تحرك عربي وامريكي واوروبي لإخراج “البرغوثي” من سجنه ودعمه لخلافة عباس

من بعيد عاد القيادي البارز في حركة “فتح”، الأسير مروان البرغوثي، ليتصدر قائمة أقوى المرشحين لخلافة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بعد أن استُبعد من القائمة لشهور طويلة في ظل الحديث عن “استحالة وصعوبة” توليه المنصب؛ نظراً لوجوده داخل السجون “الإسرائيلية”، وعدم وجود توافق فتحاوي عليه.

عودة البرغوثي مجدداً لصراع “الرئاسة”، الذي لا يزال مفتوحاً، وترافق مع مرض الرئيس “أبو مازن” ودخوله للمستشفى لأكثر من مرة، لم يأتِ من خلال التحركات الفلسطينية التي تشهد الساحة الداخلية فيها صراعاً قوياً على كرسي رئاسة السلطة، بل جاء من خلال جهود عربية ودولية.

قيادات فتحاوية رفيعة المستوى في رام الله بالضفة الغربية المحتلة كشفت، في تصريحات خاصة لموقع “الخليج أونلاين”، عن وجود تحركات وصفتها بـ”القوية والجادة” تجري لأول مرة على مستوى عال لدعم اسم الأسير البرغوثي ليكون خليفة الرئيس عباس.

واعتُقل البرغوثي في أثناء اجتياح إسرائيلي لأراضي السلطة الفلسطينية عام 2002، وحوكم بالسجن 5 مؤبدات بتهمة الوقوف وراء عمليات نفذتها كتائب “شهداء الأقصى”، الجناح العسكري لحركة “فتح”، ضد أهداف إسرائيلية.

القيادات الفتحاوية قالت لموقع “الخليج أونلاين” إن معظم الدول العربية، وخاصة مصر والأردن والسعودية، إضافة للولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبية و”إسرائيل”، لم ترَ في الأسماء المرشحة لخلافة عباس أي قوة أو تأثير لتحل محل “أبو مازن” في رئاسة السلطة، التي من المرجح أن يتركها خلال شهور معدودة.

وأضافت: “جبريل الرجوب، ومحمد دحلان، وسلام فياض، وماجد فرج، باتت أسماء لا يمكن التعويل عليها من وجهة نظر الدول العربية والأوروبية التي باتت تبحث عن شخصية فلسطينية تكون محنكة سياسية وشجاعة وقادرة على قيادة المركب الفلسطيني ويحظى بإجماع داخلي وخارجي”.

الأسير مروان البرغوثي، بحسب القيادات الفتحاوية، بات هو الاسم المرشح بقوة لخلافة الرئيس عباس، صاحب الـ (84) عاماً، من قبل تلك الدول العربية والأوروبية، وهناك شبه إجماع على أن يكون هو بطل المرحلة المقبلة؛ لكونه يتمتع بحنكة ومرونة سياسية تؤهله لعقد اتفاقيات سلام ومفاوضات مع “إسرائيل”.

وكشفت لـ”الخليج أونلاين” عن اجتماع عقد في نهاية شهر مايو الماضي في واشنطن، شارك فيه شخصيات عربية وأوروبية وفلسطينية، لمناقشة ملف الوضع الفلسطيني الداخلي، وكذلك خليفة “أبو مازن”، بعد تدهور الوضع الصحي للأخير وقرب موعد استقالته.

وذكرت أنه تم الاتفاق على تدعيم اسم مروان البرغوثي، ومحاولة خلق قوة ضاغطة على “إسرائيل” للإفراج عنه ضمن أي صفقة تبادل للأسرى مع حركة حماس، “التي باتت قريبة أكثر من أي وقت مضى في ظل تقدم الاتصالات والوساطة المبذولة بهذا الملف، خاصة أن “حماس” التي تختلف مع عباس وفريقه كثيراً، تتفق مع البرغوثي في كثير من النقاط، وهذا ما سيسهل وصوله إلى كرسي الرئاسة”.

وتوقعت القيادات الفتحاوية أن تشهد التحركات العربية والدولية تقدماً ملحوظاً بهذا الملف خلال الفترة المقبلة، مؤكدةً أن “كل الظروف ستكون متوفرة لإخراجه من السجون وإعادة دوره في الساحة الفلسطينية مجدداً، ليكسب ثقة الجميع في ظل حالة التأييد والدعم الجارفة التي يتمتع بها من جميع الفصائل، وعلى رأسها حماس”.

ومما يعزز من احتمالية أن يخلف البرغوثي عباس، الجهود التي تبذلها مصر من أجل الإفراج عن البرغوثي، حيث قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان لها في أبريل 2016، إن “مصر تُكنّ تقديراً بالغاً للسيد مروان البرغوثي، وتعتزم استمرار بذل الجهد من أجل الإفراج عنه”.

وتعتبر “إسرائيل” مروان البرغوثي أحد مهندسي الانتفاضة الفلسطينية الثانية المعروفة بـ”انتفاضة الأقصى” (من ايلول 2000 وحتى 8 شباط 2005)، التي أسفرت عن استشهاد نحو خمسة آلاف فلسطيني، ومقتل مئات الإسرائيليين.

المحلل السياسي ثابت العمور يرى أن هناك إمكانية كبيرة لأن يصبح الأسير مروان رئيساً للسلطة خلفاً لعباس، “نظراً لما يتمتع به من حنكة سياسية وشعبية كبيرة ودعم عربي ودولي، يفوق كل الشخصيات الأخرى التي تنافس على الكرسي”.

وحول عودة البرغوثي بقوة لخوض معركة الخلافة، يؤكد هذا المحلل السياسي أن “كل الأطراف تريد انتقالاً سلساً وسهلاً ومرناً لما بعد عباس، والبرغوثي تتوفر فيه هذه الشروط، وهو القادر على ضبط حركة فتح داخلياً، وسيمنع الانقسامات، وسيكون له حضور وخاصة مع “إسرائيل””.

“البرغوثي محل إجماع الدول العربية التي تريد رئيساً فلسطينياً قادراً على الإمساك بالمشهد وضبط حركته دون اقتتال أو انقسام، ويكون كذلك قادراً على الاقتراب من حماس، فيما تريد الدول الأوروبية رئيساً فلسطينياً يحظى بحضور وكاريزما، و”إسرائيل” لن تمانع من وصول البرغوثي لكرسي الرئاسة؛ لأن تبعات الإفراج عنه سياسياً وأمنياً بالنسبة لها أكبر وأهم من تبعات إبقائه في الاعتقال”، يضيف العمور.

ويختم المحلل السياسي حديثه بالقول: “الإفراج عن البرغوثي مكسب لكل الأطراف، ومن ضمنهم “إسرائيل”، لأن المرحلة القادمة بحاجة لشخصية قوية وذات حضور وقبول وكاريزما لضبط حركة المشهد الفلسطيني”.

“إسرائيل” كذلك شاركت في دعم ترشح البرغوثي لرئاسة السلطة، وقالت صحيفة “هارتس” العبرية، امس الاول الاثنين، إنّه “لو كان الفلسطينيون ينعمون بمخيلة سياسية خصبة لكانوا اختاروا مروان البرغوثي خلفاً لمحمود عباس وسلام فياض رئيساً للوزراء”.

يذكر أن القانون الأساسي للسلطة الفلسطينية ينص على تولي رئيس المجلس التشريعي، وهو القيادي في حركة “حماس”، الدكتور عزيز دويك رئاسة السلطة بعد موت أو غياب الرئيس بشكل طارئ، على أن تجرى انتخابات عامة في غضون 60 يوماً بعد موته أو استقالته.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى