من شب على شيء شاب عليه .. الجماعة الإسلامية بمصر تهدد بالعودة لاسلوب العنف

باشرت الجماعة الإسلامية في مصر التلويح بالخروج عن التزامات بوقف العنف أطلقها قادتها قبل عقدين، في حال أصدرت المحكمة الإدارية العليا في 21 نيسان الجاري حكما بحل حزب “البناء والتنمية” الذراع السياسية للجماعة.

وأوضح عبود الزمر، عضو مجلس شورى الجماعة، يوم الخميس الماضي، أن القضية “تتجاوز كونها حل حزب سياسي وتمتد لتوجيه ضربة لمبادرة وقف العنف والمراجعات الفكرية التي أطلقتها الجماعة، واتجهت بموجبها لممارسة العمل السياسي وتأسيس حزب يعتبر ثمرة هذه المبادرة”.

وكان قادة الجماعة قد أطلقوا مبادرة لوقف العنف من جانب واحد بعد مواجهات مسلحة مع الدولة استمرت طوال عقدي الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي سقط خلالها العشرات من الشرطة وسياح وأقباط.

وظهر لمراقبين ولقادة الجماعة مؤخرا ما يشي بسلبية الحكم القضائي المنتظر بشأن حزبها السياسي، بعدما سقط أعضاؤها في آخر اختبار عملي لهم قبيل النطق بالحكم.

وينحاز حزب البناء والتنمية منذ عزل الرئيس الإسلامي محمد مرسي عن السلطة في 3 تموز 2013 لموقف جماعة الإخوان، ويسمي أعضاؤه ما حدث بأنه “انقلاب عسكري”.

وتم اتهام العديد من الأعضاء بمحافظات مختلفة في قضايا عنف وهجوم على كنائس وأقسام شرطة، وحكم القضاء عليهم بأحكام متعددة. وكان قادة الجماعة من الهاربين بالخارج جزءا من المشهد الإعلامي التحريضي الذي شكلته جماعة الإخوان عبر فضائيات تبث من تركيا وقطر.

ومنحت الحكومة المصرية حزب الجماعة الإسلامية الكثير من الفرص ليعيد تقييم موقفه وتعديل خياراته، وهذا ما لم يتحقق.

واكتفى القادة بتغييرات شكلية لم تدفع الكيان، الذي يعد من أقوى وأهم حلفاء جماعة الإخوان، لتجاوز مرحلة سقوط الأخيرة، إلى مرحلة التعلم من دروس التجربة والبدء في ممارسة سياسية انطلاقا من الفصل بين الحزبي والدعوي.

ويحاول عبود الزمر من جهة ومحمد تيسير وجمال سمك كقيادات بالحزب من جهة أخرى الظهور بتصريحات ومواقف تلمح لتجاوز مرحلة التحالف مع الإخوان، لكن في المقابل هناك تيار قوي في الداخل والخارج يعوق التحرك في هذا الاتجاه.

وأصدر عبود الزمر القيادي السابق بالجماعة مؤخرا، بيانا يؤيد فيه جهود الجيش المصري ويثني على عمليته الأخيرة الشاملة بسيناء، ما عرضه لهجوم شديد من قيادات الجماعة بالخارج، ولم يظهر أحد في الداخل تأييدا لموقفه.

وتتبنى بعض قيادات الجماعة والتي لا تزال تتحكم في مواقف الحزب، وعلى رأسهم أسامة حافظ رئيس مجلس شورى الجماعة، وعبدالآخر حماد مفتي الجماعة الشرعي، موقفا غامضا يدل على رغبة لرهن مواقف الجماعة بخيارات الإخوان.

وانقسمت الجماعة بشأن الموقف من مبادرة وقف العنف عقب إقصاء القيادات التاريخية الذين قادوا المبادرة، في العام 2010، وفي مقدمتهم كرم زهدي وناجح إبراهيم، وترفض المجموعة التي هيمنت على الجماعة منذ ذلك الحين الكثير من الأفكار والقناعات التي أطلقها ناجح وزهدي.

ولجأ القادة الحاليون للجماعة إلى التحالف مع الإخوان لترجيح موقفهم وإنجاح انقلابهم على قادة المبادرة الفعليين، في الوقت الذي يوظفون عنوان المبادرة بين الحين والآخر كأداة للمناورة مع النظام.

ويتمسك قادة الجماعة باستمرار الحزب لكونه غطاء سياسيا يمنحهم شرعية الوجود ويحول دون عودة وضع الجماعة، كما كان قبل مبادرة وقف العنف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى