اهتزاز الكنيسة القبطية على وقع المتغيرات المصرية الجسيمة في الاعوام الاخيرة

 

 
القاهرة: هزّت واقعة مقتل أسقف مصري داخل دير قبطي يرأسه على أيدي راهبين معه وما تبعها من قرارات كنسية لضبط حياة الرهبنة، المجتمع القبطي في مصر ليدرك وجود “خلل” لا بد من مواجهته وإصلاحه.
في نهاية تموز أعلنت الكنيسة القبطية وفاة “الأب الناسك والعالم الجليل” الأنبا ابيفانيوس أسقف ورئيس دير الأنبا أبو مقار في وادي النطرون “داخل ديره” في ظروف “غامضة”، ثم الأحد الماضي أحال النائب العام المصري نبيل صادق الراهب سابقاً أشعياء المقاري والراهب فلتاؤس المقاري على المحاكمة الجنائية بتهمة قتل الأسقف ابيفانيوس (68 عاماً).
ويقول المفكر القبطي البارز جمال أسعد، “هذه الحادثة هي جرس إنذار للقيادة الكنسية ومصر كلها لإصلاح أي خلل يحدث وستُذكر في التاريخ لأنها شأن مصري عام وليس خاص فلا يمكن التستر عليها”.
وكان البابا تواضروس الثاني قد علّق على الواقعة، حسب صفحة الكنيسة الرسمية على فيسبوك قائلاً: “أن نتستر على خطأ وحادث الأنبا ابيفانيوس هو جريمة”.
ويقول صموئيل تاضروس الخبير في شؤون الأقباط بمعهد هادسون في واشنطن إن الواقعة “سيكون لها تأثير كبير (داخل المجتمع القبطي) حيث لا ينظر فقط الى رجال الدين كمسؤولين دينيين وإنما كآباء للمجتمع″.
وفرضت الكنيسة القبطية سلسلة قيود على أنشطة الرهبان، عقب الحادث، من خلال إصدار البابا 12 قراراً، من بينها “وقف قبول أخوة جدد في جميع الأديرة القبطية داخل مصر لمدة عام”، إضافة إلى إمهال الرهبان شهراً واحداً لإغلاق كل حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وبالفعل أغلق البابا تواضروس الثاني شخصياً صفحته الرسمية على موقع فيسبوك.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها اتخاذ قرارات لضبط الحياة الرهبانية فقد اتخذ البابا كيرلس (1959-1971) قراراً يمنع الرهبان من الخروج من الاديرة، كذلك اتخذ البابا شنودة (1971-2012) قراراً بمنع استخدام الهواتف النقالة داخل الاديرة، لكن لم تطبق هذه القرارات بشكل صارم داخل مجتمع الرهبان.
دوافع الجريمة
وفقاً لبيان النائب العام حول إحالة الراهبين للمحاكمة، فقد اعترف المتهم الأول والذي تم تجريده من الرهبنة، “بأنه على إثر خلافاته والمتهم الثاني مع المجني عليه الأنبا ابيفانيوس اتفقا على قتله”، دون الإفصاح عن نوع الخلافات.
وتابع أنهما “كمنا له بطريقه المعتاد من مسكنه إلى كنيسة الدير لأداء صلاة قداس الأحد وما أن شاهد المتهم الأول المجني عليه قام بالتعدي عليه، مسدداً له ثلاث ضربات متتالية على مؤخرة الرأس بواسطة ماسورة حديدية، حال مراقبة المتهم الثاني للطريق”.
أما المتهم الثاني (فلتاؤس المقاري) فقد نشرت وسائل الاعلام المحلية أنه حاول الانتحار عن طريق إلقاء نفسه من أعلى المباني، ما أدى الى إصابته بكسور ونقله إلى المستشفى، وهو الآن محبوس احتياطياً على ذمة القضية.
ويروي أسعد أن الاسقف الذي قتل كان أرسل في شباط/فبراير الماضي خطاباً للبابا يشكو فيه الراهب المجرد من الرهبنة، “بأنه يتعامل بشكل مالي غير مشروع ويجتمع بالرهبان بشكل مشبوه ولا يسمع التعليمات مما يعد مخالفاً لمبدأ الطاعة”.
إلا أن الأنبا ابيفانيوس بعد ذلك طلب من الكنيسة بقاء أشعياء في الدير لمدة ستة أشهر ومراقبة تصرفاته، “وبالرغم من ذلك حدث ما حدث، لذلك كانت القرارات الـ12 لعزل مثل هؤلاء وضبط الحياة الرهبانية”، بحسب أسعد.
ومن جهته يقول شادي لويس الخبير القبطي المقيم في لندن: “قد تكون الضغينة الشخصية احتمالاً قوياً”.
انقسام وتهديدات
تاريخياً شهد دير ابو مقار خلافاً بين رئيس الدير الأسبق الأنبا متى المسكين والبابا الراحل شنودة جعل هناك فريقين من الرهبان داخله.
ويقول أسعد “الدليل على ذلك أنه في جنازة الأسقف المتنيح (ابيفانيوس)، قال البابا للرهبان أنتم رهبان في دير أبو مقار الكبير ولا تتبعون شخصاً معيناً، مما اعتبر اعتراف ضمني من البابا بوجود انقسام”.
وكان ابيفانيوس ممن يتبعون فكر الأنبا متى المسكين.
ويشكل الأقباط نسبة 10% من أصل سكان مصر البالغ عددهم 100 مليون نسمة.
وهم من الفئات التي تؤيد بقوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والذي يضعون عليه آمال حمايتهم من التعرض لهجمات المتطرفين الذي برز نشاطهم في البلاد منذ إطاحة الجيش بالرئيس الإسلامي محمد مرسي عقب احتجاجات شعبية ضده عام 2013.
وعلى مدار الأعوام الثلاثة الماضية استهدف تنظيم الدولة الاسلامية الأقباط والكنائس من خلال هجمات خلفت عشرات الضحايا.
يقول المحاسب بيتر فنجري (ثلاثيني) إنه يأمل في مغادرة مصر في يوم من الأيام بسبب الضغوط الكبيرة التي يشعر بها كقبطي.
أما عن واقعة القتل علّق فادي والذي قال إنه لا يذهب كثيراً للكنيسة “أعتقد أن الشيطان يمكن أن يقود أي شخص الى ضلال”. (أ ف ب)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى