دولة ديمقراطية القيم هي الحل

تعتبر الدولة الديمقراطية بقيمها الدينية وعناصرها السياسية والمدنية هي الحل العصري والدواء الشافي الوحيد لانتشال المجتمعات العربية من اوحال الارهاب والتطرف والعنف والإنغلاق والتخلف الذي ابتليت به أمتنا العربية منذ مطلع هذا العصر, فغياب الديمقراطية وبكافة قيمها ومكوناتها السياسية والثقافية والإجتماعية عن الساحة العربية او بمعنى اخر تغيبها عن واقع الحياة العامة, نتيجة لحكم الفرد والحكم الاستبدادي للاحزاب العربية الوحيدة الحاكمة لفترات طويلة وعدم السماح للديمقراطية بمكوناتها الاساسية ان تسود, ادى الى تكريس النهج الاستبدادي الذي شكل العنف والتطرف وعدم الاستقرارالامني والسياسي للعديد من الانظمة العربية.

إن مظلة الديمقراطية المنشودة تقوم على مبادئ المواطنة والحقوق والواجبات وكفالة الحريات العامة للجميع أفرادا ومؤسسات وسيادة القانون ودولة المؤسسات والإيمان بصناديق الاقتراع وقبل هذا وذاك مبادئ القيم الدينيه السمحة في قبول الاخر والاحترام المتبادل والمحبة والتسامح وحب العمل والعطاء وقيم السلام والتعاون والايمان بتداول السلطة بالطرق السلمية وبناء مفاهيم قيمية جديدة من خلال الممارسة الحقيقية للديمقراطية وتشجيع مؤسسات المجتمع المدني بالعمل بحرية ,وتشجيع الصحافة على اخذ دورها الرقابي على اداء الادارات التنفيذيه بكل حرية وشفافية ومهنية دون خوف من رقيب الا من الضمير الحي و المهنيه الموضوعية العالية, ان تكريس القيم الدينيه هو مطلب اساسي لكل مجتمع مدني ينشد التحضر والتقدم والرقي ويسعى لمواكبة العصر وسننه الجديدة والممارسات الحياتية الناجحة والتى يعيش في ظلها اغلب المواطنيين بسعادة غامرة ورضى.

لقد جربت الممارسة الديمقراطية في العديد من الدول وحققت هذه الدول نقلات نوعية في مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والنهضوية ,فحلّ الاستقرار محل الفوضى وانخفض الفساد الى ادنى حدوده وتقلص العنف الى ابعد حد وشعر الانسان بقيمته وبكرامته ,وفي بعض الدول الديمقراطية مثل الدول الاسكندنافية يُحسم نصف راتبه للضرائب ويدفع ذلك عن طيب خاطر لانه يشعر ان الدولة تقدم له اكثر مما يدفع امنا واستقرارا وخدمات اساسية .

ان بناء الدولة الديمقراطية يساهم في تمتين النسيج الوطني ويبعده عن شبح التعصب للدين او الطائفه، فالدولة الدينية تُركز على مفاهيم التعصب للطائفة والمعتقد وتتناسى الشرائح الاخرى من المجتمع وتُوغل في زج الدين في كل صغيرة وكبيرة وتحول المجتمع الى مجتمع شعاراتي ضيق التفكير يسير باتجاه واحد دون ان يترك مساحه بتفكيره للاخرين.

ان الديمقراطية هي دولة المؤيد والمعارض ،انها في نهاية المطاف دولة المجتمع كله فيها مساحة لجميع فئات الشعب وأطيافة السياسية وتقف من الجميع بمقدار الالتزام بمبادى القانون ..فالقانون هو اعدل وسيلة عصرية لحل الخلافات بين ابناء المجتمع الواحد حيث يساوي بين الجميع ويرفض التميز بين المواطنين على اسس ديني اوطائفي او عرقي او مناطقي او جندري ،وفي نفس الوقت يوفر القانون في الدولة الديمقراطية حرية الاديان والعبادة ويعمل على حماية الجميع تحت مظلته.

فلنعمل جميعا أفرادا وجماعات ومؤسسات مجتمع مدني على تعزيز بناء دولة القيم – وليس الدولة الدينية – من أجل أحترام أنسانية الإنسان وقدسية الحياة، وقبل هذا وذاك إنتشال انساننا العربي من وحل العنف والتطرف والتخلف إلى مستقبل أكثرإشراقا وتقدما وإستقرارا.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى