حلم أوسلو المتبدد

 

 

بعد 25 عاماً من توقيع اتفاقية أوسلو، والمعروفة رسمياً باسم ” إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي ” والذي يعد بمثابة حدث تاريخي لا يمكن لنا أن نتجاوزه، عمل على وضع الترتيبات لإقامة سلطة فلسطينية، لا زالت حالة النقاش في أوساط النخب السياسية والفصائلية وبين جميع الفصائل وعامة الناس لا تتجاوز كونها نقاشاً صفرياً، بمعنى أنه لا زال يدور في فلك الصوابية والخطأ من حيث الإبرام والتوقيع، لا من جانب الآثار الإيجابية وطبيعة العائد العام –إن وجد– ، أو الآثار السلبية التي ألقت بظلالها على القضية الفلسطينية، والجدير بالذكر أن “إسرائيل” أرادت من ذلك إيجاد “سلطة وظيفية” تأخذ على عاتقها المسؤوليات الحياتية للسكان الفلسطينيين.

في الواقع إن أصبنا في الطرح فإننا نستطيع تقسيم إتفاق أوسلو الى مرحلتين كلٌ منها أثرت على مجريات الأمور السياسية والميدانية، الأولى من الأعوام ( 1995- 2002 ) وهي مرحلة تمثلت بقدوم السلطة وسيطرتها على المناطق الفلسطينية، مما أنتجت حالة شبيهة “بالحكم الذاتي” أو “علامات دولة”، فيما إلتزمت “إسرائيل” بإمتناعها عن دخول المناطق المسماه “أ” – مناطق السلطة الفلسطينية-، أضف إلى ذلك سلسلة من العمليات الفدائية.

وتمتد المرحلة الثانية بين الأعوام (2002 – 2004 ) وتميزت هذه المرحلة بإتخاذ القيادة الإسرائيلية آنذاك قراراً بعملية السور الواقي، وإعادة التموضع داخل المدن الفلسطينية، بالتزامن مع المقترح الأمريكي لدفع عجلة ما تسمى بـ “عملية السلام في الشرق الأوسط” والمعروف بـ “خارطة الطريق” التي طالبت بإستبدال القيادة الفلسطينية وكان القصد هنا الشهيد “ياسر عرفات – أبو عمار” بقيادة جديدة.

“إسرائيل” استفادت كثيراً من الإتفاق، ولاسيما البدء في عملية فتح الأبواب مع الدول العربية بهدف التطبيع وعقد الإتفاقيات، فعقب اوسلوا مباشرة ابرمت معاهدة السلام “وادي عربة” مع الأردن، وأقامت أيضًا علاقات شبه دبلوماسية واقتصادية مع العديد من الدول العربية، وعلى الرغم من تجميد تلك العلاقات إبان إنتفاضة الأقصى، إلا أنها سرعان ما عادت بشكلٍ أوسع وعلني خاصة مع دول الخليج.

في المقابل تعترف “إسرائيل” بأن الخطأ الأكبر الذي ارتكبته خلال إبرام الإتفاق هو النص على أن الضفة وغزة وحدة إقليمية واحدة، وبالتالي وضمن إستراتيجية الأحداث التاريخية المتراكمة جاءت خطوة فك الإرتباط أو الإنسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة، والتي تهدف الى فصل الضفة عن غزة.

ختاماً، بإعتراف الجميع ذهب الإتفاق أدراج الرياح، حيث تعاود “إسرائيل” اليوم الكَرةَ مرة أخرى مستغلة حالة الفلسطينيين، والتي تتسم بنوع من التخبط وانعدام الرؤيا وسعي الساعين من ورثه “شارون” لإستكمال خطة فك الارتباط وتحقيق حلم اليمين المتطرف الحاكم، وحقاً أنها غير معنية بقطاع غزة ولا تطلع الى إحتلاله سوى أن يكون منطقة منزوعة السلاح، بيد أن الأهم بالنسبة لها هو السيطرة على خزان الاراضي في الضفة الغربية، والسؤال في هذا المقام هل من باب الصدفة أن تتزامن ذكرى أوسلو مع قرار الويلات المتحدة الأمريكية إغلاق مكتب البعثة الفلسطينية في واشنطن؟ في ظل تراجع الدور الأوروبي والعربي الداعم للقضية الفلسطينية.

* مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى