مبروك يا دمشق عودة الحمام الى الجامع الاموي بعد رحيل الارهاب

حمام الجامع الأموي عند السوريين عامة وأهل دمشق خاصة ليس مجرد طير فقط، بل له معنى مقدس، يعيش في أرواحهم جيلا بعد جيل كرمز للنقاء والبركة التي يحرصون على تعليمها لصغارهم.

وتقول احدى الاساطير، إن حمام الجامع الأموي في دمشق يذهب في موسم الحج إلى مكة المكرمة ليحج مع الناس، ثم يعود بعد ذلك إلى ساحة الجامع.

هذا الحمام هو مصدر للمحبة بين الناس، تراه في صحن الجامع الكبير وفي الأحياء المجاورة، يتجول بين المارة، ثم في لحظة واحدة يطير أسرابا يحلق في سماء دمشق بحيوية ورشاقة، كفرقة باليه ترقص في الفضاء، فمنذ أن شيّد المسجد قبل 1400 عام تقريبا، تشير المراجع إلى أن هذا الحمام سكن الجامع، في الكثير من الزوايا والثنايا التي يتكون منها.

وتتيح مساحة الجامع الكبيرة 1500 متر مربع، وجود أماكن كثيرة يستطيع أن يعيش فيها الحمام بسلام بعيدا عن أي مخاطر قد تحيط به.

قبل الأزمة السورية الدامية، وصل عدد الحمام الذي كان يعيش في الجامع الأموي إلى ما يقارب الأحد عشر ألفا، لكن سنوات هذه الازمة قللت العدد كثيرا، بسبب قلّة عدد من يعتني به، وكذلك بسبب تعرض الجامع للعديد من القذائف في محيطه ما دفعه للهجرة الاضطرارية.

لم تطل غربة الحمام بعيدا عن الجامع الأموي حيث بدأ مجددا يعود إلى أماكنه بعد هزيمة الارهابيين حول دمشق، وهدوء الأوضاع في قلب المدينة، فزائر الجامع الأموي اليوم سيجد أن أسرابا من الحمام تأتي كل يوم مجددا لتنضم إلى باقي الأسراب معلنة عودتها.

يعيش هذا الحمام في الجامع الأموي في باحاته الكبيرة، وكذلك في المآذن وفي جوار الجامع، كضريح القائد صلاح الدين، وأيضا في حي المسكية المجاور للجامع تماما.

ينظر الدمشقيون للحمام باحترام مستندين في ذلك إلى الحمامة التي حمت النبي محمد صلى الله عليه وسلم والصحابي أبوبكر الصديق عندما بنت عشها في باب المغارة التي دخلاها في هجرتهما من أذى قريش.

ومنذ ذلك الوقت يرى الناس أن الحمامة مقدسة، فحرام ذبحها أو إيذاؤها، بل على العكس تماما، فهم يتبرّكون بها، وكثيرا ما يحرص أهل دمشق، خاصة من المناطق المجاورة للجامع الأموي، على أن يستجلبوا هذا الحمام لمنازلهم من خلال رش بذور القمح على الأسطح أو الشبابيك لكي يحط في بيوتهم للبركة.

وبمرور الأيام، ولدت عادة جديدة عند أهل دمشق، تظهر بقدوم أشخاص يتبرّكون لله تعالى من خلال إطعامهم لبعض أسراب الحمام الموجودة في الجامع، فكثيرا ما يرى أناس عاديون غالبيتهم من النساء والأطفال، وهم يخرجون أكياس حبات القمح من حقائبهم الصغيرة، ثم يرشونها على الأرض لتجتمع حولها أسراب الحمام تقتات مما يجود به أهل الخير.

ويبدو أن حمام الجامع الأموي أنس للبشر فلا يهرب منهم، بل على العكس يتقدم من الناس وكأنه يطلب المزيد من حبوب القمح.

ويرى خبراء الطيور، أن هذا الحمام قد تناسل من الحمام الذي جاء أول مرة للجامع منذ ما يقارب 1400 عام. هذا الحمام يتميز باللون الرمادي والزرقة التي تكون على الرقبة، وهو يتشابه مع بعضه تماما، بحيث لا يمكن التمييز بين حمامة وأخرى.

لم ينس سكان دمشق القديمة منظر الوفود الأجنبية وهي تشتري القمح من أحد الباعة قرب الجامع، لتنثره في الساحة فتتوافد عليه أسراب الحمام، ليقوم السياح وعشاق التصوير الفوتوغرافي بالتقاط صور بينه بكل لطف ومحبة.

هذا الحمام لم يكتف بالتواجد في أرجاء الجامع الخارجية بل يدخل عدد منه إلى داخل المصلى.

ويوضح أحد العمال في الجامع، أن “عدد الحمام انخفض أثناء سنوات الحرب، لكنه بدأ يعود بسرعة الآن.. وهناك أناس يأتون كل يوم ويلقون بالطعام للحمام، أحيانا تأتي عائلة بكامل أفرادها ومنهم من يأتي بشكل أسبوعي أو شهري”.

ويؤكد “أن الكثير من المشاهير يأتون للجامع الأموي، الرياضيون والفنانون خاصة، لكي يشاهدوا منظر الحمام في ساحات الجامع، يأتون وقت صلاة المغرب عادة، ليستمعوا للآذان الجماعي وزيارة مقام يوحنا ومشاهدة الحمام. ثم يذهبون غالبا إلى مقهى النوفرة أو خبيني قرب الجامع”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى