رئاسة ترامب تترنح تحت وطأة الفضائح الداخلية والنكسات الخارجية

يبدأ ترامب عمله هذه الأيام وسط كم هائل الفضائح، فمثلاً، بدأ بشتم مدير مكتب التحقيقات السابق جيمس كومي لنشره كتابًا انتقده، كما أعلنت وزارة العدل في اليوم نفسه فتح تحقيق جنائي مع محاميه مايكل كوهين، ناهيك عن استقاله مسؤول في الحزب الدمقراطي على خلفية فضيحة جنسية، فأي متاعب يواجهها الرئيس الأمريكي؟

كومي يفتح النار على ترامب

دخل ترامب منذ أسبوع في حرب متعددة الأطراف بسبب عدد القضايا الملاحق بها في بلده والضربات ضد سوريا، وأفضل دليل على الفوضى التي تعيشها إدارة ترامب أن الضربة العسكرية على سوريا اُضطرت لمزاحمة أخبار فضائح ترامب ومنافستها على جذب انتباه الجمهور.

وثمة المزيد في كتاب جديد لكومي، عنوانه “ولاء أكبر: الحقيقة والأكاذيب والزعامة”، يستعيد فيه السنوات العشرين من حياته المهنية بدءًا من عمله كمدعٍ عام لنيويورك وانتهاءًا بإدارته لمكتب التحقيقات الفيدرالي بين أعوام 2013 – 2017.

سلسلة تغريدات غاضبة اشعلت المعركة الكلامية بين ترامب وكومي، استبق بها الرئيس دونالد ترامب مذكرات كومي التي تصدر الثلاثاء، هاجم خلالها كومي، ووصف مذكراته بالملفقة والمزيفة، واتهمه بالكذب وتسريب معلومات سرية وتضليل الكونجرس تحت القسم ما يستدعي الملاحقة القضائية، كما وصف ترمب إدارة كومي لمكتب “إف بي آي” بأنها سيئة للغاية وكارثية، وقد تشرف بإقالته التي كانت مطلبا لكثيرين، حسب قوله.

اتهامات كومي لترمب تعكس تنامي الصراع بينهما

ويتزامن هجوم ترامب أيضًا مع ظهور كومي في مقابلات على شبكات التلفزة الأمريكية الرئيسية في مسعى منه لإطلاع الأميركيين على ظروف وملابسات وأسباب عزله من منصبه بقرار من ترامب في أيار الماضي، وهو القرار الذي يحقق في ملابساته المحقق روبرت مولر للتأكد مما إذا كان قد اُتخذ لعرقلة التحقيقات المتعلقة بالتدخل الروسي المحتمل في انتخابات الرئاسة.

ووصلت المعركة أشدها بالأمس القريب، خلال مقابلة أجراها كومي مع شبكة “”ABC الأمريكية، وخلال حديثة، فتح كومي النار على ترامب، معتبرًا أن رئاسته تشكل خطرًا، وتحمل آثارا مدمرة على القيم والأعراف الأمريكية.

اتهامات كومي لترمب تعكس تنامي الصراع بينهما، ولم يسبق أن عايش الأمريكيون حقبة يطعن خلالها مسئول أمريكي سابق رفيع في القيم الأخلاقية لرئيس حالي، وهذه معالم معركة كلامية تدور رحاها على الساحة الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي بين دونالد ترامب وجيمس كومي، لكن سرعان ما ستتخذ الأزمة نسق تصعيدي جديد.

ترامب في منطقة الخطر

هناك ترقب واسع لمذكرات جيمس كومي التي احتلت لمدة المرتبة الأولى لترتيب موقع أمازون ما قبل البيع، ومن الواضح أن هناك مخاوف لدى الجمهوريين والبيت الأبيض من أن تلحق مزيدًا من الضرر بترامب الملاحق أصلاً بالتحقيقات والشائعات والإقالات والاستقالات.

ويكشف جيمس كومي في المذكرات عن الضغوط التي تعرض لها خلال لقاؤه ترامب يوم 14 شباط 2017، كي يتخلى عن التحقيق المتعلق بمستشاره السابق للأمن القومي مايكل فلين ، والذي طُرد من منصبه على خلفية اتصالاته مع الروس، فردّ كومي بأنه سيقدم “الصراحة” للرئيس.

بعد أربعة أشهر من هذه الحادثة، قام ترمب بطرد كومي، ثم شرع المحقق الخاص روبرت مولر في التحقيق في ملف التدخل الروسي المحتمل في انتخابات الرئاسة الأمريكية، بينما نفى الرئيس الأمريكي أن يكون طالب جيمس كومي بالولاء الشخصي بدلاً من أن يكون ولاءه للولايات المتحدة وللمؤسسة، وقال إنه بالكاد يعرفه، وجدد وصفه بالكاذب.

لم تكن اتهامات وتقييمات كومي مجردة من الحجج، إذ سرعان ما دفع بالكلمة المفتاحية التي تدور حولها متاعب الرئيس الأميركي، وهي روسيا التي عاد ورجح قدرتها على ابتزازه، من خلال ملف حصول موسكو على فيديوهات لترامب مع بائعات هوى في فندق بموسكو عام 2013، وفي حال صحتها تشكل عامل ضغط. لكن ترمب نفى له حدوث ذلك.

وأوضح كومي أن كل ما كان يهم ترمب وفريقه هو كيفية الحديث إلى الأميريكين عن هذا الموضوع بطريقة ملتوية بدلاً من التركيز على كيفية منع روسيا من التدخل مرة أخرى.

ويدافع المدير السابق لمكتب التحقيقات الاتحادي الأمريكي عن قراره المثير للجدل بإعادة فتح التحقيقات في الرسائل الإلكترونية الخاصة به هيلاري كلينتون قبل أيام من انتخابات الرئاسة الأخيرة التي كانت مرشحة فيها على الحزب الديمقراطي وهي الخطوة التي أضرت بحظوظها في الفوز في الانتخابات كما يرى الديمقراطيون.

وفي مقابلة مع شبكة “آي بي سي” الأميركية، قال كومي إن افتراضه فوز هيلاري كلينتون على الرئيس دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة، بسبب حرصه على ضمان شفافية الانتخابات ونزاهتها، وقرر قبل 11 يوما من التصويت الإعلان عن تحقيقاته في استخدام كلينتون بريدها الإلكتروني الشخصي في مراسلة رسمية.

هل هي نهاية مرحلة رئاسة ترامب؟

الأزمات التي تلاحق الرئيس الأميركي لا يبدو أنها ستقتصر على التراشق مع كومي فخنادق التحقيقات الفيدرالية بشأن التدخلات الروسية في الانتخابات تضيق على محاميه مايكل كوهين الذي يمثل أمام محكمة في نيويورك.

حدث بعد أسبوع من مداهمة محققين فدراليين مكتب كوهين ومنزله ومصادرتهم وثائق وتسجيلات تضم ما يبدو أنها معلومات عن تورط كوهين قبيل انتخابات 2016 بدفع مائة وثلاثين ألف دولار رشوة لنجمة أفلام إباحية لكي تنفي صلتها بترامب.

واعتبر الصحفي آدم ديفيدسون في مقال بصحيفة نيويوركر الأمريكية أن المداهمة الأخيرة على مكتب كوهين تُظهر أن تحقيق مولر دخل فصله الأخير وأن هناك الكثير من التفاصيل والمفاجآت القادمة وأن نهاية رئاسة ترامب تبدو واضحة أكثر الآن.

وأضاف الصحفي: لطالما اعتبرترامب التحقيق في أعماله هو خط أحمر، وأن تحقيق مولر يجب الأ يتجاوز مسألة العلاقات مع روسيا، لافتًا إلى أن هذه الخط الأحمر يتم تجاوزه الآن.

واعتبر الصحفي أن مهما فعل ترامب تجاه مولر ونائبه رود روزشتين فإن المعلومات التي يمتلكها الاحتياطي الفيدرالي بشانه يمكن أن تصبح الأساس لتوجيه الاتهامات ضد أعضاء آخرين في منظمة ترامب.

وأحدث التحقيق مع كوهين شرخا جديدًا بين ترامب والبيت الأبيض من جهة، وبين مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي من جهة أخرى، إذ يشعر ترامب بالغضب من مداهمة مكتب محاميه، قائلاً إن ما حدث “هجوم على بلدنا بالمعنى الحقيقي، هذا هجوم على ما نؤمن به جميعاً”.

ومع توارد الأدلة، لم يجد محامو ترامب حسب صحيفة ذي هيل سوى طلب منع المدعين العامين من الاطلاع على هذه السجلات‘ إذ وجهوا خطابًا لقاضية اتحادية طالبين منها وقف مراجعة المحقيين لوثائق ضبطت في مكتب ومسكن كوهين، معتبرين أن وزارة العدل لا تستطيع تقييم المواد بشكل عادل.

وكتب محامو ترامب أنه تم الاستيلاء على معلومات محتملة خلال مداهمة لمكتب ومسكن، وهم يجادلون على أن ترامب يجب أن يكون قادرًا على  مراجعة تلك الوثائق قبل أن يقوم فريق المحققين لضمان حقه في الحصول على إمتياز المحامي وموكله.

وتشير الصحيفة إلى أن ترامب انتقد وزارة العدل في مناسبات عدة مع التركيز على الوزير جيف سيشنز والمحقق مولر، ليجازف محامو ترامب بذلك باحتمال مواجهة أزمة جديدة اسمها الضغط على العدالة ومحاولة عرقلة مسار التحقيقات.

وفيما بدا أنها خطوة استباقية أخرى للتشويش على المشهد، سارع الجمهوريون إلى إطلاق موقع على شبكة الإنترنت يحمل اسم كومي الكاذب أوردت كثيرا من القصص والشهادات التي تطعن في نزاهة ومصداقية مدير مكتب التحقيقات السابق.

في هذا الإطار، قال موقع بيزنس إنسيدر إن المحقق مولر يملك دليلاً على أن كوهين سافر سرا إلى براغ، الأمر الذي يدحض إدعاء كوهين بأنم لم يسبق له زيارة العاصمة التشيكية، ويدعم تقرير جاسوس بريطاني سابق يفيد بأن كوهين خطط ي براغ مع شخصية قوية من الكرملين بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية. واستند الموقع إلى وثيقة نقلت عن مصدر داخل الكرملين حدوث الاجتماع السري في براغ.

ويرى مراقبون أن هذه القضية حال قرر المحقق الخاص مولر النظر فيها قد يكون كومي الشاهد الملك، أما في حال ثبوتها فهي تهمة تؤدي إلى العزل من المنصب، وقد حذر ترامب من مغبة طرد مولر، مشيرًا إلى ضرورة أن يدق ذلك ناقوس الخطر في حال حدوثه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى