بعد التين والزيتون والبرتقال .. اللوز يحظى بمكانة مرموقة في الأدب الفلسطيني

وحدها شجرة اللوز تتسيّد ربيع فلسطين الذي يبدأ مبكراً في فلسطين، ففي شهر شباط تسبق شجرات اللوز كل الأشجار فتزهر، وهو ما يعرف محليًا بمصطلح نوّر اللوز، فلون زهور اللوز البيضاء يشبه ندفات الثلج، تضيء مفترقات الطرق، والبساتين.

شجر اللوز في الأدب الفلسطيني

اللوز في الثقافة الفلسطينية لا يقل قدسية عن شجر الزيتون أو شجر البرتقال، ولكن كلتا الشجرتين الزيتون والبرتقال أكثر شهرة لأنهما أكثر تعميرًا. فشجرة اللوز تعيش خمسة عشر عامًا فقط، بينما تستطيع الزيتونة أن تعيش الف عام.

اللوز بجانب قيمته التراثية لفلسطين، وانتشاره في ربوعها، وأزمة خبوه وانحساره من الضفة مؤخرًا إلا أنه يعبر دائمًا عن ميلاد جديد، وحياة أخرى. فعندما رسم فان جوخ لوحته المشهورة ازدهار اللوز كان ذلك بعد أن تلقى خطابًا من أخيه أنه رزق بمولودًا جديدًا، وهو ما عدل شعور ونفسية فينسينت في ذلك الوقت فقرر رسم اللوحة عام 1890.

وإيميل حبيبي، في قصته “أبو سلام”، وأخيرًا نوّر اللوز، وهي قصة من مجموعة قصصية بعنوان سداسية الأيام الستة، يحكي عن أستاذ (م) الذي عندما قابل أخيرًا حب حياته الضائع نوّر غصن اللوز الجاف، وازدهر الربيع، وقهقه القدر!

وفي الشعر الفلسطيني لم تُنس شجرة اللوز، فذكرها محمود درويش في قصيدته كزهر اللوز أو أبعد:

“لوصفِ زهرِ اللوز تلزمني زياراتٌ إلى

الَّلاوعي ترشدني إلى أسماءِ عاطفةٍ

معلقةٍ على الجدران. ما اسمه؟

ما اسمُ هذا الشيء في شعريةِ الَّلاشيء؟

يلزمني اختراقُ الجاذبيةِ والكلام،

لكي أحسَّ بخفةِ الكلماتْ حين تصير

طيفاً هامساً فأكونها وتكونني

شفافةً بيضاء”

رمزية شجر اللوز

شجر الزيتون، وشجر البرتقال، وشجر الليمون غالبًا ما يرمز ويعبر عن الهوية، والتمسك بالأرض، أما شجر التين والتوت، فعادةً ما يتذكره الأدباء الفلسطينيون عندما يحكون عن طفولتهم، ولكن شجر اللوز غالبًا ما تكون له معزة خاصة. ورمزية سحرية، فهو فلسطين قبل النكبة، هو كل شعور خفي بالأبدية، وكل شعور متوهج وجديد. ويقول الأديب اليوناني نيكوس كازانتزاكيس: “ذلك الصباح قلتَ لشجرة اللوز: حدثيني عن الله .. فأزهرت شجرة اللوز”.

النوستاليجا وشجر اللوز

في رواية الطنطورية لرضوى عاشور بدأت رقية الحديث عن حياتها في فلسطين قبل النكبة لأحفادها، فتناولت وصف قريتها الطنطورة بداية من البحر ومرورًا بالربيع فأكدت على وصف تنوير اللوز. ولا ينبعث الشعور بالحنين إلى الماضي إلا في وصف قصة الحب الأولى لرقية، وانشقاق البحر عن ذلك الفتى، ووصف الربيع بالقرية، وخصوصًا بالفقرة المخصصة لشجر اللوز .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى