماذا النرويج؟» في تقرير لها سلط الضوء على «عنصرية» الاختيار، وأضافت الصحيفة أن موقع «دايلي ستورمر» التابع للنازيين الجدد قد أيد تصريحات ترامب، وأشار الموقع إلى أن «ترامب بأية حال من الأحوال متفق معنا على نفس الهدف»، بيد أن صحيفة «كرونيكل» لم تشر إلى أن صحيفة «دايلي ستورمر» ما تزال تحدد النوردية في حد ذاتها، و«أمريكا أولًا»، باعتبارها نماذج عرقية مثالية للولايات المتحدة الأمريكية.

وتختتم الكاتبة قولها مؤكدة على أن التاريخ والسياقات التاريخية المختلفة التي استخدمت فيه العبارة جديرة بالاهتمام لفهم دوافع ومآلات الأمور حاليًا، تقول: «إننا لا يمكننا سماع صافرة الكلب ما لم نكن على وعي بمداها ومغزاها وتواجدنا داخل نطاقها، ولا يمكننا فهم النصوص المندرجة تحت شعاراتنا الخاصة ما لم نفهم سياقاتها، فالأمريكيون يواجهون خطر القراءة الخاطئة لشعاراتهم الخاصة، ما لم يحيطوا علمًا بالمعاني التاريخية للمصطلحات التي يحيونها ويخلدونها». وتضيف «أن الجميع مشغول بطرح أسئلة ملحة حول الحاضر، بينما توجد إجابات غاية في الدهشة أكثر مما يعتقد كثير منا خلف ستار الماضي تنتظر الكشف عنها، وهكذا، فإن الخلفية التاريخية للعبارات المحملة بالمعاني الكبرى قد تساعدنا في فهم كيف وجدنا أنفسنا في مواجهة هذه المشاكل اليوم، بل ربما تدلنا كيف نستطيع منع تفجير العنف مرة أخرى».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى