اليابانيون يفرطون في العمل حد الموت مقابل افراط العربان في الكسل حد النوم

يقول الكاتب جيريمي بيرك بتقريره بموقع «بيزنس إنسايدر»: الحياة المهنية في اليابان شديدة للغاية، ويشار إلى حالات موت الناس بسبب الإفراط في العمل بكلمة «كاروشي (Karoshi)»، التي تترجم حرفيًا إلى «الموت الناتج من الإفراط في العمل».

في عام 2013، سجل الصحافي ميوا سادو البالغ من العمر 31 عامًا 159 ساعة من العمل الإضافي في شهر واحد بشبكة أخبار «إن إتش كيه»، قبل أن يموت بسبب سكتة قلبية في تموز 2013. وفي عام 2015 انتحر موظف بشركة «دنتسو» الدعائية العملاقة، يبلغ من العمر 24 عامًا، قفزًا من شرفة غرفة نومه بالشركة بعد أن عمل أكثر من 100 ساعة إضافية في الشهر، وفقًا لتقرير صحيفة «يو إس إيه توداي».

سبب الظاهرة

يرى الكاتب أن هذه الثقافة القاسية هي نتاج عصر ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث سعى رئيس الوزراء شيجيرو يوشيدا إلى تنشيط الاقتصاد بالبلاد عن طريق حث الشركات الكبرى على توفير أمان وظيفي مدى الحياة لموظفيها، وبالمقابل طلب من العمال أداء وظائفهم بإخلاص.

كُوفئ الموظفون الذين قضوا ساعات إضافية بالعمل لعدة عقود، حتى بدأ الموظفون يعانون من آثار سلبية على صحتهم، تصل للموت أحيانًا. وفقًا لـ«وكالة الأنباء اليابانية (نيبون)» تحاول الشركات التحايل على القيود التي فرضتها الحكومة اليابانية بشأن ساعات العمل في السنوات الأخيرة، من خلال تشجيع الموظفين على تزوير مقدار الساعات الإضافية التي قضوها في العمل.

وجد تقرير عام 2016 لفحص حالات الكاروشي وأسباب الوفاة أن أكثر من 20% من الأشخاص في مسح أجري على 10 آلاف عامل ياباني، أنهم عملوا ما لا يقل عن 80 ساعة إضافية في الشهر. تضطر الشركات الكبرى إلى دفع غرامات (صغيرة) عندما يُصنف وفاة موظفيها على أنه كاروشي، لذلك هناك حركة أوسع في البلاد لمحاربة جذور المشكلة المتمثلة في بئية العمل المرهقة والمتسلطة.

وأوضح الكاتب قائلًا: «إنه أولًا يُضغط على الموظفين بشكل منتظم من قبل الإدارة وزملائهم للعمل خارج ساعات العمل (الدوام)، مع عدم اعتبار عملهم ضمن ساعات العمل الإضافي؛ خشية أن يتخلفوا عن أهدافهم بالعمل. وثانيًا بسبب جزء غامض من قانون معايير العمل، تتمتع الشركات بحرية التفاوض المباشر مع الموظفين حول العمل أكثر من ثماني ساعات في اليوم».

كيف يتم مكافحة عمل الموظفين الإضافي؟

لكن بعض الشركات، من ضمنهم إحدى شركات تكنولوجيا الإنترنت (IT) بطوكيو، تحولت إلى استراتيجيات جديدة لمكافحة الإفراط في العمل. وقالت هيئة الإذاعة الوطنية الأمريكية شبكة «إن بي سي»: إن الشركة ترغم العاملين على ارتداء «قبعة أرجوانية» يوم الأربعاء الثالث من كل شهر، للتعبير عن أنهم استمروا بالعمل حتى وقت متأخر.

ونقل الكاتب قول يوشى كومورو، وهو رئيس شركة «التوازن بين العمل والحياة»، لـ«إن بي سي»: «لقد قلل هذا التكتيك من عدد الموظفين الذين يعملون ساعات إضافية إلى النصف». شركة «التوازن بين العمل والحياة» تساعد الشركات على تقليل العمل الإضافي.

بعض الحلول اليابانية التي نفذتها بعض الشركات تبدو مستوحاة من أفلام الخيال العلمي؛ إذ أبلغت ثلاث شركات شبكة «إن بي سي» أنها تطوّر طائرة بدون طيار للتحليق في أنحاء مكاتبها وتشغيل الموسيقى بجانب أي موظف يستمر في العمل حتى الليل، لإخراجهم من مكاتبهم.

ولقد وعد رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في عام 2017 بإجراء إصلاحات بشأن التوازن بين العمل والحياة، بما في ذلك تحديد عدد الساعات الإضافية التي يمكن للموظفين العمل بها، ودفع أجور للعاملين بدوام جزئي بشكل أفضل، بحسب «رويترز».

الموظفون لا يزالون متشككين

ونقل الكاتب قول أحد موظفي البنوك لـ«رويترز»: «شركتي تقول إنها تشجع سياسة إصلاح ثقافة العمل الزائد، لكني أعمل ساعات إضافية كثيرة مثل السابق، حتى أنني أعمل في أيام السبت». ويختتم الكاتب تقريره قائلًا: «بعد كل شيء، حُكم على شركة (دنتسو) الإعلانية العملاقة بدفع غرامة قدرها 5 آلاف دولار فقط؛ بعد انتحار أحد موظفيها بسبب العمل الزائد».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى