سجّل العام الحالي، انخفاضا كبيرا في إنتاج ثمار الزيتون داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ قدّرت إحصائيات رسمية نسبته بـ 50 في المائة.
وجاء موسم قطاف ثمار الزيتون لهذا العام، مخيّبا لآمال المزارعين الفلسطينيين الذين توقعوا موسما أفضل من سابقه، ما تسبّب بتكبيدهم خسائر فادحة؛ حيث يعدّ الزيتون، وفق أرقام رسمية صادرة عن “دائرة الإحصاء الفلسطيني”، مصدر رزق أساسي لأكثر من 40 ألف عائلة في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.
وفي حديث لـ “قدس برس”، أرجع مدير دائرة الزيتون في وزارة الزراعة الفلسطينية، رامز عبيد، أسباب انخفاض إنتاجية الزيتون إلى سببين رئيسيين؛ هما التغيّر المناخي وتفشي آفة الزيتون أو ما تعرف بـ “ذبابة ثمار الزيتون”.
وذكر عبيد، أن التغير المناخي في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط كان سببا رئيسيا في انخفاض إنتاج الزيتون بنسبة 70 في المائة، لافتا إلى أن الزيتون الفلسطيني “بعلي” (لا يُسقى)؛ وعليه فإنه يتأثر بشكل كبير نتيجة التغيرات المناخية.
وفيما يتعلق بأثر الحشرات على ثمار الزيتون، أوضح المسؤول الفلسطيني أن هذه الآفة أصابت العناقيد الثمرية التي تحمل حبات الزيتون، كما أصابت الورق أيضا، خاصة في المناطق الغربية من الضفة الغربية.
وبيّن أن هذه الذبابة كان لها دور في تخفيض الإنتاج في المناطق التي انتشرت فيها، بنسبة 20 في المائة، وذلك في طولكرم، قلقيلية، وغرب كلّ من؛ جنين، سلفيت، رام الله.
كثيرٌ من المزارعين الفلسطينيين ألقوا باللوم على وزارة الزراعة، واتهموها بتجاهل وإهمال ما ستعرّض له القطاع الزراعي من تحديات وتهديدات، وهو ما ردّ عليه المسؤول في الوزارة بالقول “من حق المواطن أن يلوم الحكومة، فهي المسؤولة عن كل شيء، لكن هناك فرق بين أن يكون سبب انخفاض الإنتاج تغير مناخي (لا يُمكن لأحد التدخل فيه) وبين الإجراءات التي قامت أو تقوم بها الوزارة من شأنها التأثير على الإنتاج”.
وأشار إلى أن وزارة الزراعة الفلسطينية تقدّمت إلى الحكومة بمشروع لحماية أشجار الزيتون من آثار التغيّر المناخي، لافتا إلى موافقة الحكومة على المشروع الذي تبلغ كلفة تنفيذه 14 مليون دولار.
وأكدت وزارة الزراعة الفلسطينية أن نسبة انخفاض الإنتاج هذا العام قد بلغت 50 في المائة عن العام الماضي، ما من شأنه أن يؤثر على المُنتِج والمستهلك؛ فأسعار الزيتون والزيت سترتفع، كما سيتأثّر المزارع بذلك لإنه لن يربح من زيتونه ككل عام.
أمّا من حيث الحاجة إلى الاستيراد، فقد ذكر عبيد أن وزارته قرّرت عدم اللجوء إلى استيراد الزيتون حتى انتهاء الموسم، مضيفا “يمكن بحث تلك القضية مع بداية العام القادم 2019، أي بعد تقدير الأوضاع”.
وأضاف “لا نُريد إلحاق الضرر بالمزارع، نودّ منه أن يبيع جميع منتوجه دون أن يتأثر من أي زيت ممكن أن نستورده من الخارج”.
وتحتاج السوق الفلسطينية سنوياً، في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، إلى نحو 14 ألف طن من زيت الزيتون، بينما يتم تصدير كميات إلى الأسواق الأردنية والخليجية والأوروبية، وفق أرقام رسمية.
من جانبه، يقول المزارع الفلسطيني عصمت جيوسي (62 عاماً) إنه تفاجأ بنوع من الديدان نخرَ أشجار الزيتون في أرضه والأراضي الأخرى التي يرعاها في قرية “كور” جنوبي شرق طولكرم؛ حيث أنها أكلت الثمر والأوراق، كما قال.
ونوّه في حديثه لمراسلة “قدس برس”، إلى احتمال تأثر إنتاج الزيتون في الأعوام القادمة بشكل كبير، في حال وصول تلك الديدان إلى العناقيد الثمرية، وقتلها للشجر.
وأكّد على أن نحو 400 شجرة على مساحة أربعين دونماً تقريباً (أرضه وأراضي ذويه) كانت تُنتج لهم سنوياً من مائة إلى 120 تنكة زيت، لكنّ هذا العام لن تُنتج لهم الأشجار شيئاً، قائلا “من الجيد إذا أنتجت لنا سبع تنكات”، ما يبيّن حجم الانخفاض بشكل لافت.
وأوضح “منذ خمس سنوات، كان زيت الزيتون يُنتج مائة في المائة؛ فمثلا العام الماضي أنتجت الأرض نحو 85 تنكة، لكن اليوم انضربنا ضربة قاسية، لم نتوقعها”.
وأطلق مزارعون فلسطينيون مناشدة لوزارة الزراعة لمساعدتهم برش أشجار الزيتون بالمُبيدات الحشرية التي تقول الوزارة إنها قد تؤثر على الشجرة ولن تحل المشكلة.