الدراما التركية تهاجر الى الجزائر بحثا عن مخرج من عزلتها العربية

بعدما أغلقت السعودية الباب أمام صناعة الدراما التركية، يبحث الأتراك عن موطئ قدم في الجزائر، البلد الذي تبحث الدراما فيه عن شراكات خارجية لمساعدتها على إنهاء عقود من الركود.

وفتح فنانون جزائريون الباب على مصراعيه لإحدى أذرع القوة الناعمة التركية، التي كانت على وشك الاحتضار بعدما أعلنت مجموعة قنوات “أم بي سي” السعودية عن وقف عرض المسلسلات التركية بداية من الشهر الجاري.

واستعان فنانون جزائريون بتقنيين أتراك في إنتاج مسلسلي “تلك الأيام”، و”الرايس قورصو”، اللذين يجري تصويرهما حاليا، بالاعتماد على طاقم تمثيل محلي.

وأدى التعاون بين مؤسسة “الشروق للإعلام” (خاصة) مع كادر فني تقني تركي، إلى إنتاج أول مسلسلين مشتركين هما؛ الرايس قورصو، الذي يروي حكاية قبطان جزائري إبّان الفترة العثمانية (1515-1830). أما مسلسل تلك الأيام، فيكشف ما عاشه الجزائريون إبّان سنوات الإرهاب في تسعينات القرن الماضي (العشرية السوداء).

ولن يهدأ بال تركيا إلا عبر تعويض الخسائر التي سيتسبب فيها قرار أم بي سي، لصادرات المسلسلات التركية التي تخطت مؤخرا 350 مليون دولار سنويا.

والجزائر بيئة خصبة لاستقبال الأعمال التركية، حيث تحظى الدراما التركية بشعبية واسعة، خصوصا بعد موافقة الحكومة على دبلجة مسلسلات تركية باللهجة المحلية الجزائرية. لكن التعاون الدرامي بين الجانبين ما زال يخبّئ بعدا سياسيا.

وقاد النفوذ المتزايد الذي يتمتع به الإسلاميون على الساحة السياسية الجزائرية لسنوات إلى خلق ميزان قوى أظهر نظام الحكم في مناسبات عدة في شكل “رهينة” لقرار الإسلاميين.

ويقول خبراء في صناعة الدراما إن البيئة المجتمعية التي خلقتها الأحزاب والحركات الإسلامية كافية لتمهيد الطريق أمام الأتراك لتحويل الجزائر إلى منصة جديدة لتصدير أعمالهم إلى العالم العربي.

ولو لم تكن القوة الناعمة متمثلة في رسم صورة مثالية لثقافة المجتمع التركي، فمن الممكن أن تتمثل في بناء العمل والكوادر المشاركة فيه.

وعلى سبيل المثال، يسيطر الكادر التركي، بشكل شبه كامل خلف الكاميرا، على إنتاج مسلسل تلك الأيام، إذ تتشكل المشاركة التركية في العمل بفريق تقني يتكون من المخرج محمد جوك (تركي – ألماني)، والكاتب والسيناريست أركان سيبلاك، ومدير التصوير حقي توبجو، إضافة إلى مدير الإضاءة أحمد إيدن، ومهندس الديكور أوزجزر كميرتاش، وأخصائية التجميل أسماء إيرين، والكوافير شاهين جلول.

ويقول الممثل حسان بن زراري، الذي يشارك في المسلسل، إنّ “قصة العمل تجري في فترة التسعينات من القرن الماضي، حيث كانت الجزائر تعاني من الإرهاب والفوضى والفتن”.

وأضاف “دوري يتمثل في شيخ (رجل دين) يعمل على تجنيد الشباب، وتحريضهم على الالتحاق بالجماعات الإسلامية المتطرفة، التي تريد زرع الفتنة في البلاد”.

تابع متحدثا عن دوره بأنه “يبرز كيف يؤثر الشيخ على الشباب بالخطب والدروس التي تحثّ على الجهاد، وتؤجج الحقد ضد السلطة في تلك الفترة”.

وفي وقت سابق، قال علي فضيل، مدير مؤسسة الشروق للإعلام المنتجة للعمل، إن “قصة العمل واعدة جدا، وتمس الشعوب العربية، بتوليفة تركية وحلة جزائرية عربية، وبجودة سينمائية”، مؤكدا أن مؤسسته “أنتجت عدّة أعمال للسوق الجزائرية، وتسعى مستقبلا للمنافسة على الصعيد العربي”.

لكن يظل من الصعب عثور الدراما التركية على بديل لإعادة انتشارها في العالم العربي انطلاقا من الجزائر، إذ لا تحظى اللهجة الجزائرية، التي تمت دبلجة أكثر من عمل بها، بشعبية واسعة في البلدان العربية الرئيسية، كما لا تملك الجزائر رصيدا دراميا أو سينمائيا كبيرا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى