يا ابناء شعبنا العربي .. أتحدوا في مواجهة المؤامرة

تمر الأمة العربية منذ العام 2011 بأحداث مصيرية هى الأعنف والأسوأ منذ تاريخها , فى أطار مؤامرة كونية تستهدف واقعنا العروبى الواحد من أجل القضاء على كل ماهو عربى , من خلال شرذمة الدول القطرية وفك عراها وتفتيت بناها التحتية وعلاقات الجماهير فى داخل القطر الواحد وأثارة الفرقة بين شعوب الأقطار العربية فيما بينها وتأليبها على بعضها البعض من خلال أثارة البغضاء والكراهية بديلا عن الحب والتضامن الذى لفها من خلال النظرة الوحدوية التى صعدت وتنامت فى الخمسينات والستينات من القرن الماضى , بقيادة زعماء نضالوا من اجل الوحدة العربية والتضامن الشعبى فى كل اقطار وطننا العربى وقد كان جمال عبد الناصر الأنموذج القيادى للشعب العربى .

ان تنامى النظرة الدونية بديلا عن الجماعية والصالح العام للأمة العربية , صارت هى الطريق الذى سارت فيه الرجعية العربية المتأمره مع الصهيونية والأمبريالية الأمريكية , منذ أن صدر قرار “أنور السادات” بتغيير الأسم الرسمى لمصر من “الجمهورية العربية المتحدة ” الى جمهورية مصر العربية . وتغيير علم الوحدة من علم يحوى نجوم متمثله فى بلدان جعلت من الوحدة العربية واقعا, الى علم ينزع اوطان الوحدة من قلبه , كان ذلك نذيراً بالأنكفاء على الذات , وتصعيد للدونيه بعيدا عن القومية , وهو أولى الخطوات لضرب فكرة الوحدة العربية من أساسها , وغلق الباب على شعوب البلدان العربية لتصبح أسيرة سجنها فى محيطها المحلى لتكون فريسة لحكامها الذين يتماهون مع ماتفرضه قوى الأستعمار والصهيونية العالميه ,ولايجدون من معين او ناصر من شعوب أمتنا العربية على أمتدادها من الخليج الى المحيط .

لم نر من هذه الرؤية السالفة اِلا لأن السادات كان رئيسا لمصر كمركز للوطن العربى يقود لينهض بالوحدة , أو يتدنى فتضيع المعالم وتتخبط الرؤى وتصير البوصلة بعيدة عن أرشادها نحو الهدف , لكن على مدى التاريخ القريب , خاصه فى منتصف القرن الماضى كانت الملكية البغيضة فى عالمنا العربى ,هى ذراع الأستعمار فى المنطقة العربية وهى لم تر فى الشعوب اِلا من ينحنى ليقبل أيادى الملوك والأمراء, وكان “آل سعود “و الأسره الهاشميه فى الأردن على مدى تاريخهم تجسيداً حياً للعمالة للصهيونية والأستعمار , والأرتداد بالجماهير الى الوراء- كلما أتخذت خطوه نحو التحرر من ربقة التبعية وتقدمت نحو خطوة وحدوية توحد مشاعرها وتعمق مصيرها وتجمعها نحو هدفها الوحدوى وتنير فكرها ونضالها نحو مقاومة الرجعية والأستعمار.

منذ أن صدرت الأوامر الى ملوك وأمراء البترودولار فى الخليج بأصطناع مجلس التعاون الخليجى كفكرة صهيونية ,تصنع منها آليه لهدم الجامعة العربية, وهو ما تحق لها من خلال أتخاذ دول الخليج “خاصه قطر والسعوديه من الجامعة العربية منبرا يشرعن للحرب على ليبيا وسوريا والآن اليمن , وكان ذلك بقصد التاثير النفسى على الشعب العربى ليكفر بالعروبة وبالوحدة العربية , بل ان الأخطر من ذلك كانت منظومتهم الفضائية التى أعتمدت على الميديا وبريق الأعلام الهابط والتدثر بمليارات الدولارات النفطية , مستغلين كل الفضائيات التى بثت على شعبنا العربى من خلال مالكيها من مليارديرات الأمراء السعوديين والقطريين والخليجين , ومن صار على خطاهم من الرأسمالية العفنة والتى كونت رؤوس أموالها من مص دماء شعبنا العربى سواء فى مصر اولبنان والأردن وحتى المغرب العربى , لتثير فى شعبنا العربى البلبلة وتصنع له الأعداء الوهميين وتشرع لأسرائيل وجودها الاستيطانى فى فلسطين , لتمحو من ذهن الجماهير العربيه أى فكر وحدوى يناضل لتحقيق الوحدة بين شعبه الثائر من المحيط الى الخليج , ليظل يدور فى صراع نفسى وشتات فكرى , يصل به الآن الى حد التشكيك بين جماهير البلد الواحد , وجماهير البلدان العربيه فيما بينها , لتأمن عروشهم وكراسى حكمهم من ثوره الجماهير عليها ,فيستمر مسلسل القهر والاستبداد وسرقه الوطن , بل وتمزيق اوصاله .

ومع عصر السماوات المفتوحه والأقمار الصناعية , صارت الفضائيات تغزو عقل المواطن فى كل بقاع العالم ,وخُصخِصَ كل شىء, وكان العقل العربى هو أول ضحايا خَصخَصة القنوات الفضائية – وبعيدا عن قناة المخابرات الأمريكيه والموساد (الجزيره)-التى كشفت مؤخرا وثائق ويكيليكس تماهيها مع السياسة الأمريكية الرامية الى تحقيق أهدافها الأمبريالية والصهيونية من خلال بثها المتشح بسموم العقارب بما يرمى الى غسل أدمغة الشعوب العربيه بزيف بريقها الصهيونى – فأن رأس المال الخاص العربى الحليف للرأسمالية الغربية والمندمج فى السوق الرأسمالى العالمى , والذى لايهدف الا لتحقيق أقصى ربح مادى على حساب القيم والمبادىء والهدف الأسمى للرسالة الأعلاميه ,لم يكن له من هدف اِلا اِلهاء الشعوب عن العمل والأنتاج وخلق الفوضى التى ترمى الى تحقيق المشروع الأمريكى الصهيونى نحو شرق اوسط جديد تقوده اسرائيل , وقد جمع كل أمكانياته فى خلق فضائيات لاهم لها اِلا الربح ,من خلال الأثارة ومداعبة الغرائز وتجسيد الأوهام واستدعاء الغيبيات وخلق المعارك الوهميه بين المذاهب والمل والنحل والطوائف والأثنيات وأثارة الفتن , كل ذلك من أجل أن تندثر القيم والمبادىء ,حتى يكفر الشعب بما يحلم به ويرنواليه من وحدة او أتحاد , وخلق مستوى معيشه أفضل لفئات شعبه الكادحه والوسطى .

وفى المشهد السياسى الذى نرى حيثياته الآن ,وفى خضم العدوان الأمريكى السعودى لتدمير اليمن وقتل أطفاله , والعدوان الثلاثى الأخير على سوريا , فليس هناك من هو أكثر حديثاً عن السلام من الذين يشنون الحرب الآن , ولاأكثر حديثا عن الشرعية من الذين ينتهكون الشرعية , ولاأكثر حديثا عن الأصلاح من الذين أفسدوا , ولاأكثر حيثا عن الصدق من الذين راوغوا وضللوا , ولاأكثر حديثاً عن النزاهه من الذين مارسوا التزوير والغش , ولاأكثر حديثاً عن الحياة من الذين يقتلون الأطفال الآن, وتلك أبواقهم الفضائية (الجزيره ,العربيه , الحدث) تؤكد ذلك – أنهم يبغون شعباً عربيا بلاعقل !!

يا شعبنا العربى هل أدركت ماذا يريدون منك ؟ وكيف ينتهكون عقلك ؟

ولذلك فأنطلاقا من أالأيمان بالله والوطن وبالنفس وتأكيدا على رشدنا العقلى الذى يؤكد عليه أيماننا الذى لايتزعزع بحقيقة الوحدة والآراده الشعبية العربية الواحدة , لزاما علينا نحن الشعب العربى الواحد من الخليج الى المحيط أن نُذوِب خلافتنا الفكرية ,أو على الأقل أن ننساها , وأن نجعل من مذاهبنا السياسيه والدينيه والعرقية تُخرج أحلى مافيها من قيم ومبادىء انسانية توحد ولاتفرق , تجسد للأنسانية وتُذهب الطائفية بيننا أدراج الرياح , أن الأشتباك السائد بين البعض من شبابنا وبعضه الآخر فى داخل القطر الواحد , اوبينه وبين بعضه فى الأقطار العربية وبعضها سببه هذه الهجمة الأعلامية التى يقوها الأعلام الرجعى العربى المتصهين لأنتهاك عقول شباب الأمة , لذلك فالابد من هزيمة هذا الفضاء الأعلامى وتفوبيت الفرصة عليه , بنبذ العنف , وتحديد العدو , والالتفاف حول الهدف العربى .

أن التسامح من الآن لابد أن يسود فى أوساط الشعب العربى , وأنكار الذات لابد أن تكون سيكلوجيته , والشعور بنضال الجماهير ضد حكامها المتسلطين والعملاء لابد أن يكون نبضه , وذوبان الطوائف والمذاهب والأعراق لابد أن يتحقق فى أطار تمكين الأقليات من حقوقها وتعظيم مطالبها فى أطار الوحده العربيه – وما يجب أن يكون طريقنا من الآن هو الحفاظ على دولنا من تشرذمها بحفط وحدتها الوطنيه لتكون زاداً لوحدة وطننا العربى , ولابد لجماهير أمتنا الا تتنازل عن عدوها الأوحد “أسرائيل” وصراعها الوجودى معها , لعدو آخر يراد تسويقه بديلا – أن وعى شعبنا العربى لابد ان يتقد من الآن ليخرج الحكام السعوديين والقطريين من دائره حسن النيه الى دائره الأتهام بأشعال النار فى أقطارنا العربيه بعد جرائمهم التى أقترفوها بتدمير ليبيا وسوريا والآن اليمن وأبادة شعبنا العربى فى تلك الدول وكذا العراق ومصر وتونس.

أن الأمل لابد أن يستمر ضوئه ينير لشعبنا طريق الوحدة , من خلال عقد العزم على أن يعيد صنع الحياه على أرضه بالحرية والحق , بالكفاية والعدل , بالمحبة والسلام , أن شعبنا يملك من أيمانه بالله وأيمانه بنفسه ما يمكنه من فرض ارادته على الحياة ليصوغها من جديد وفق أمانيه الوحدوية .

وأخيرا .. أن التقاء القوى التقدمية والشعبية على الأمل الواحد فى كل مكان من الأرض العربية , وتجمع القوى الرجعية على المصالح المتحدة من الأرض العربية هو فى حد ذاته دليل على الوحدة أكثر مماهو دليل على التفرقه ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى