في يوم الارض .. حراك شعبي فلسطيني حاشد، وارتباك عسكري اسرائيلي واضح، ووساطات عربية واجنبية للتهدئة

قال أفيخاي أدرعي، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، إن الجيش قصف مواقع شمالي قطاع غزة.

وأوضح المتحدث في تصريحات صحفية أن الجيش الإسرائيلي قصف نقطتي مراقبة تابعين لحركة “حماس” شمالي قطاع غزة.

وأشار  أدرعي إلى أن المدفعية الإسرائيلية أطلقت عدة قذائف صاروخية صوب نقاط مراقبة تابعة لحركة حماس على الحدود الشمالية مع قطاع غزة، كما حذر الجيش الإسرائيلي من أي محاولة للمساس أو الاقتراب من الحدود.

وقال: “الجيش الإسرائيلي قصف نقطتي مراقبة تابعين لحركة حماس شمال قطاع غزة، ردا على محاولة فلسطينيين الاقتراب من السياج الحدودي وإضرام النار في المنطقة”.

وأصدر الجيش بيانا قال فيه “قصفت دبابات جيش الدفاع موقعي رصد تابعيْن لمنظمة حماس الإرهابية في شمال قطاع غزة ردًّا على وصول مشتبه فيه إلى معبر كارني القديم بالقرب من الجدار الأمني، وقام بإشعال النيران هناك”.

وأضاف بيان أدرعي: “ينظر جيش الدفاع ببالغ الخطورة إلى أي محاولة للمساس بالجدار الأمني أو ببنية تحتية أمنية”.

ومع اقتراب ساعة الصفر لانطلاقة مسيرات العودة في الذكرى السنوية لـ “يوم الأرض”، شكّك محللون إسرائيليون في حقيقة استعدادات الجيش الإسرائيلي على الحدود مع قطاع غزة لمواجهة المسيرات الفلسطينية المرتقبة.

وتأتي هذه التقديرات في ظل الذكرى بعد أيام من الكشف عن ثاني حادث تسلل عبر السياج المقام على الحدود بين القطاع والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، رغم إعلان جيش الاحتلال استنفار قواته ورفع حالة التأهب الأمني.

ونجح ثلاثة شبان فلسطينيين من قطاع غزة، أمس الاثنين، في اختراق التحصينات العسكرية الإسرائيلية وخداع أجهزة المراقبة الالكترونية والتوغل بعمق 20 كيلومتر داخل الأراضي المحتلة عام 48، قبل أن يتم اعتقالهم.

كما أعلن الجيش الإسرائيلي، السبت الماضي، عن تمكن أربعة فلسطينيين من اجتياز السياح الحدودي، ونجحوا في الإضرار بمعدات عسكرية خاصة بالكشف عن الأنفاق، قبل أن يتمكنوا من الانسحاب بسلام.

وعقّب المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، نتان تسوري، على واقعة اختراق السياج الحدودي بالقول “هذه مأساة خطيرة جدا وعملية التسلل تثير الكثير من الأسئلة الصعبة”.

ورأى أن هذا الحدث يثير تساؤلات خطيرة، لا سيما في ضوء حقيقة أن القوات الإسرائيلية منتشرة في المنطقة بصورة لم يسبق لها مثيل، قبيل المسيرات الفلسطينية التي من المتوقع أن تشهدها الضفة الغربية وقطاع غزة الجمعة المقبلة بمناسبة “يوم الأرض”.

وأضاف “وضع الجيش الإسرائيلي وسائل تكنولوجية متقدم في جميع أنحاء قطاع غزة لمنع تسلل الفلسطينيين، ومع ذلك فقد أثبت الفلسطينيون بالفعل أن هذا ممكن”.

واتفق مع تسوري المحلل رون بن يشاي، الذي قال إن “الحادث فشل خطير في حماية الحدود (…) كل من وصل إلى تسيليم يستطيع أيضاً الوصول إلى تل أبيب”.

وأضاف “لا أستبعد ان يكون المتسللين الثلاثة قد تم إرسالها من قبل حماس لتقويض ثقة مستوطني غلاف غزة بالجيش”.

ونقلت الصحيفة عن عضو الـ “كنيست” حاييم يلين، قوله “الكثير من الأحداث حدثت في الأسبوع الماضي إن الشعور هو أن الجيش الإسرائيلي يعطي التركيز على الأمور الكبيرة والأنفاق والمسبرة المليونية، لكنه لا يولي الأشياء الصغيرة اهتماما”.

وأضافت يلين “لقد اخترقوا العمق، ليس كيلومترًا واحدًا أو اثنين  وتجولوا لبضع ساعات، ومثل هذا الحدث “يقلل من قدرة المستوطنين في المنطقة على الصمود، لأن المستوطن المقيم هنا  يسأل عما يحدث بالفعل هنا، رغم حماية الجيش ، فغم انه تم القبض على المتسللين، لكني ما حدث  ليس جيدًا. والشعور سيء للغاية، وآمل بشدة أن يستخلصوا استنتاجات “.

من جهته قال موقع “مفزاك لايف” العبري، إن “الفلسطينيين وهم من أسرة واحدة من سكان رفح، تسللوا إلى المناطق الإسرائيلية في الساعة الخامسة صباح اليوم ولم يتم اكتشافهم إلا في الساعة العاشرة والنصف أي بعد مضي أكثر من خمس ساعات، وتم اكتشافهم على بعد 200 متر فقط من قاعدة تسسيليم  العسكرية الإسرائيلية وكانوا يريدون قتل جنود”، وفق الموقع.

ونقل الموقع عن المتحدث باسم الجيش رونين مانليس، قوله إن “الحادث خطير وما كان يجب أن يحدث نحن نتحرى نتعلم ونستخلص النتائج”.

من جانبه، قال الجنرال احتياط في الجيش الإسرائيلي إيال بن رؤوفين، إن “حادث تسلل الشبان الفلسطينيين خطير للغاية ولا يمكن وصفه إلا بالفشل للجيش الإسرائيلي، وأن اختراق الحدود والوصول لهذه المسافة الكبيرة أمر غير مقبول في ظل التوتر الحالي، ويجب أن يضيء جميع الأضواء الحمراء لدى مؤسسة الجيش.

فيما عقّب المراسل العسكري للقناة العاشرة، أور هيلار، على الحادث بالقول “حادث جديد محرج للجيش في ظل قمة استعداده للمسيرة المزمعة يوم الجمعة”.

هذا ويواصل الفلسطينيون في قطاع غزة الاستعدادات والتجهيزات لانطلاق مسيرة العودة الكبرى، يوم الجمعة المقبل، والتي دعت لها “الهيئة الوطنية” لمسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار، الممثلة بكل الفصائل والمؤسسات الفلسطينية.

وتقوم آليات ومعدات بلديات غزة المختلفة بتجهيز الأماكن التي سيكون فيها الاعتصام على طول الشريط الحدودي.

وذكر رئيس بلدية جباليا النزلة الواقعة شمال قطاع غزة، عصام جودة، لـ “قدس برس”، أن البلدية شرعت منذ أيام بتهيئة المنطقة التي سيقام فيها معسكر الخيام شرق بلدة جباليا على بعد 700 متر من السياج الفاصل.

وأضاف: “تم تسوية الأرض وشق طرق جديدة للوصول إلى المكان وإقامة حمامات منتقلة وإيصال مياه الشرب للمكان، وعمل ملاعب ومسارح وغيرها من المرافق التي تهيئ المعتصمين الإقامة أطول فترة ممكنة هناك”.

وقال المتحدث باسم مسيرة العودة، أحمد أبو رتيمة، اليوم الثلاثاء، “يتم تجهيز كل الخدمات للمسيرة، والأماكن التي سيتم فيها الاعتصام، وتحضير كل لوازمه؛ من مياه شرب وحمامات وملاعب وغيرها”.

وأشار أبو رتيمة في حديث لـ “قدس برس”، إلى وجود ما وصفها بـ “خلية العمل النشطة” إلى جانب تشكيل لجان في كل المناطق تقوم بالعمل للدعوة للاعتصام.

وأردف: “كل القطاعات في غزة تعمل، وهناك صورة وحدوية وتعاون كامل من مختلف الأجهزة والفئات”. مجددًا التأكيد أن “الاعتصام مدني سلمي سيمارس فيه أنشطة ثقافية واجتماعية وإعلامية ورياضية وترفيهية”.

واعتبر أن مسيرة العودة والاعتصام المقرران يوم الجمعة 30 آذار الجاري، “أسلوب نضالي جديد، يتم من خلاله محاصرة الاحتلال عبر الحشد السلمي والكاميرا”.

ولفت النظر إلى أنه سيتم عبر الاعتصام المفتوح، إرسال رسائل “تذكر كل العالم بقضيتنا الأساسية، وأننا شعب اقتلع من أرضه ويريد أن يعود إلى دياره التي هجر عنها”.

وذكر الناشط أبو رتيمة، أن “سيبدأ التحرك صباح الجمعة وستقام صلاة الجمعة بالقرب من السياج العازل على طول الشريط الحدودي في كل منطقة”.

من جانبه، صرّح خالد البطش؛ منسق الهيئة الوطنية، القيادي في حركة “الجهاد الإسلامي”، بأن مسيرة العودة “أسلوب نضالي مستدام ومتراكم، وليست فعاليةً موسميةً أو حدثًا ليوم واحد فقط، وستستمر حتى تحقيق العودة الفعلية للاجئين الفلسطينيين”.

وتابع البطش في تصريحات لـ “قدس برس” إنه “ستكون مسيرة وطنية متجاوزة للاختلافات السياسية، يلتقي فيها الفلسطينيون بمختلف مكوناتهم على القضية الجامعة المتمثلة في عودة اللاجئين، وهي مسيرة شعبية وطنية تتصدرها العائلات”.

وبيّن القيادي في “الجهاد الإسلامي”، أن “عدم إنجاز حق العودة مبرر لمواصلة المسيرة مهما بلغ مداها الزمني، ولا علاقة لها بأي صفقات أو عروض سياسية من أي جهة كانت”.

ونوه إلى أن المسيرة “تستند إلى القرارات الدولية؛ وأبرزها الفقرة 11 من قرار الأمم المتحدة رقم 194 والذي يدعو صراحةً إلى عودة اللاجئين الفلسطينيين في أقرب وقت إلى قراهم وبلداتهم”.

ودعا إلى أن تخلو المسيرة، ذات الطابع السلمي، من أي مظاهر للسلاح، وأن تعتمد أسلوب الاعتصام المفتوح، ونصب الخيام وإقامة حياة اللجوء بالقرب من السلك الفاصل مع الداخل المحتل 48، واستجلاب وسائل الإعلام الدولية لإيصال رسالتها إلى كل العالم.

بدوره، شدد إسماعيل رضوان؛ عضو الهيئة الوطنية لمسيرة العودة وكسر الحصار، القيادي في حركة حماس، على أن الاستعدادات “جارية على قدم وساق” لإنجاح مسيرة العودة داخل وخارج فلسطين المحتلة.

ولفت رضوان النظر، خلال تصريحات لـ “قدس برس”، إلى أن فعاليات المسيرة على مستوى الضفة الغربية، قطاع غزة والقدس والأرضي المحتلة عام 1948، ومخيمات اللجوء والشتات، الحدود الفلسطينية العربية، وصولًا إلى تجمع وحشد أكبر على الإطلاق.

وقال إن هدف هذه المسيرة “الضغط على الاحتلال والمجتمع الدولي، بأن الشعب الفلسطيني مصمم على العودة إلى مدنه وقراه التي هجر منها آباءه وأجداده عام 1948م”.

واستطرد: “هذه المسيرات ستبقى سلمية شعبية، والخيام التي تنصب ستحافظ على شعبيتها وسلميتها”. مبينًا أنه في المرحلة الأولى ستبتعد الخيام 700 متر عن الخط الفاصل والسياج الحدودي شرق قطاع غزة.

واستدرك: “هذه المسيرات ستبدأ من 30 آذار الجاري، وصولًا إلى 15 أيار المقبل (يوم النكبة)، وهي تسير بمرحلة متدرجة حسب قرارات الهيئة الوطنية العليا لمسيرة العودة وكسر الحصار”.

وفي نابلس دعت فصائل وطنية فلسطينية إلى أوسع مشاركة شعبية في فعاليات ذكرى “يوم الأرض”.

وناشدت الفصائل في بيان لها، امس الثلاثاء، اعتبار الجمعة المقبلة “يوم تصعيد ميداني” في مختلف المدن والقرى الفلسطينية، تأكيدا على حق الشعب الفلسطيني في المقاومة ورفض “صفقة القرن” ومخططات تصفية القضية.

ووجهت نداء للمشاركة في المسيرات والفعاليات الاحتجاجية ضد ممارسات الاحتلال الاستيطانية، إلى جانب توسيع الحراك الشعبي في مناطق الاحتكاك رفضا لهذه الممارسات.

وبناء على ذلك فقد قال مسؤول فلسطيني ان ثمة اتصالات امنية سرية تجري حاليا بين إسرائيل وكل من مصر والأردن والسلطة الفلسطينية بغية الوقوف عن كثب على ما قد يحدث خلال الأيام والاسابيع القادمة إثر اعتزام جهات فلسطينية تنظيم احتجاجات جماهيرية واسعة النطاق بدءا من قطاع غزة فيما يتوقع ان تمتد الاحتجاجات الى كافة المناطق الفلسطينية.

ومن المتوقع ان تبدأ الاحتجاجات الفلسطينية يوم الجمعة المقبل الذي يصادق الذكرى الثانية والأربعين ليوم الأرض الذي جرت وقائعه في الثلاثين من اذار من عام 1976 وقتل الامن الإسرائيلي اثناء المواجهات التي وقعت آنذاك ستة مواطنين عربا.

وقد دعت حركة حماس الى تنظيم مسيرة حاشدة الى السياج الحدودي الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل والى نصب الخيام بمحاذاة السياج الحدودي مما قد يؤدي الى تصعيد يخرج عن السيطرة.

ومن المتوقع كذلك ان تستمر الاحتجاجات الفلسطينية مدة ستة أسابيع متتالية لتنتهي يوم الاحتفالات بعيد استقلال إسرائيل السبعين الذي يحي الفلسطينيون فيه “ذكرى النكبة”، وهو ما يرى المراقبون انه سيكون في ظل توتر خارج عن المعهود هذا العام لأنه يتزامن مع موعد نقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس بعد ان اعلان الرئيس الأمريكي ترامب في كانون الأول من العام المنصرم الاعتراف بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل.

وتفيد التقارير ان ثمة خشية إسرائيلية واضحة من تصعيد محتمل للأحداث القادمة قد تؤدي الى تدهور أمني في المنطقة من شأنها ان تجر كافة المنطقة الى مواجهات عنيفة. وعليه، ووفقا لما أورد الموقع السعودي، فقد قال مسؤول فلسطيني ان اتصالات سرية على الصعيد الأمني تجري بين مسؤولين إسرائيليين كبار مع نظراء لهم من الأردن والسلطة الفلسطينية.

وأضاف المصدر الفلسطيني ان اللقاء الأخير الذي جرى بين الأطراف في احدى مقرات القيادة العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية شارك مسؤولون امنيون مصريون وانه من المتوقع عقد لقاءات أخرى كهذه في الأسابيع القادمة.

وقالت صحيفة “يسرائيل هايوم” العبرية، انها علمت من مصادر خاصة بها حول مدى القلق في عمان والقاهرة ورام الله من مغبة انتشار الاحداث المقررة في قطاع غزة الى مناطق الضفة الغربية بل والى داخل الأراضي الأردنية في حال تصاعدت الاحداث في القطاع والضفة الغربية.

وينبع القلق المصري من إمكانية احتشاد جماهير فلسطينية بمحاذاة السياج الحدودي مع مصر كما هو بمحاذاة السياج مع إسرائيل وان يحاول آلاف المحتجون التوغل الى الأراضي المصرية، وهو ما يرغب المصريون بتفادي وقوعه.

وأورد التقرير ان أجهزة الامن الفلسطينية تلقت التعليمات بالسماح للمتظاهرين المحتجين في الضفة الغربية بتنظيم مسيرات تضامنية مع المحتجين في قطاع غزة، غير ان أجهزة الامن الفلسطينية تلقت تعليمات بعدم السماح للمحتجين من الاقتراب من نقاط التماس او الحواجز الأمنية الإسرائيلية أو الاشتباك مع الجود الإسرائيليين.

ونقلت صحيفة “يسرائيل هايوم” العبرية عن المسؤول الفلسطيني قوله انه رغم العوائق الناجمة عن انقطاع الاتصالات بين الفلسطينيين والإسرائيليين مؤخرا وأزمة الثقة بينهما، غير ان التنسيق الأمني يجري على جانب مهني بالكامل بين الجانبين.

وفي المقابل، يجري الجيش الإسرائيلي استعدادات خاصة للاحتجاجات الفلسطينية القريبة بمحاذاة السياج الحدودي في قطاع غزة وإمكانية التصعيد الذي يخرج عن السيطرة. ومن بين الاستعدادات فقد تقرر نشر عشرات القناصة على الحدود الإسرائيلية مع قطاع غزة، بمن فيهم قناصون من وحدات خاصة، استعدادا للمسيرات المقررة ليوم الجمعة من هذا الأسبوع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى