قراءة في اتفاق إدلب وتداعياته

في غضون عشرة أيام تم عقد لقائين بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب أردوغان،الأول ضمن قمة طهران يوم7أيلول/سبتمبر2018،و الثاني في منتجع سوتشي،يوم الإثنين 17أيولول/سبتمبرالجاري،

حيث أجريا مناقشات وحوارات مطولة حول الأوضاع القائمة في سورية،لاسيما في محافظةإدلب التي يتمركزفيها الإرهابيون واللاجئون السوريون الرافضون لنهج المصالحة مع الدولة  الوطنية السورية ،وتوصلا إلى اتفاق يقضي بإنشاء منطقة منزوعة السلاح بعمق 15 إلى 20 كم على طول خط التماس بين القوات السورية والجماعات المتطرفة، كما يتم بموجبه سحب جميع الأسلحة الثقيلة من المنطقة، حيث يدخل حيز التنفيذ بحلول 15من شهر تشرين الأول/أكتوبر  المقبل ويصار بعدها إلى فتح طريق حلب حماة وحلب اللاذقية قبل نهاية عام 2018.

واحتل استئناف النقل عبر طريقي حلب ــ اللاذقية وحلب ــ حماة، بنداً رئيسياً في اتفاق سوتشي حول إدلب ، إذ تقرر إعادة فتح الطريقين الدوليين قبل نهاية عام 2018، وفق البند التالي من النص الحرفي للاتفاق: ــ ستجري استعادة طرق نقل الترانزيت عبر الطريقين إم 4 (حلب – اللاذقية) وإم 5 (حلب – حماة) بحلول نهاية عام 2018. وهذا يدلّ على أنّ الأمر يعتبر جزءاً أساسياً من الاتفاق وله أهمية واضحة، خصوصاً مع تعهّد الجانبين بتأمين الحماية اللازمة لهذين الطريقين.

فقد تمّ اتخاذ قرار بفتح الطرق الدولية في سورية وعلى رأسها حلب – حماة – دمشق، وحلب – اللاذقية، من قبل الدول الثلاث الضامنة لعملية أستانة، روسيا وتركيا وإيران، في محادثات الجولة السادسة التي عقدت في 14 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2017، ووقّع عليه مفاوضو النظام والمعارضة، لكن لم يجرِ الإعلان عنه حتى تتهيّأ الظروف الموضوعية والمناسبة على الأرض. وقد تمّت إعادة التأكيد على الأمر نفسه في اجتماع أستانة التاسع الذي عقد في مايو/ أيار من العام الجاري.

وكان من أهم أهداف اتفاق سوتشي الأخير التوصل إلى حل سياسي للأزمة القائمة ودعم مساري آستنة وجنيف، الأمر الذي لقي ترحيباً من قبل الحكومة السورية التي سبق وأن أجرت مشاورات مكثفة مع الاتحاد الروسي بهذا الخصوص ما يسهم بإعادة الأمن والأمان إلى بقعة ضربها الإرهاب.‏

ويأتي هذا الاتفاق بعد أن أحرز الجيش العربي السوري بمساعدة حلفائه المخلصين في روسيا وإيران وحزب الله، تقدمًاكبيرًا على طريق استعادة المساحة الأكبر من الجغرافيا السورية التي دنسها الإرهابيون وعاثوا فيها فسادًا وتخريبًا طيلة السنوات الماضية، وبعد أن شارفت الدولة الوطنية السورية على إعلان  انتصارها النهائي على الإرهاب،وإيجاد ظروف موضوعية وبيئة مناسبة لإنضاج وإنتاج حل سياسي يتماهى مع تطلعات ومصالح الشعب السوري بمختلف مكوناته، حيث لم يبقَ أمامها سوى جولة أخيرة تبدو محسومة النتائج مع بقايا الإرهاب المنتشرة في محافظة إدلب وريف حماة الشمالي،التي تستخدمها الدولة التركية ومعها الإمبريالية الأميركية والكيان الصهيوني لإطالة أمدالحرب ،في محاولة عبثية لإعادة عقارب الساعة للوراء وفرض شروط وإملاءات لم تقبل بها الدولة الوطنية السورية في أوج الأزمة التي عصفت بها طيلة سنوات الحرب الإرهابية الكونية التي شنت عليها خلال السنوات السبع الماضية.

الموقف السوري الرسمي من الاتفاق

أعربت الجمهورية العربية السورية عن ترحيبها بالاتفاق حول محافظة إدلب الذي أعلن عنه يوم الإثنين الماضي،في مدينة سوتشي الروسية مؤكدة أنّه كان حصيلة مشاورات مكثفة بينها وبين الاتحاد الروسي وبتنسيق كامل بين البلدين.وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية والمغتربين في تصريح لوكالة سانا يوم الإربعاء الماضي : إن الجمهورية العربية السورية ترحب بالاتفاق حول محافظة إدلب الذي أعلن عنه في مدينة سوتشي الروسية وتؤكد بأن هذا الاتفاق كان حصيلة مشاورات مكثفة بين الجمهورية العربية السورية والاتحاد الروسي وبتنسيق كامل بين البلدين.‏‏

وأضاف المصدر: إن الجمهورية العربية السورية إذ تشدد على أنها كانت ولا تزال ترحب بأي مبادرة تحقن دماء السوريين وتساهم في إعادة الأمن والأمان إلى بقعة ضربها الإرهاب فإنها تؤكد على أنها ماضية في حربها ضد الإرهاب حتى تحرير آخر شبر من الأراضي السورية سواء بالعمليات العسكرية أو بالمصالحات المحلية التي أثبتت نجاعتها في حقن دماء السوريين وعودة الأمن والأمان إلى المناطق التي جرت بها مما ساهم أيضا في البدء بعودة اللاجئين إلى ديارهم.‏‏

واختتم المصدر تصريحه بالقول: إن اتفاق إدلب الذي أعلن عنه بالأمس الأول هو اتفاق مؤطر زمنيا بتواقيت محددة وهو جزء من الاتفاقيات السابقة حول مناطق خفض التصعيد التي نتجت عن مسار استنة منذ بداية العام 2017 والتي انطلقت في أساسها من الالتزام بسيادة ووحدة وسلامة أراضي الجمهورية العربية السورية وتحرير كل الأراضي السورية سواء من الإرهاب والإرهابيين أو من أي وجود عسكري أجنبي غير شرعي.‏‏

ويتساءل المحللون ما هي مبررات قبول سورية لهذا الاتفاق؟

تستند الدولة الوطنية السورية في قبولها لهذا الاتفاق الجديدحول إدلب ، إلى مصداقية التحالف الاستراتيجي القائم بينها وبين الدولة الروسية،والذي يرتكزإلى معاهدة الصداقة السورية –السوفياتية التي أبرمت بين الزعيمين الراحلين حافظ الأسط وليونيد بريجنيف في عام 1980، في زمن الحرب الباردة،حيث  أثبت هذا التحالف الاستراتيجي فعاليته طيلة العقود الماضية،وخلال سنوات الحرب في مواجهة الحركات الإرهابية والتكفيرية،وفي لجم مخططات الدول الاستعمارية الغربية،لاسيما منها الإمبريالية الأميركية التي أقامت تحالفًا استراتيجيًا مع تركيا الأطلسية،والكيان الصهيوني،والدول الخليجية، كان يهدف ولا يزال يعمل على استعادة مكثفة لثوابت الاستراتيجية الأميركية تجاه المنطقة في يومنا الراهن، لجهة بناء شرق أوسط جديد تمزق فيه الدول الوطنية العربية من العراق إلى سورية إلى دويلات طائفية ومذهبية وعرقية، الأمر الذي يدمر عناصر القوة العربية المستندة الى هويتها القومية الجامعة، ويبرر وجود الكيان الصهيوني باعتباره دولة يهودية تتواجد مع مثيلاتها من الدويلات الطائفية والعرقية والمذهبية المراد اقامتها. كما أن الوسيلة الاساسية المعتمدة اميركياً لبلوغ هذا الهدف هو نشر الفوضى الخلاقة، وهو التعبير الدبلوماسي المخفف عن استراتيجية تفجير الصراعات الدموية بين مكونات الامة واشاعة الاحتراب الداخلي فيما بينها، كما حصل منذ سنة 2003 في الغزو الأميركي للعراق، واندلاع الحرب الأهلية فيه طيلة سنوات 2004 ولغاية 2007 مرورًا بسيطرةتنظيم “داعش” الإرهابي على الموصل في حزيران 2014، وإقامة ما سمي حينذاك ب “دولة الخلافة في العراق والشام”،وأخيراً ماجرى في سورية منذ تداعيات التدخل الأطلسي في ليبيا ولغايةالآن.

وتعتبر الدولة الوطنية السورية أنّ اتفاق إدلب هو بمنزلة اختبار للنظام التركي الأردوغاني،الذي كان داعمًا وحاضنًا للتنظيمات الإرهابية والتكفيرية، طيلة سنوات الحرب الإرهابية الكونية على الدولة والشعب السوريين،حيث نقل الاتفاق المواجهة بين الجيش العربي السوري وحلفائه وبين التنظيمات الإرهابية التكفيرية ومن يدعمها ويشغلها من قوى إقليمية ودولية في إدلب، إلى مواجهة بينية بين تلك الاطراف، أي إنه عندما تقبل تركيا  أن تتولى مهمة التعامل مع الارهابيين الموجودين في الشمال وتحديدًا في إدلب لجهة موافقتها ضمن أطر زمنية محددة وواضحة على نزع سلاح تلك المجاميع والتنظيمات الإرهابية التي صنعتها ودعمتها واحتضنتها وكبرتها خلال الاعوام السابقة، فإنها تكون بذلك قد وفرت على دمشق المواجهة مع أولئك الارهابيين الذين سوف ينقلبون عليها أي على تركيا بحكم التجارب السابقة، وهذا ما قد يفتح باب المواجهة الطويلة معهم، المواجهة التي يتوقع أن تنتقل الى داخل الحدود التركية في المستقبل القريب، فلم يعد هناك أي خيار أمام النظام التركي بعد اتفاق سوتشي سوى طي‏ صفحة الارهاب في إدلب بأي شكل من الاشكال سواء أبدى موافقته على ذلك أو كان مرغماً على ذلك.

ومن ضمن مفاعيل الاتفاق، ما أكدته صحيفة الوطن السورية ، إن مؤسسات الدولة السورية ستعود إلى إدلب بمقتضى الاتفاق بعد أن يسلم مقاتلو المعارضة كل أسلحتهم الثقيلة ويبتعدوا عن المناطق المدنية. ونقلت الصحيفة عن مصادر ديبلوماسية لم تحددها في موسكو قولها: “سيجري اعتبار الفصائل التي ترفض الاتفاق عدوة حتى للجيش التركي وتصنف على أنها إرهابية ومن الواجب قتالها”.

الموقف الإيراني

كما رحبت وزارة الخارجية الإيرانية بالاتفاق حول إدلب الذي أعلن التوصل إليه في مدينة سوتشي الروسية يوم الإثنين الماضي.‏‏ وقال المتحدث باسم الوزارة بهرام قاسمي في تصريح له :إن وقف العنف ونزيف الدماء مع تطهير المنطقة من أي إرهاب يعد من الأركان الأكثر أساسية ومبدئية في السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، مشيرًا إلى أن اجتماع القمة بين إيران وروسيا وتركيا والاتفاق الحاصل حول كيفية حل وتسوية الوضع في إدلب يشكل خطوة مهمة وأساسية في القضاء على بقايا الإرهابيين في سورية.‏‏ وأعرب قاسمي عن أمله بأن تؤدي نتائج اجتماع سوتشي في إطار المسيرة الإيجابية والناجحة لعملية آستنة واستمرارا لاجتماع طهران دورا مؤثرا في حل الأزمة في سورية وإنهاء وجود الإرهابيين فيها.‏‏

تداعيات العدوان الصهيوني وإسقاط الطائرة الروسية إيل20

جاء توقيت العدوان الصهيوني الجديد  الذي نفذته طائرات صهيونيةعلى محافظة اللاذقية،عقب ساعات من إعلان الرئيسين التركي،رجب طيب أردوغان،والروسي فلاديمير بوتين،خطة جنبت إدلب ومحيطها الحرب،ليكون جزءًا من استراتيجية الكيان الصهيوني وحلفائه الغربيين لإبقاء الإرهاب ورقة يفاوض عليها الغرب الاستعماري كلما ضاقت وتقلصت خيارات مناوراته على أرض المعارك والمواجهة.‏

فقد شنت أربع طائرات صهيونية ،من طراز “أف 16″،هجمات على مواقع وأهداف عسكرية بمحافظة  اللاذقيةالساحلية، بالتزامن مع مشاركة الفرقاطة الفرنسية “أوفرين” في هذا العدوان،عبرإطلاقها من البحر المتوسط صواريخها ‏نحو أهداف في اللاذقية. وفي سياق هذا العدوان تسترت الطائرات الصهيونية بطائرة “إيل 20” الروسية أثناء إطلاق دفاعات القوات الجوية السورية عبر منظومة “أس 200” الروسية للدفاع الجوي نيرانها،ما أدّى لإصابة الطائرة الروسية،ومقتل كافة العسكريين الـ15،الذين كانوا على متنها،إذ سقطت الطائرة على بعد نحو 27 كيلومتراً من شواطئ مدينة بانياس الساحلية السورية.

ونقلت وسائل إعلام روسية عن وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، الذي أجرى مكالمة هاتفية مع نظيره الصهيوني أفيغدور ليبرمان،يوم الثلاثاء الماضي ،أنّه “ورغم الترتيبات القائمة مع الكيان الصهيوني لمنع وقوع الحوادث، جرى إبلاغ قيادة القوات الروسية قبل دقيقة واحدة فقط من الهجوم الصهيوني،ما يحمّل الكيان الصهيوني  كامل المسؤولية عن إسقاط الطائرة الروسية ومقتل طاقمها”،مشيراً إلى أن “وزارة الدفاع الروسية دعت الجانب الصهيوني مراراً إلى الامتناع عن شن الهجمات على الأراضي السورية، كونها تهدد أمن الجنود الروس.ممارسات الجيش الصهيوني لا تعكس روح الشراكة الروسية-الصهيونية  ،ونحتفظ بحقنا في الرد بخطوات مناسبة”.

واعتبر شويغو أن الكيان الصهيوني افترض أن الدفاعات الجوية السورية لن ترد على هجومها. وكان المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، إيغور كوناشينكوف، قد أعلن أن بلاده ستحتفظ بحق الرد على “الاستفزازات”الصهيونية . وقال إن “الكيان الصهيوني  لم يحذر قيادة القوات الروسية في سورية مسبقاً، ولم يبلغنا بعمليته عبر الخط الساخن، إلا قبل أقل من دقيقة من الضربة، الأمر الذي لم يسمح لنا بإبعاد الطائرة الروسية إلى منطقة آمنة”. وأعلنت وزارة الخارجية الروسية أنها استدعت السفيرالصهيوني  لدى موسكو في ما يتعلق بالواقعة.

وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم الثلاثاء الماضي ، أن موسكو ستتخذ إجراءات لزيادة أمن الجنود الروس في سورية سيلاحظها الجميع. وأشار إلى أن الطائرات الصهيونية لم تسقط الطائرة الروسية قرب الساحل السوري، مضيفاً أن “سلسلة ظروف عرضية مأساوية” كانت وراء إسقاط الطائرة الروسية. وقال “يبدو أن الأمر مرده على الأرجح إلى سلسلة ظروف عرضية مأساوية”، مستبعداً أي مقارنة مع إسقاط مقاتلة روسية من قبل الجيش التركي على الحدود السورية في 2015.

ووجه الرئيس بشار الأسد يوم الإربعاء الماضي برقية تعزية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعرب فيها عن خالص التعازي باستشهاد العسكريين الروس في حادثة سقوط الطائرة العسكرية الروسية في البحر المتوسط، مؤكدًا أنّ هذه الحادثة هي نتيجة الصلف والعربدة الصهيونية المعهودة.‏ وفي هذا السياق أشار مندوب سورية لدى الأمم المتحدة بسام الجعفري إلى أن العدوان الذي قامت به “إسرائيل” ليلة الثلاثاء الماضية على سورية يأتي استكمالاً لسياساتها العدوانية ومحاولاتها البائسة في تقديم دعم معنوي للجماعات الإرهابية بعد الهزائم المتلاحقة التي منيت بها أمام الجيش العربي السوري وتطهير الأراضي السورية منها، ويأتي كذلك تكرارا لانتهاكاتها الاستفزازية المستمرة لاتفاق فصل القوات لعام 1974 وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة ولا سيما القرار 350 لعام 1974.‏

حدود الأزمة الروسية-الصهيونية

لم يشعر الكيان الصهيوني بالانزعاج من التدخل الروسي في الأزمة السورية ، حيث أنّ الوجودالعسكري الروسي هناك لم يمنع العدو الصهيوني  بالقيام باعتداءاته المتكررة  ضد مايراه تهديدًا لأمنه،عبر توجيه ضربات  عسكرية لإمدادات السلاح القادمة من إيران لحزب الله والجيش العربي السوري،حسب الرواية الرسمية الصهيونية. ومن الملاحظ،أنّ ردود الفعل الصهيونية تجاه الوجودالعسكري الروسي في الموانىء السورية لا تظهر قلقًا مشابهًا للقلق الذي يشعر به الكيان الصهيوني حيال ما يزعمه سعي إيران لوضع بنية دائمة عسكرية و أمنية في سورية.

والحال هذه، لا نتوقع من صدمة إسقاط الطائرة الروسية أن تقودإلى ردِّ عسكري روسي واسع ، لكن ماهو متوقع أن  تسلّم روسيا الحليف الاستراتيجي السوري صواريخ 400 للجم غطرسة العدوالصهيوني ،وترك الدفاعات السورية أو الايرانية او التابعة لحزب الله إسقاط طائرة صهيونية بعد حين أو تحسين الدفاعات السورية قليلاً دون الوصول الى الخطوط الحمراء المرسومة صهيونيًا. فليس من مصلحة الكيان الصهيوني ولا روسيا الانزلاق الى العداوة،لاسيما أنّ روسيا وسورية تلتقيان استرتيجيًا حول محاربة الإرهاب التكفيري، لكن لكل دولة رؤيتها فيما يتعلق بالصراع العربي-الصهيوني، وطبيعة العلاقة مع الكيان الصهيوني .

فالاتحاد السوفياتي السابق كان أول دولة اعترف بالكيان الصهيوني عام 1948،وعقب سقوطه هاجر إلى الكيان الصهيوني  أكثر من مليون ونصف يهودي من أصل روسي ،و أغلبهم يتسم بالتطرف، ومن بينهم وزير الخارجية أفغيدور ليبرلمان. وتقول التقديرات اليهودية ان عدد اليهود يستقر حاليا في روسيا على حدود مليون شخص، بينهم 300 الف في موسكو و 100الف في سان بطرسبورغ.إضافة لكل ذلك، هناك  تبادل تجاري بين روسيا و الكيان الصهيوني يقارب 4 مليارات دولار سنويا ،وتعاون عسكري وتكنولوجي وعلمي كبير.والكيان الصهيوني لم يوافق على فرض العقوبات الدولية على موسكو في أعقاب ضم جزيرة القرم.

بمعنى آخر، ربما لا يسعى الكيان الصهيوني لإخراج روسيا من سورية، بقدر ما يسعى لتسويق قبوله بالوجود العسكري الروسي هناك، في مقابل المساعدة الروسية في منع وصول السلاح الإيراني لحزب الله والامتناع عن تزويد إيران بأسلحة وتقنيات نووية روسية متطورة، وأيضا مع استعداد الكيان الصهيوني لإدخال روسيا في الاتفاقات الخاصة بإنتاج وتسويق الغاز في منطقة شرق المتوسط لقطع الطريق أمام إيران، وأمام قطر التي تناور بمحاولة تشكيل تحالف منافس من روسيا، وإيران، وتركيا يتولى، مواجهة الطموحات الصهيونية في إقليم الشرق الأوسط.

خاتمة:

لاشك أنّ الاتفاق الروسي-التركي حول إدلب،سيقطع طريق العدوان السافر الذي كانت تعده الدول الاستعمارية الغربية، وعلى راسها الإمبريالية الأميركية لشنه على سورية تحت ذرائع كذبة”الكيماوي”، و”الدوافع الإنسانية”، كما أنه سيفضي إلى تجميع التنظيمات الإرهابية في مساحة ضيقة على طول حدود إدلب مع تركيا بمعنى خروجهم من المدينة، وبالتالي عودة سيادة الدولة الوطنية السورية على هذه المحافظة. ففي أعلى هرم الدولة السورية ، وكذلك لدى الجيش العربي السوري، هناك قرار استراتيجي صارم وحازم على استئصال جذور الإرهاب وتحرير كل شبر من أراضي الجمهورية العربية السورية،وطرد القوات الأميركية المنتشرة في القواعد بمنطقة الشمال الشرقي لسورية. وفي هذه الحرب على الإرهاب ، تظل روسيا دولة صديقة وحليفة استراتيجية لسورية  تستجلي الرأي الرسمي السوري في هذا المضمار والأخذ بالتوجهات السورية القائمة على تحقيق هدف عودة إدلب إلى كنف الوطن ،من دون إلحاق الأضرار بالمدنيين أو ممتلكاتهم،وبالمقابل تبقى الإمبريالية الأميركية عدوة للأمة العربية ولسورية وداعمة بإطلاقية للكيان الصهيوني، من أجل تصفية القضية الفلسطينية، وتهويدكامل فلسطين، عبر تمرير صفقة القرن، التي أصبحت معظم الأنظمة العربية التابعة للغرب تؤيدها..

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى