هل ستفتح إيران أبواب جهنّم في الخليج؟

ستفرض الولايات المتحدة الأمريكية ابتداء من اليوم الإثنين الموافق 5 – 10 – 2018 حزمة ثانية من العقوبات المشدّدة التي تعيد تطبيقها ضدّ إيران بسبب برامجها النووي، وتستهدف القطاعين النفطي والمالي الإيرانيين؛ فقد أعلن وزير الخزانة الأمريكي أن العقوبات ستكون مؤلمة لأنها ” تخصّ 700 كيان إيراني، وتضمّ القائمة 300 إسما جديدا ” لم تشملها العقوبات الامريكية السابقة.

الهدف من هذه العقوبات الأمريكية المدعومة إسرائيليا وعربيا، هو تغيير النظام الحاكم في طهران دون إطلاق رصاصة واحدة، أو على أقل تقدير إجبار إيران على تغيير سياستها الخارجية في الشرق الأوسط بما يتمشّى مع المطالب الأمريكية، والدخول في مفاوضات من أجل التوصل لاتفاق نووي جديد يرضي الولايات المتحدة وإسرائيل.

لا شك بأن هذه العقوبات ستؤدي إلى زيادة الضغوط على اقتصاد إيران وتزيد من معاناة شعبها؛ لكنها لن تكون ” القشّة التي تقصم ظهر البعير” كما تتمنى أمريكا وإسرائيل وبعض الحكام العرب لأن إيران دولة كبيرة وقوية، وتحدّت العقوبات الأمريكية منذ قيام ثورتها الإسلامية عام 1979 وصمدت، وعزّزت نفوذها في العراق وسوريا ولبنان واليمن وهدّدت بذلك مصالح أمريكا ودول الخليج المتحالفة معها، وطوّرت منشآتها النووية وقدراتها العسكرية بشكل أزعج إسرائيل واشعرها بوجود خطر إيراني حقيقي سيكون له تداعيات على احتلالها لفلسطين، وعلى خططها التوسعيّة التي تهدّد الأمن والسلام في منطقة الشرق الأوسط، وعلى وجودها كدولة صهيونية دخيلة لا علاقة لها بتاريخ وثقافات العالمين العربي والإسلامي.

السؤال الذي يطرح نفسه هو هل ستغلق إيران مضيق هرمز وتفتح أبواب جهنم في الخليج؟ لقد هدّدت إيران بإغلاق المضيق وقد تفعل ذلك إذا وجدت نفسها في وضع المحاصر الذي لا يمتلك أي خيارات أخرى سوى خلط الأوراق بإغلاق المضيق الذي يمرّ منه أربعون في المئة من النفط الذي يتم توزيعه في العالم. دول الخليج تصدّر ما يقرب من 90% من نفطها بواسطة الناقلات التي تعبر ذلك المضيق، وتمرّ معظم مستورداتها الهامة والأساسية القادمة من الصين واليابان وكوريا الجنوبية ودول شرق آسيا الأخرى عبره. ولهذا فإن إغلاقه قد يدفع بسعر برميل النفط إلى 400 دولار كما يقول الخبراء، وتكون له آثارا تدميريّة هائلة على حياة أبناء الخليج اليومية، وعلى الاقتصاد العالمي.

الولايات المتحدة بقيادة الرئيس دونالد ترامب العنصري المتعطش للهيمنة وابتزاز الشعوب، تلعب بالنار في منطقة الشرق الأوسط التي تعتبر من أكثر مناطق العالم خطورة، وتقود تلك السياسات الترامبيّة الهوجاء ألى تدخّلات أجنبية، وصراعات سياسية ودينية دموية مدمرة قد تستمر لسنوات طويلة.

الخاسر الأكبر في هذا الصراع سيكون دول الخليج التي تبارك مؤامرات ترامب وتشارك فيها لحمايتها من إيران! أمريكا لا يهمها إلا المحافظة على منابع النفط ومصالحها السياسية والاقتصادية والعسكرية وأمن إسرائيل، وتستغل حكام الخليج وتبتزهم ماليا وسياسيا، وستتخلى عنهم وعن دولهم وتبيعهم بثمن بخس كما باعت غيرهم؛ لكن إيران دولة قويّة كبيرة، وستظل موجودة وفاعلة إذا خسرت أو انتصرت في مواجهتها مع الولايات المتحدة.

أما دول الخليج فإنها ستخسر في كلا الحاتين: إذا انتصرت الولايات المتحدة وتمكّنت من تغيير النظام الإيراني الحالي، فإن النظام الإيراني القادم سيكون نظاما قوميا متحالفا مع أمريكا وإسرائيل، ومعاديا للعرب، وطامعا في الهيمنة على معظم الدول الخليجية أو احتلالها؛ وإذا تمكّنت إيران من مواجهة الحصار وخرجت منتصرة، فإن النظام الإيراني والدول العربية والأحزاب المتحالفة معه ستحاول تغيير الأنظمة الخليجية، ومن الممكن عندئذ أن يخسر مشايخها الذين تآمروا مع أمريكا عروشهم ويخرجوا ” من المولد بلا حمص!”

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى