الحشد ضد إيران.. عنوان الجولة الشرق أوسطية لوزير الخارجية الامريكية

من العاصمة الأردنية عمان، محطته الأخيرة في جولته الشرق الأوسطية الأولى، أكد وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، على ضرورة الحفاظ على اتفاق خفض التصعيد جنوب سوريا.

وشدد على قضايا ذات اهتمام مشترك مع الأردن التي غادرها؛ منهيًا جولة شملت إضافة إلى الأردن، إسرائيل، وقبلها السعودية التي وصلها من العاصمة البلجيكية بروكسل، يوم السبت 28 نيسان الماضي، بعد حضوره اجتماعات وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي (ناتو).

وفي أيلول 2017، اتفقت الدول الضامنة لمفاوضات أستانا، وهي روسيا وتركيا وإيران، على إنشاء مناطق “خفض توتر” في سوريا تضم عددًا من المدن والمناطق السورية.

وفي محطته الأولى إلى الرياض، التقى وزير الخارجية الأمريكي الجديد، مايك بومبيو، الأحد 29 نيسان الماضي، نظيره السعودي، عادل الجبير، والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده، الأمير محمد بن سلمان؛ وتصدرت إيران مباحثات الجانبين الأمريكي والسعودي.

ومع أن بومبيو، لم يتحدث صراحة عن الأزمة الخليجية بشكل واضح، لكنه قال إن “وحدة مجلس التعاون الخليجي، هي أمر مهم ونحتاج لإنجازها” من منطلق رؤية أمريكية شاملة ترى أن الخلافات البينية بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، واستمرار الأزمة بين دول المقاطعة العربية ودولة قطر من شأنه تعزيز نفوذ إيران في المنطقة، بما في ذلك اليمن وسوريا، في الوقت الذي تسعى فيه بلاده لتحجيم النفوذ الإيراني المتنامي.

ويعمل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب وفق استراتيجية شاملة تركز إلى جانب الملف النووي الإيراني على “مواجهة مجموعة واسعة من التهديدات غير النووية، مثل أنظمة الصواريخ الإيرانية، ودعمها لحزب الله، وتصدير آلاف المقاتلين بالوكالة إلى سوريا ومساعدتها المتمردين في اليمن”.

وتتطلع الولايات المتحدة إلى “العمل بشكل وثيق مع حلفاء أقويا، مثل إسرائيل، في مواجهة التهديدات، والتراجع عن النطاق الكامل للتأثير الإيراني الخبيث”، كما يصفه مايك بومبيو الذي صادق مجلس الشيوخ الأمريكي على تعيينه وزيرًا للخارجية في 26 نيسان الماضي.

وتلتقي أهم الشخصيات المؤثرة في صنع القرار الأمريكي إلى جانب دونالد ترامب على رؤية منسجمة تجاه الملف النووي الإيراني، ودور إيران ونفوذها في المنطقة.

ومن العاصمة السعودية، قال وزير الخارجية مايك بومبيو خلال مؤتمره الصحفي المشترك مع نظيره السعودي عادل الجبير: “وعلى العكس من الإدارة السابقة، نحن (الإدارة الأمريكية الجديدة) لا نتجاهل إرهاب إيران الواسع النطاق”.

والجبير جدد هو الآخر تأكيد بلاده على “تأييد سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه طهران، وخاصة فيما يتعلق بتعديل الاتفاق النووي مع إيران”، وعلى ضرورة فرض عقوبات على إيران “لدعمها الإرهاب، وتدخلها في شؤون الدول الأخرى”، وهو الإرهاب الذي وصفه الوزير الأمريكي بـ”الواسع النطاق”.

لكن إيران ترفض أي “تعديل على الاتفاق النووي”، حيث أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني في اتصال مع نظيره الفرنسي أن مستقبل ذلك الاتفاق النووي “عقب عام 2025 تحدده القرارات الدولية، وأن إيران لا تقبل أية قيود خارج تعهداتها”، حسب الموقع الرسمي للرئاسة الإيرانية.

ولا تقتصر “حملة” بومبيو خلال جولته على حشد التأييد لبلاده في الإجراءات المنتظر اتخاذها بشأن الملف النووي الإيراني، بل تتعدى ذلك إلى العمل مع الدول الحليفة في المنطقة للحد من تطوير إيران المستمر لقدراتها الصاروخية التي تستوجب “فرض عقوبات على أي أفراد أو كيانات مرتبطة ببرنامج الصواريخ الإيراني”، حسب تصريحات بريان هوك، المستشار السياسي البارز الذي رافق الوزير الأمريكي في جولته الشرق الأوسطية.

وقال “هوك”، إن البرنامج الصاروخي الإيراني “يطيل الحرب والمعاناة في الشرق الأوسط، ويهدد أمننا ومصالحنا الاقتصادية، ويهدد بشكل خاص السعودية وإسرائيل”.

وبعد فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني 2016، ومن مقعده في الكونغرس الأمريكي، وصف بومبيو الاتفاق النووي الإيراني، بأنه “غير معقول”، وأنه “يتطلع” إلى تراجع الولايات المتحدة عنه.

لكن بومبيو خفف من لهجته بعض الشيء أثناء جلسة المصادقة على اختياره وزيرًا للخارجية ملقيًا الكرة في ملعب “الجهود الدبلوماسية”، لتحقيق نتائج أفضل واتفاق أفضل بعد 12 أيار الجاري الموعد المحدد لاتخاذ الرئيس الأمريكي قرارًا لإعادة التصديق على اتفاق الملف النووي أو اتخاذ خطوات باتجاه فرض عقوبات جديدة على إيران.

سيعطي فرض عقوبات على إيران الفرصة للجناح الإيراني المحافظ للضغط على الرئيس الإيراني الإصلاحي، حسن روحاني لإعادة الروح للبرنامج النووي الإيراني، ومنع لجان التفتيش من دخول المنشآت النووية الإيرانية، وبدء عمليات التخصيب مجددًا “بسرعة أكبر بكثير”، وهو ما أكده وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف في 22 نيسان الماضي.

وتجد إسرائيل، التي أعلنت مساء 30 نيسان الماضي إغلاق أجواءها على الحدود السورية ومرتفعات الجولان نفسها وسط حالة تأهب لهجوم إيراني محتمل بعد ضربات صاروخية شنتها إسرائيل على مواقع إيرانية في محافظة حماة، وتصعيد أمريكي إسرائيلي ضد الاتفاق النووي الإيراني، وما كشف عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو من وجود “أدلة قاطعة” لدى إسرائيل على وجود مشروع نووي إيراني سري، ونشاط دبلوماسي إسرائيلي تضمن إبلاغ كل من الولايات المتحدة وروسيا بأن إسرائيل “ستقصف إيران إذا تعرضت لهجوم إيراني من داخل سوريا”.

وخلال الشهر الماضي، تبادل مسؤولون إسرائيليون الاتهامات والتهديدات مع نظرائهم الإيرانيين في أعقاب غارات شنتها طائرات إسرائيلية على عدة مواقع عسكرية سورية “تدعي” إسرائيل وجود أسلحة ومقاتلين إيرانيين فيها.

وفي أثناء وجود بومبيو في إسرائيل كان وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان في زيارة للعاصمة الأمريكية لبحث التطورات في سوريا والتهديدات الإيرانية، التقى خلالها نظيره الأمريكي جيمس ماتيس، واتفقا على أن إيران تشكل اليوم “التهديد الأكبر لاستقرار الشرق الأوسط”.

ومن إسرائيل، تحدث وزير الخارجية الأمريكي في 29 نيسان الماضي عن احتمالات انسحاب بلده من الاتفاق النووي “إذا لم نتمكن من إصلاحه” في إشارة إلى ما سبق أن ألمح إليه من أن الرئيس الأمريكي كان واضحًا في موقفه من “عيوب الاتفاق النووي الشامل مع إيران”.

وترى الولايات المتحدة، وفقًا لما ذكره وزير خارجيتها في المؤتمر الصحفي الذي جمعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، أن التعاون مع إسرائيل “أمر حاسم لمواجهة النشاط الإيراني المزعزِع للاستقرار والخبيث في مختلف أنحاء الشرق الأوسط والعالم أجمع”؛ وتشعر بالقلق “العميق” إزاء تصعيد إيران وتهديداتها لإسرائيل والمنطقة ضمن طموحها المتمثل في “الهيمنة على الشرق الأوسط”.

ورفضت إيران “اتهامات” الوزير الأمريكي التي تحدث فيها عن طموحات إيرانية “بالهيمنة على الشرق الأوسط”، وزعزعة استقرار المنطقة من خلال دعمها لقوات النظام السوري وجماعة أنصار الله (الحوثي) في اليمن؛ وهي الاتهامات التي وصفها المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي بأنها “تكرار لاتهامات سخيفة لا أساس لها من الصحة”، وأن الوجود الإيراني والدعم لحكومتي دمشق وبغداد يأتي استجابة لطلبات من حكومتي البلدين، وهو جزء من “مكافحة الإرهاب في المنطقة”.

وشملت مباحثات وزير الخارجية خلال جولته في الدول الثلاث، ملفات ذات اهتمام مشترك مثل النفوذ والتدخلات الإيرانية والصراع في اليمن والحرب الأهلية في سوريا والعلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى مواجهة التحديات المشتركة والحفاظ على أمن الدول الحليفة، السعودية والأردن وإسرائيل.

وتأتي جولة وزير الخارجية الأمريكي الجديد قبل أيام أو أسابيع من متغيرات مهمة في سياسة الولايات المتحدة يُنتظر أن يُقدم عليها الرئيس الأمريكي تتعلق بتاريخ 12 أيار الجاري الذي حدده كموعد لاتخاذ قرار حول الملف النووي الإيراني؛ كما أنها تسبق بدء عملية نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس في 14 أيار الجاري، وهو القرار الذي اتخذه ترامب في كانون الأول 2017 وأثار آنذاك ردود فعل عربية ودولية غاضبة.

وتعترف إسرائيل منذ عام 1994 بإشراف الأردن على المقدسات الدينية في القدس الشرقية التي ضمتها إسرائيل إلى سلطتها بعد حرب حزيران 1967 بعد أن كانت تابعة إداريًا للأردن.

كما أن الولايات المتحدة ودول العالم ككل، تترقب عقد القمة الأمريكية مع كوريا الشمالية خلال هذا الشهر أو شهر حزيران القادم، وهي القمة التي أعدّ لها وزير الخارجية مايك بومبيو خلال زيارته إلى العاصمة الكورية في 17 نيسان الماضي، حينما كان يشغل منصب مدير الاستخبارات الأمريكية “سي آي إيه”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى