في قراءة لمركز القدس .. الانتخابات الإسرائيلية ستكون قبل موعدها

قبل نحو أسبوع من الآن حبست المنظومة السياسية الإسرائيلية، أنفساها استعداداً لانتخابات جديدة، بعد أن رجحت أخبار رفض الحريديم التصويت لصالح ميزانية 2019، إلّا بعد تمرير قانون التجنيد الجديد بقراءته الأولى، الأمر الذي دفع بنيامين نتنياهو ليتحدث عن احتمالية انتخابات جديدة، مع دعوته لأحزاب الائتلاف بتجاوز الخلافات، واستمرار الحكومة الأفضل في تاريخ “إسرائيل” على حد قوله بعملها، دعوة وُصفت على أنّها غير جادّة، وتُخفي بين طيّاتها أمنيات نتنياهو بالذهاب للانتخابات.

تهديد الحريديم، وكذلك حزب “إسرائيل بيتنا” بزعامة وزير الجيش ليبرمان للذهاب لانتخابات مبكرة كانت دعوات مريحة بالنسبة لبنيامين نتنياهو وحزبه الليكود، وذلك لأسباب أهمها، أنّ نتنياهو يُدرك أنّ الانتخابات ضرورية قبل قرار المستشار القانوني، بخصوص ملفات التحقيق معه، والتي على الأرجح ستكون بتقديم لائحة اتهام ضده، لذلك فإنّ انتخابات جديدة، ستمنح نتنياهو قوّة العمل تحت ظل لائحة اتهام.

الأمر الآخر، أنّ الانتخابات لو تم تقديمها، ستكون في شهر حزيران 2018، وهو تاريخ مريح جدّاً لنتنياهو والليكود، حيث وفق استطلاعات الرأي، الليكود يتصدر بفارق كبير، وتجاوز 35 مقعداً في بعض الاستطلاعات، وستكون الانتخابات في موعد، يأتي بعد نقل السفارة الأمريكية للقدس، وربما مشاركة الرئيس الأمريكي ترامب في تلك الاحتفالية، إلى جانب أنّ مشروع الليكود سيتركز على رفض الحزب لابتزازات الحريديم، وهذا بحد ذاته داعم للدعاية الانتخابية الليكودية.

وكان قد أشار العديد من المقربين، لكافة رؤساء الأحزاب، أنّ محاولات نتنياهو لحلّ أزمة مرور قانتون التجنيد بقراءته الأولى، لم تكن جادّة، وأنّ نيته الذهاب لانتخابات مبكرة، كانت واضحة وعلى غير عادة، هنا فهمت أحزاب الائتلاف اللعبة، وكما أنّ نتنياهو حاول الإيقاع بهم، وذهب بترك الأمور للصدام، بهدف تقديم الانتخابات لموعد مريح له، عاد رؤساء التكتل الائتلافي، بصيغة تمرير قانون التجنيد بقراءته الأولى، وترك الخلاف إن وجد، للقراءتين الثانية والثالثة.

حيث وفق قراءة خريطة الاستطلاعات، وطبيعة الإنجازات للأحزاب وفقاً لبرامجها المختلفة، فإنّ الرابح الوحيد سيكون حزب الليكود الحاكم، وهنا يُمكن استعراض مخاوف الأحزاب المختلفة:

أولاً: حزب شاس، وفق استطلاعات الرأي، في أحسن الأحوال لن يحصل على 5 مقاعد، ومن الممكن أن لا يعبر نسبة الحسم، وفق الكثير من الاستطلاعات، في ظل توّزع الأصوات بينه وبين غريمه حزب “ياحد”، الذي أسسه الزعيم السابق لشاس، يشاي، وبالتالي هو بحاجة لترميم صورته ويحتاج للكثير من الوقت.

ثانياً: حزب “إسرائيل بيتنا” بزعامة ليبرمان، متخوف هو الآخر من مفاجئة انتخابية، حيث لو حدثت الانتخابات في الصيف، سيكون حظ نتنياهو كبير، ربما بالوصول إلى 40 مقعداً، ولن يضمن بعدها ليبرمان حقيبة وزير الجيش، الحقيبة التي حصل عليها في ظل امتلاك حزبه فقط 4 مقاعد.

ثالثاً: حزب “كولانو” بزعامة وزير المالية موشيه كحلون، يحتاج إلى الزيد من الوقت، لإثبات مشروعه الاجتماعي، وربما بعض النجاحات كإقرار ميزانية أكثر اجتماعية ورفاهية، إلى جانب تراجع أسعار الشقق، ستكون بالمثابة له، إنجازات ستصب في صالحه الانتخابي، إلى جانب أنّ انتخابات يحصل فيها الليكود على مقاعد أقر ستكون أسهل لكحلون للعودة لوزارة المالية.

رابعاً: حزب البيت اليهودي، بزعامة وزير المعارف نفتالي بنت، هو الآخر لا يريد انتخابات يحصل فيها الليكود على مقاعد كثيرة، رغم قناعته أنّ الحكومة القادمة لا يمكن أن تكون دون الليكود، إلّا أنّ ليكود بمقاعد أقل، أكثر ضمانة لتشكيل حكومة يمين.

حتى أنّ أحزاب المعارضة، لم تكن ترغب في انتخابات جديدة، حيث صرح زعيم المعسكر الصهيوني الجديد آبي جباي، أنّ حزبه جاهز للانتخابات، لكن لا يريد تفصيلها وفق اهواء نتنياهو، إلى جانب ذلك، فإنّ حزب يوجد مستقبل بزعامة يائير لبيد، والذي وفق الاستطلاعات فإنّ حزبه سيتجاوز العشرين مقعداً، يدرك أنّ ذلك سيبقيه في المعارضة، لذى فالانتظار قليلاً، وربما لما بعد تورط نتنياهو أكثر سيكون في صالحه.

لذلك فإنّ ما حدث خلال الاسبوع الأخير ليس حلّا للأزمة الائتلافية، بقدر ما هو تأجيل لها، لما بعد مرور الصيف، حيث أنّ الأحزاب الائتلافية لن تصوّت على قانون التجنيد مرّة أخرى بصيغته الحالية، ولكن جاء التأجيل، بهدف الوصول لأجواء ربما أكثر ملائمة لبرامج الأحزاب المختلفة وتحقيقها نتائج أفضل، مما هي عليه في استطلاعات الرأي.

لكن يبقى السؤال، هل بالفعل ستحدث تغييرات كبيرة حتى شهر أيلول القادم، على الأرجح لن تكون، فقرار المستشار القانوني بحق نتنياهو سيتأخر وفق التقديرات للعام القادم، إلى جانب ذلك، فإنّ الليكود سيحصل على ذات العدد، أو ربما أكثر من المقاعد، حيث استطاع الحزب بزعامة نتنياهو، تشريب قضاع واسع من الجمهور، فكرة بقاء نتنياهو في الحكم حتى في ظل لائحة اتهام وما حصوله على هذا العدد الكبير من المقاعد في الاستطلاعات إلا دليل على ذلك، وبالتالي لن يكون هناك حكومة يمين، دون الليكود، فيما يستطيع الليكود تشكيل حكومة، دون وجود اليمين فيها، كذهابه لشراكة مع “المعسكر الصهيوني” أو ربما “يوجد مستقبل”.

يُذكر أنّ الانتخابات وفق موعدها القانوني ستكون في شهر تشرين ثاني، نوفمبر من العام 2019، حيث ستعمل هذه الكنيست ما يقارب 4 سنوات ونصف، ويأتي هذا التجاوز، كون الكنيست السابقة تم حلّها قبل نهاية ولايتها، ووفق القانون فإنّ الكنيست اللاحقة، تستطيع العمل لمدة لا تزيد عن خمس سنوات.

* مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى