ملف الأزمة السورية وقمة هلسنكي بين بوتين وترامب

تتجه أنظار العالم والمراقبين إلى هلسنكي عاصمة فنلندا، حيث ستعقد القمة المرتقبة  بين الزعيم الروسي فلاديمير بوتين  والرئيس الأميركي دونالد ترامب ، يوم 16تموز/يوليو الجاري ،وهي القمة الأولى التي تجمع بين الرجلين منذ انتخاب الرئيس الأميركي قبل أكثر من سنة،وتأتي أيضًا بعد عقد القمة التاريخية في سنغفورة يوم12حزيران الماضي، التي جمعت بين الرئيس الأميركي دونالدترامب و الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون.

فمن الناحية التاريخية، سبق لهلسنكي أن استضافت  القمة بين ليونيد بريجنيف وجيرالد فورد في أوج الحرب الباردة في سنة 1975،التي مهدت  لانبعاث ما يسمى في لغة السياسة الدولية بالانفراج الدولي، وهي القمة التي مهدت بعد 15سنة لقمة تاريخية أخرى بين الزعيم السوفياتي السابق غورباتشوف قائدماعرف آنذاك بسياسة البريسترويكاأوالغلاسنوت أي الشفافية والرئيس الأميركي السابق جورج بوش الأب في عام 1990، عقب سقوط جدار برلين،وقبل سنة من انهيار الاتحاد السوفياتي،ونهاية الحرب الباردة،وسقوط النظام الدولي ثنائي القطبية،وظهور ما بات يعرف بالنظام الدولي  أحادي القطبية بزعامة الولايات المتحدة الأميركية،في عصر انتصار العولمة الليبرالية الأميركية المتوحشة.

تعقد قمة هلسنكي المرتقبة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين في ظروف مختلفة عن القمة التي سبقتها في 1990 بين سلفيهما جورجبوش الأب وميخائيل غورباتشوف،إذ لم يعد هناك اتحاد سوفياتي ،وروسيا الضعيفة في بداية عقدالتسعينيات من القرن الماضي،تغيرت جذريًا في عصر حكم بوتين،الذي أصبح في موقع أقوى مما كان عليه غورباتشوف في حينه. ثم أن العلاقة الشخصية بين ترامب وبوتين،وكل ما يدور حول تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأميركية لمصلحة ترامب ضد هيلاري كلينتون، والشبهات الجارية حالياً حول الموضوع في الولايات المتحدة، يثبت أن قمة ترامب وبوتين لن تكون مثل قمة  بوش غورباتشوف، حيث غادر بوش منتشيا بانتصار العولمة الرأسمالية الليبرالية.فبوتين سياسي ذكي ومحنك. وروسيا اليوم الحليف الاستراتيجي للدولة الوطنية السورية ،وللجمهورية الإسلامية الإيرانية.

يعتقد المحللون المتابعون لللأزمات الإقليمية والدولية ،أنّ قمة 16 يوليو/ تموز في هلسنكي الفنلندية، بين الرئيسين، الأميركي دونالد ترامب، والروسي فلاديمير بوتين،سيحتل فيها ملف الأزمة السورية جدول أعمالها،إضافة للمأزق الذي يعاني منه النظام الدولي الليبرالي أحادي القطبية،الذي لم يعد مناسبًا  للمرحلة الجديدة التي يعيشها عالمنا المعاصر،مع عودة روسيا كقوة دولية عظمى على المسرح الدولي في عهد قيادة بوتين ،وتزايد قوة الدول غير الغربية التي لم تشارك في تأسيس النظام الدولي الليبرالي الحالي، مثل الصين و الهند والبرازيل ،وجنوب إفريقيا،وتحول مركز القوة الاقتصادية من الغرب ،ممثلاً في الدول الرأسماليةالغربيةأميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا،إلى الشرق، ممثلا في القوى الآسيوية الصاعدة، مثل الصين والهند و اليابان، ودول جنوب شرق آسيا، فضلاً عن الأزمات الداخلية التي تواجهها الولايات المتحدة الأميركية على مستويات عدة(اقتصادية، وسياسية، وثقافية،واجتماعية، وعسكرية) التي من شأنها تهديد الإمبريالية الأميركية للنظام الدولي الحالي أحادي القطبية.

الحسابات الأميركية والموقف الروسي من الأزمة السورية

تموضعت الأزمة  سورية على خريطة اقتسام الأدوار بين القوى الدولية الكبرى :ومرّة أخرى كانت سورية في بؤرة تداعيات هذه المرحلة الجديدة من مشروع الهندسة الإقليمية الأميركي،والذي تشارك فيه قوى إقليمية خليجية وتركية وصهيونية،دؤوبة ،لإسقاط الدولة الوطنية السورية، وتقسيم سورية إلى عدة دول على أساس طائفي ومذهبي وعرقي.وما من شك في أن المخطط الأميركي- الصهيوني –الخليجي و التركي ،عبراستخدامه أدوات متنوعة و متباينة (التنظيمات الإرهابية «داعش» و«جبهة النصرة» وأخواتهما من التنظيمات الجهادية الأخرى )،كان يريد تحقيق الإستيطان للإرهاب التكفيري في منطقة الشرق الأوسط ،أولاً. كما أن هذا المخطط الآنف الذكر أخفق في معالجة جوانب فشل الدولة الوطنية السورية حسب ادعائه،من خلال  إحداث تغيير جوهري في بنية الدولة الوطنية السورية عبر تفكيكها إلى دويلات طائفية ومذهبية وعرقية، تحت مسميات مختلفة ،لا سيما في ماعدّته الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها عوامل فشل في بنية الدولة السورية، خاصة فيما يتعلق بعدم قدرتها على الاستيعاب السياسي والاجتماعي والاقتصادي لجميع مكونات المجتمع السوري ، ثانيًا.

غير أنّه في  ظل هزيمة هذا المخطط الأميركي –الصهيوني لإسقاط الدولة الوطنية السورية، وتحقيق مشهد التقسيم لسورية، بالاعتماد على القوى الطائفية والمذهبية الذي ثبت أن خطر التطرف الذي تفرزه بات يُصِيبُ بنيران الإرهاب مختلف بقاع الأرض بلا استثناء، ويُهَدِدُّ بصعود تيارات يمينية فاشية ، في الدول الغربية الأوروبية والأميركية،أصبحت المعضلة الرئيسية التي تتجلى أمام الولايات المتحدة الأميركية تتمثل في بناء نظام أمني تعددي، يخضع في الوقت عينه  لإدارة أميركية معقدة ومتوازنة،ولكن الخلافات المتكررة بين الموقف الروسي من الأزمةالسورية والمخططات الأميركي  في سورية، يطرح إشكالية حقيقية حول إمكانية نجاح الولايات المتحدة الأميركية في مثل هذا النظام الأمني، خاصة في ظل طموحات روسيا لبناء نظام دولي تعددي.

لقد نجحت روسيا في السنوات القليلة المنصرمة من الأزمة والحرب في سورية، في بناء التوازن الاستراتيجي مع الغرب أو الدول الغربية وحلف شمال الأطلسي في سورية،وبالتالي إعادة بناء التوازن الدولي بكامله، أو لنقل توازن القوى في النظام الدولي، بعدما اختل ميزان القوى الدولية لمصلحة واشنطن وحلفائها في الغرب، في أميركا وأوروبا، وفي العالم بأسره،كما تمكنت من منع أو ربما لجم التدخل العسكري الغربي، المباشر والكبير،في الأحداث أو المعارك السورية. كما تمكنت الدولة الروسية من ضرب الإرهاب الدولي،لا سيما الإرهاب التكفيري، في إطار الاستراتيجية التي أطلقتها لمحاربته بقصد مكافحته،ليس من داخل الدولة السورية وعلى امتداد مساحة إقليمها ومجالها الجغرافي فحسب،وإنما في أنحاء عدة وفي أماكن مختلفة من خارطة المنطقة والجغرافيا السياسية العالمية.

وفي ضوء التطورات الميدانية التي تشهدها منطقة الجنوب السوري،وهي منطقة خفض التصعيد أسسها اتفاق روسي – أميركي – أردني، جرى التوصل إليه على مرحلتين في صيف وخريف 2017، يواصل الجيش العربي السوري وحلفاؤه  بخطى كبيرة نحو تحريرها بالكامل من سيطرة التنظيمات الإرهابية ،لا سيما في ضوء تقدمه نحو الحدود مع الاردن ودحر التنظيمات الارهابية التي تسلم سلاحها الواحدة تلو الأخرى بسرعة مذهلة، حيث أثار تحرير مدينة بصرى الشام انقسامًا حادًا بين المجموعات المسلحة فمنها من يريد تسليم السلاح ومنها من يرفض .

و تقع بصرى الشام إلى الجنوب الشرقي من محافظة درعا وتبعد عنها نحو أربعين كيلومترا، كما تبعد عن العاصمة دمشق نحو 140 كم، وتضم العديد من الأوابد الأثرية اليونانية والرومانية وخاصة المدرج الروماني الذي كان لسنوات خلت يستضيف مهرجان بصرى السنوي الذي يشهد فعاليات فنية وثقافية وسياحية، وكانت المدينة في عهود قديمة عاصمة دينية ومركزا تجاريا مهما وممرا استراتيجيا على طريق الحرير الذي يربط أوروبا بالصين. وظلت «بصرى الشام» خاضعة لسيطرة الدولة الوطنية السورية لغاية آذار عام 2015 ،حيث تعرضت المدينة إلى هجوم وحشي من قبل عدد من الجماعات الارهابية التابعة لغرفة «موك» بالأردن بقيادة تنظيم جبهة النصرة الإرهابي لتسقط المدينة في أيديهم .ويمثل تحرير بصرى الشام خسارة كبيرة للتنظيمات الإرهابية ، خاصة بعد أن تم استعادة البلدة من دون قتال وبالأسلوب الذي تفضله الدولة السورية أي دون ضحايا ودون إلحاق أضرار بالمدينة القديمة باستثناء ما تسبب به الإرهابيون خلال تسللهم إليها في آذار عام 2015.‏

ومنذ أسبوعين يتابع الجيش السوري حسم الصراع في سورية عسكريًّا لمصلحة الدولة الوطنية السورية،والقضاء بالقوة على التنظيمات الإرهابية،وإعادة سلطة الدولة على جميع الأراضي السورية وتحريرها من الإرهاب، على حد قول الرئيس بشار الأسد. وبالعمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش السوري مع الطيران الروسي توصل الى قطع امداد «جبهة النصرة» على نطاق واسع في عدة مناطق ،وتقطيع وعزل المناطق الدفاعية لهذه التنظيمات الإرهابية قبل الشروع في عمليات المصالحة مع شيوخ المناطق الذين يشكلون مكونًا اجتماعيًا مُهِمًا لايمكن تجاوزه في جنوب سورية، فتسع بلدات كبيرة من الريف تم استرجاعها من قبل القوات السورية مع هذه المصالحات وحتى اليوم أكثر من 80% من مناطق ريف درعا بات محرراً .والجيش الجيش السوري يستعيد السيطرة على معبر نصيب الحدودي مع الأردن ، عقب توقيع اتفاق بين الحكومة والجماعات المسلحة في جنوب البلاد، بضمانات روسية.

وشمل الاتفاق على وقف إطلاق النار الفوري وتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وكذلك تسوية أوضاع المسلحين بضمانات روسية.واتفق الجانبان كذلك على إتاحة رحيل من يرغب بمغادرة المنطقة مع ذويهم إلى محافظة إدلب.وتعهدت الحكومة السورية بحل مشكلة المنشقين والمتخلفين عن خدمة العلم، وتأجيل التحاقهم بالجيش لمدة 6 أشهر، على أن تقوم الفصائل المسلحة بتسليم كافة مواقعها للجيش السوري على طول خط الجبهة مع تنظيم «داعش» الإرهابي.

ومعبر «النصيب – جابر»، هو أحد المعبرين الحدوديين بين الأردن وسورية، ويقع بين بلدة نصيب السورية في محافظة درعا وبلدة جابر الأردنية في محافظة المفرق، وهو أكثر المعابر ازدحاما على الحدود السورية، حيث تنتقل عبره البضائع بين سوريا وكل من الأردن ودول الخليج.فقدوصل عدد الشاحنات التي تعبر من المعبر قبل نشوب الأزمة السورية في 2011 إلى 7 آلاف شاحنة يوميا، وافتتح معبر «النصيب – جابر» في العام 1997، ويشتمل على 3 مسارات منفصلة – واحد للمسافرين القادمين وآخر للمغادرين بمركباتهم الخاصة أو بوسائط النقل العمومية، وثالث مخصص للشاحنات القادمة والمغادرة، كما يشمل على منطقة حرة سورية – أردنية مشتركة ومرافق أخرى لخدمة المسافرين.ويسمى المعبر الثاني «درعا- الرمثا»، نسبة للمدينتين الحدوديتين المتلاصقتين الذي يقع بينهما، وهو مخصص لحركة المسافرين فقط، وأغلق منذ بدايات الأزمة السورية.

فقد رفع العلم السوري فوق معبر نصيف الحدودي في شمال الحدود الأردنية مع سورية حيث تتركز العمليات العسكرية بشكل أساسي في الشمال الشرقي لدرعا وشمال شرق السويداء الأمر الذي أزعج الكيان الصهيوني . وتشكل استعادة ريف محافظة درعا أولوية للجيش العربي السوري لأنه سيتيح له استعادة السيطرة على الحدود مع الأردن واعادة الانتشار في الجولان.‏ فقدباتت جبهات الريف الشرقي معظمها في قبضة الجيش السوري ودرعا التي أطلق عليها في العام 2011 «مهد الثورة» من قبل البروباغندا العربية – الأطلسية هي اليوم تحت سيطرة الدولة، أيام قليلة ونرى اكتمال السيطرة على الجنوب السوري وقد يكون التوجه بعدها الى الشمال(1).‏

في ضوء الانتصار العسكري الذي يحققه الجيش العربي السوري ، أصبح الموقف الروسي أكثر تشددًا لجهة رفضه لمسار جنيف، بعد فوز بوتين بولاية رئاسية جديدة، وبعد أن باتت الاستراتيجية المشتركة السورية-الروسية تستهدف تصفية منطقتي خفض التصعيد في جنوب غرب سورية (درعا والقنيطرة)وشمالها الغربي(إدلب)،بالتوازي مع مساعٍ لاستبدال مسارأستانة ونتائج مؤتمر سوتشي بمسار جنيف في نهاية تموزالجاري  .فقد أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين في تصريح للصحفيين في موسكو يوم الإربعاء الماضي إلى أن الاجتماع القادم في سوتشي حول الأزمة في سورية سيعقد في مدينة سوتشي يومي الـ30 والـ31 من الشهر الجاري،ويجب أن يكون بمشاركة وفد سورية ووفد «المعارضة» والدول الثلاث الضامنة روسيا وإيران والنظام التركي ومراقبين قائلا: نجري الآن اتصالات بشأن عقد اجتماع سوتشي ونحن مع إجراء هذا الاجتماع حصرا بالشكل الذي كان عليه والذي نعتبره مهما جدا.‏ وكانت الدول الثلاث الضامنة لاتفاق وقف الأعمال القتالية في سورية روسيا وإيران وتركيا اتفقت في ختام اجتماع آستنة 9 حول سورية الذي عقد منتصف آيار 2018على عقد الاجتماع القادم حول سورية في مدينة سوتشي الروسية في تموزالجاري .ولفت فيرشينين إلى أنه يجري التحضير لاجتماع ممثلي روسيا وإيران والنظام التركي مع مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية ستافان دي ميستورا في جنيف لبحث الأزمة في سورية.‏

وكان لافتاً قبل بدء قمة هلسنكي  بين ترامب وبوتين ،أنّ الروس وضعوا شروطهم المسبقة ،مع إعلان وزير الخارجة الروسي، سيرغي لافروف،أنّ«المطالبة بانسحاب إيران الكامل من سورية غير واقعية»،موضحاً عقب اجتماع مع نظيره الأردني أيمن الصفدي،في موسكو، يوم الإربعاء 4 تموز الجاري،أنّ «إيران واحدة من القوى الرئيسية في المنطقة وأنّه من غير المنطقي على الإطلاق توقّع تخليها عن مصالحها». ويعني الموقف الروسي، إما أن الروس يريدون ثمناً محدداً لدفع إيران للانسحاب من سورية، أوأنهم مستعدون لإبعادهم عن الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة فقط، من دون المساس بوجودها الكامل في سورية.

إذا كان ثمن إخراج إيران من، أو إضعاف وجودها في سورية كشرط لإعادة الاعتبار لقيادة بشار الأسد كرئيس للبلاد، تبدو إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مستعدة لدفعه.فأحد أهم البنود في قمة هلسنكي المرتقبة سيكون طلب ترامب إخراج إيران من سورية،لا سيما أنّ الرئيس ترامب لا يبالي بالوضع الداخلي في سورية ولا يهمه إذا بقي الرئيس الأسد أو رحل. فهو أصبح مقتنعا بأن الرئيس الأسد انتصر ولا يزعجه أن تستعيد الدولة الوطنية السورية سيادتها على الجنوب السوري،لأن أولوية ترامب هي الانسحاب من الجنوب السوري ومن كل العالم. ويريد إعادة القوات الأميركية إلى بلدها. فكيف يمكن لروسيا إخراج إيران من سورية في ظل علاقة عضوية وثيقة بين الدولة الوطنية السورية والجمهورية الإسلامية الإيرانية؟

المخطط الأميركي –الصهيوني هُزِمَ في سورية،هذا ما أكده السفير البريطاني السابق في سورية بيتر فورد، حين أوضح  خلال ندوة نظمتها رابطة الحقوقيين الديمقراطيين العالميين على هامش أعمال الدورة الـ 38 لمجلس حقوق الإنسان المنعقدة حاليا في جنيف بعنوان «سورية منظور مختلف» أن على الدول الغربية أن تكون واقعية وأن تقر بأن الدولة السورية تنتصر عسكريا وتستعيد سيطرتها ،مبينا أن 80 بالمئة من سكان سورية يعيشون تحت كنف الدولة وهؤلاء هم من يقرر مستقبل سورية.‏

في الجانب الصهيوني،عمد الكيان الصهيوني بمعية حلفائه الإقليميين والدوليين ،طيلة سنوات الحرب المفروضة على سورية،إلى نسف اتفاق عام 1974،وتقديم الدعم لهذه التنظيمات الارهابية (نصرة -داعش وغيرها(، التي سيطرت على الحدود والمناطق الحدودية في الجولان المحتل،بما يشمل منطقة «الأندوف» التي تسمى «المنزوعة السلاح»،حيث انتشرت المجموعات الإرهابية فيها،برعاية وإشراف ومساندة ودعم من الجيش الصهيوني ،الذي استخدمها لتشكل حزامًا أمنيًا يستطيع من ورائه جيش كيان الاحتلال الصهيوني أن يتمترس كي يستمر في احتلاله للجولان السوري.

وشكل  استعادة الدولة الوطنية السورية السيطرة على الجنوب السوري ذعرًا حقيقيًا لقادة الكيان الصهيوني،فرأينا تحركات نتنياهو منذ اسابيع وذهابه إلى الرئيس بوتين للتوسل إليه بإيقاف تقدم الماكينة العسكرية السورية لكن اعتذار بوتين جاء بطريقة مهذبة وللتعبير عن موقفه فقد شارك الطيران الروسي في بداية العملية التي أطلقها الجيش السوري لتحرير درعا ومناطقها وكان القصد من ذلك أن يقول لنتنياهو:«هل كنت واضحا تماما؟»‏ وبسبب ذعره فقد أرسل نتنياهو منذ أيام افيغدور ليبرمان (الذي يتحدث الروسية كأي مولدوفي) إلى موسكو أملا منه في أن يثني بوتين عن موقفه في الوقت الذي طار فيه أيضا رئيس الأركان الصهيوني إلى واشنطن حيث التقى نظيره الأمريكي وعلى مايبدو كان الجواب في واشنطن كما في موسكو لمبعوثي تل أبيب اذ تلقيا الجواب ذاته «مؤلم لكننا لانستطيع أن نفعل شيئا».‏

بات الكيان الصهيوني يقر بانتصار الرئيس الأسد في الحرب ،لا سيما بعداستعادةالجنوب السوري ،وهذا ما جعل رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو  يطالب، وبشكل حاسم وقاطع أيضاً، بالعودة إلى اتفاق عام 1974، بما يشمل تطبيق كامل بنود فك الاشتباك في حينه بين الجيشين السوري والصهيوني.وهي إشارة أيضاً دالة على الخسارة والاستسلام، أمام إرادة الدولة الوطنية السورية ومساعيها في بسط سيادتها على أراضيها جنوباً.

(1)- مدرجات العودة الإسرائيلية الخائبة من درعا ..وطائرة نتنياهو العالقة بين موسكو وواشنطن ،عن موقع فالميه – الثورة ،دراسات، ترجمة مها محفوض محمد ،صحيفة الثورة السورية الأربعاء 4-7-2018.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى