قانون ” الدولة القوميّة اليهوديّة” تكريس لواقع ولأهداف مستقبليّة واضحة

وافق الكنيست الإسرائيلي يوم الخميس 19-7-2018 على قانون ” الدولة القوميّة اليهوديّة ” الذي يهدف إلى التخلّص من الوجود الفلسطيني وتحقيق الحلم الصهيوني بالسيطرة على ” أرض إسرائيل الكبرى ” من البحر الأبيض المتوسط غربا إلى نهر الأردن شرقا، ويمهّد طريق الصهاينة للانطلاق لإقامة إمبراطورية يهوديّة من الفرات إلى النيل.

القانون يعتبر إسرائيل دولة قوميّة للشعب اليهودي وان حقّ تقرير المصير فيها يخصّ الشعب اليهودي فقط، ويتجاهل وجود وحقوق فلسطينيي 1948 الذين يشكلون 20% من عدد السكان، ويبيح معاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية ويهمّش دورهم السياسي والاجتماعي والثقافي، وينصّ على أن القدس الموحّدة عاصمة ” أبديّة ” للدولة، ويكرّس الاحتلال، ويرفض أيّ حلّ سلمي تتنازل بموجبه إسرائيل عن أيّ شبر من أرض فلسطين المحتلة، ويشرعن الاستيطان كقيمة وطنيّة عليا ويحميه ويدعمه ويشجعه حتى يتّم الاستيلاء على ما تبقّى من أراضي الضفة الغربيّة، ويستبعد اللغة العربيّة التي كانت إلى جانب العبرية لغة شبه رسمية للدولة ويكرّس اللغة العبرية كلغة رسميّة وحيدة.

لم يقرّر الكنيست شيئا جديدا؛ إسرائيل بدأت فعلا بتطبّيق الأفكار الاحتلاليّة التوسعيّة العنصريّة التي تضمّنها هذا القانون بطريقة غير معلنة منذ اليوم الأول لإنشائها عام 1948، ومنذ اليوم الأول لاحتلالها الضفة الغربية عام 1967. فلماذا نندهش ونستغرب موافقة الكنيست على هذا التشريع ونعتره قانونا جديدا؟

شعبنا الفلسطيني يواجه عدوّا شرسا يعرف ما يريد، ويخطّط ويعمل على مدار الساعة لتحقيق أهدافه بالسيطرة على أرضنا وطردنا من وطننا والتخلّص منا بأيّ وسيلة، بينما نحن نهدر معظم وقتنا في التعامل مع خلافاتنا البينيّة، وفي الجري وراء سراب الحلول السلميّة مع دولة لا تريد السلام، ولا تستطيع أن تقبله لأنها تعتقد أنه يتعارض مع فلسفتها السياسيّة الاحتلاليّة العنصريّة التوسعيّة ويهدّد وجودها.

العالم العربي يمرّ بأسوأ ظروف مرّ بها في تاريخه، والشعوب العربيّة الطيّبة التي نراهن عليها لدعمنا والموت معنا دفاعا عن فلسطين والوطن العربي مقيّدة ومذلّة في أقطارها ولا تستطيع أن تقوم بواجبها نحونا قبل أن تتحرّر وتنال حقوقها؛ ولهذا علينا أن ندرك أنّه ليس أمامنا إلا خيارا واحدا هو الاعتماد على أنفسنا، وإنهاء خلافاتنا وانقساماتنا وتوحيد صفوفنا للتصدي لعدوّنا بكل الوسائل المتاحة.

معركتنا مع هذا العدو المسلّح بالعلم والتكنولوجيا والمال والحداثة معركة وجود معقّدة وطويلة؛ ولهذا علينا ان لا نيأس ولا نستسلم أبدا، ونستمر في صمودنا ومقاومتنا، ونعمل على إعداد شعبنا علميّا وتقنيّا وثقافيّا، ونعمّر ونصنّع ونزرع ونبني، ونطوّر مؤسّساتنا ومجتمعنا المدني، ونجد الوسائل والدعم لحماية أرضنا التي نعيش عليها ومنها ولها، ونستمر في تعزيز إيماننا بأن يوم التحرير قادم مهما طال الزمن.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى