نشرت صحيفة ” لو باريسيان ” الفرنسية الصادرة بتاريخ 22- 4- 2015 نشرت رسالة مفتوحة تفوح منها رائحة العنصرية والكراهية بعد ان وقعتها ما يقرب من 300 شخصية فرنسية قالوا فيها أن عددا من آيات القرآن الكريم تدعوا صراحة إلى” قتل ومعاقبة اليهود والمسيحيين الكفّار “، ودعوا إلى حذفها لأنّها كما يعتقد الموقّعون على الرسالة، أصبحت ” غير مناسبة للوقت الحالي “، وتسبّب المزيد من الحقد والكراهية بين أتباع الديانات السماويّة الثلاث!
للأسف الشديد كان من بين الموقّعين على الرسالة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، ورئيس الوزراء السابق مانويل فانس، إضافة إلى العديد من الشخصيّات العامّة والمفكّرين المؤيّدين لإسرائيل والمعادين للإسلام والمسلمين. وذكر الموقعون أن ” التطرّف الإسلامي ” هو المسؤول عمّا وصفوه ” بعمليّة التطهير العرقي الصامتة” في منطقة باريس بعد أن أجبرت عائلات يهودية على الانتقال من المدينة بسبب الاساءات التي يتعرّضون لها من المسلمين، وقالوا إن ثلث جرائم الكراهية المسجّلة في فرنسا تستهدف اليهود رغم أنهم لا يشكّلون سوى 0.07% من عدد السكان، وحمّلوا الإسلام المسؤولية عن تلك الجرائم!
من المذهل أن هذه الشخصيات لا تتصدى للعنصريين الفرنسيين الحاقدين الذين يؤيدون حزب ” الجبهة الوطنية “، الذي تتزعّمه مارلين لوبن، والمعروف بعدائه للمهاجرين العرب والمسلمين وغيرهم، وبممارساته اللاساميّة ضد اليهود الفرنسيين الذين يصل تعدادهم إلى ما يقارب 600000 يهودي وتعمل إسرائيل جاهدة على تهجيرهم إلى فلسطين المحتلة.
الانتخابات الرئاسيّة الفرنسيّة الأخيرة أجريت عام 2017 وتنافس فيها على الرئاسة في الجولة الثانية والأخيرة إيمانويل ماكرون ومارلين لوبن، وفاز فيها ماكرون الرئيس الفرنسي الحالي بنسبة 65 % من الأصوات، وخسرتها لوبن بحصولها على ما نسبته 35 % من الأصوات؛ لقد حصل ماكرون على 21 مليون صوتا، ولوبن حصلت على 11 مليون صوتا وهو رقم لم يسبق أن حصل عليه هذا الحزب العنصري في تاريخه.
هذه النتائج تثبت أن الناخبين الفرنسيين الذين صوّتوا لحزب الجبهة الوطنية في تلك الانتخابات وعددهم 11 مليون هم من العنصريين والمعادين للسامية والمهاجرين. فلماذا لا يتحرك الذين أرادوا ” حذف آيات من القرآن ” ويتصدّوا للعنصرية التي تمارس علنا ضدّ اليهود والمهاجرين المسلمين وغيرهم في بلدهم فرنسا وبعض الدول الأوروبية؟ ولماذا لا يطالبون بوقف الممارسات العنصريّة والجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضدّ الشعب الفلسطيني؟ ولماذا لا يطالبون بحذف آيات من التوراة المليئة بالعنصريّة والتحريض على قتل كل من لا ينتمي للديانة اليهودية؟
القتل يرفضه الضمير والوجدان والأخلاق الإنسانيّة، لكنه شائع في التوراة التي تقول ” العدل أن يقتل اليهودي بيده كافرا؛ لأن من يسفك دم الكافر يقدّم قربانا لله.” وتقول أيضا ” إذا أغواك سرا أخوك ابن أمّك أو ابنك أو ابنتك أو امرأة حضنك أو صاحبك الذي مثل نفسك قائلا: نذهب ونعبد آلهة أخرى لم تعرفها أنت ولا آباؤك من آلهة الشعوب الذين حولك القريبين منك أو البعيدين عنك من أقصاء الأرض إلى أقصائها فلا ترض منه ولا تسمع له ولا تشفق عينك عليه ولا ترقّ له ولا تستره بل قتلا تقتله. يدك تكون عليه أولا لقتله ثم أيدي جميع الشعب أخيرا ترجمه بالحجارة حتى يموت لأنّه التمس أن يطوّحك عن الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر من بيت العبوديّة.”
كذلك فإن حاخامات إسرائيل يستندون إلى نصوص توراتية تبرّر وتدعم وتبيح لليهود قتل الفلسطينيين وسرقة وطنهم وطردهم منه؛ فلماذا لا يعترض الفرنسيون الذين يريدون ” حّذف آيات من القرآن” على هذا الظلم ويتجاهلون النصوص التوراتية؟
العنصريون في فرنسا وغيرها من دول الغرب يستخفون بالمسلمين ويطالبون علنا بحذف آيات من قرآنهم! لكنهم بالمقابل لا يجرؤون على انتقاد التوراة، ويدعمون دولة الاحتلال الصهيونية العنصرية، ويتغاضون عن ظلمها للشعب الفلسطيني، ويتجاهلون ممارساتها التي تتعارض مع القانون الدولي والقيم الأخلاقية، وتتناقض مع الحق والعدل والديموقراطية التي تتغنى بها فرنسا ودول الغرب!