” المؤامرة ” الكبرى .. و حرب المصير

 

 

تدخلُ الحرب القائمة على سّوريّة الآن ، و في هذه الأثناء ، منعطفها الأخطر في حرب المصير .. و وصلت الحرب القائمة على سورية إلى نهاياتها المفضوحة في خطط و مؤامرات الإرهاب الوهّابي- العالمي المدعوم من أميركا و الدّول الإقليمية العدوّة و المحيطة بسورية من الشّمال و من الجنوب ، و بخاصّة بعد محاولة مسرحيّة “الكيمياويّ” الإرهابيّة الأخيرة ، كإفلاسٍ للإرهاب و داعميه و قيامه بالانتقام من انتصارات جيشنا في ميدان المعركة ، و افتعالِ تكرار مَسْخَرَةِ ” أسلحة الدّمار الشّامل” التي كلّفت العراق دولةً كاملة و شعباً كاملاً و مستقبلاً مريراً.

جاء هذا التّطوّر بعد أن تمكّن الجيش العربيّ السوريّ مع القوات الرّديفة و الحليفة و الصّديقة من خلق معادلة الانتصارالسّوريّة ، حيث جرت تحوّلات كبرى في جميع ميادين المعارك لصالح سورية الدّولة و شعبها و جيشها معاً ، في شمال سورية و جنوبها و وسطها و ريف دمشق والغوطة الشرقية خاصّة ، و ما سطّره حلف المقاومة في المنطقة من دروس ، مع تعمّق و ثبات السّياسة الرّوسيّة الإستراتيجيّة بما لا يقبل التّأويل.

و تفيد الوقائع بانّ تحوّلات عميقة في اتّجاهات و آفاق “الحرب”، قد تظهر على الأرض ، بعد أن تبنّت أميركا مباشرة مزاعم الإرهاب العالميّ في سورية..

و يسأل و يتساءلُ الكثيرون : و ما هو الأفق الماثل أمام هذه التّحوّلات الخطرة و المركّبة التي تبدو وشيكة أو حالّة؟

إنّه بالمقابل يتعاظم دور محور المقاومة و المواجهة في تحمّل مسؤوليّاته التّاريخيّة ، كما تدافع روسيا عن مواقعها الجديدة في التّحوّلات الاستراتيجيّة العالميّة التي لن تسمح بالتّراجع عنها أو التّخلّي أو المساومة ، و لو كلّفها ذلك حرباً على حرب!

لقد صار واضحاً إجماع محور المقاومة مع الأصدقاء و الحلفاء لسورية على قرار المقاومة و النّصر ، بحيث أصبح من المؤكّد أنّ أيّ تهاون أو مساومة أو تراخٍ في هذا التّلاحم المصيريّ ، سيؤدّي إلى مصائر كارثيّة ليس بالنّسبة إلى سورية فقط ، و إنّما أيضاً بالنّسبة إلى باقي الحلفاء و الأصدقاء.

من الضّروريّ هنا أن نؤكّد على أنّ لغة المطلق في السّياسة ، ليست صحيحة أبداً ، كما أنّها ليست لغة سياسيّة واردة أو مقبولة عند جميع العاقلين.

يميلُ البعضُ إلى تعليل ما يجري اليومَ في سورية بما جرى في العراق عشيّة الغزو الأميركيّ (2003م).

و نحن نرى- على وجاهة هذا التّشبيه – أنّه تشبيهٌ نظريّ لا يحمل الكثيرَ من القرائن العمليّة ، على رغم أن أميركا تهدف من وراء ما تقوم به مع عصاباتها الإقليميّة إلى أن نصلَ – فعلاً – أو يصلَ بعضنا إلى هذه الاستنتاجات حصراً ، هادفةً من وراء ذلك إلى زعزعة ثقتنا بقوّتنا و حقوقنا و إيماننا بالثّوابت المصيريّة التي نُصِرُّ عليها في سورية و معها الحلفاء و الأصدقاء.

ففي أحلكِ ظروف لحظات هذه التّحوّلات علينا أن نتجنّبَ ” السّيناريوهات ” الكارثيّة التي يُرادُ لنا – حصراً أيضاً – أن نقع فريسةً لها في اليأس و القنوط.

▪ تشتعلُ السّاحة العالميّة اليوم بالسّياسة و الدّبلوماسية

هذه لغة الذّكاء الدّبلوماسيّ الرّوسيّ الذي لا يعبّر أو لا يحمل في ثناياه أيّة خشية أو رهبة من عواقب المواقف الصّريحة و الواثقة..

حيث يبدو جلياً ، ببساطة ، التّخبّط الأميركيّ السّافر أمام ثبات سورية و روسيا و حلف المقاومة أمام الاستعراضات الأميركيّة المُخلّة بالثّقة السّياسيّة العالميّة و بالمصداقيّة و الوضوح ، فإنّنا نرى انسحاباً أوروبيّاً من مسؤوليّة اتّخاذ القرار الأميركيّ ( و الذّيل الفرنسيّ )، و ترك ( ترامب ) بمفرده ليتحمّل مغبّة قراراته الحمقاء في مواجهة روسيا التي تصرُّ على مواقفها الدّوليّة القانونيّة و العادلة.

في الإدارة الأميركيّة ، اليوم ، الكثيرُ من التّناقضات في التّصريحات و الأدوار ما بين “الخارجيّة” و “البنتاغون” و “البيت الأبيض”، و لكنّها جميعها متّفقة على لغة التّخويف و التّهويل و التّرهيب و لو في تناقضاتٍ و تذبذباتٍ هزليّة.

و قد يتجاوز الأمْرُ هذا ، وقد لا يتجاوزه ، في حال ثبات موقف روسيا – و هو ثابت – و مواقف الحلفاء الذين أحرقوا خلفهم جميع مراكب التّردّد أو الانسحاب من هذه الحرب المقدّسة!

إنها معركة الجميع من ” المقاومين ” في المصير الواحد المعاصر في القرن الواحد و العشرين .. و عندما لا يُدركون جميعاً هذا البعد المصيريّ و الحضاريّ لتهديدات و مخاطر هذه الحرب – جدلاً – فالأولى بالجميع – و نحن منهم – الموت و الفناء!

و بالعودة إلى شأننا السّوريّ الذي يشغل العالمَ اليومَ ، فإنّ سورية ماضية في مشروعها في سحق الإرهاب و الإرهابيين على أرضها ، في كلّ مكان على الجغرافيا السّوريّة.

إنّها حربُ المصير الوجوديّة التي تحدّثنا عنها طويلاً و تحدّث آخرون .. و في هذا الإطار لا نجدُ أنّ القرار السّوريّ السّياديّ قابلٌ للنّقاشِ أو التّردّد أو التّفسير.

فوضوح الموقف السّوريّ و ثباته الوطنيّ ، يدلّل على أنّه لا يأخذ بحسبانه أيّ شكل من أشكال الانحسار أو التّراجع على رغم كلّ التّهويل و التّرهيب الإرهابيّ – العالميّ ، في مقابل قرارات رئيسٍ أميركيّ يهوى ” الغولف ” ، و لا يرى فارقاً كبيراً بين “حربٍ شاملة” في المنطقة و بين لعبته المفضّلة برياضة “الغولف”!

و حيث لا يمكننا كسوريين ، و مقاومين ، إلّا أن نؤمن بحقّنا في الوجود ، وفق مصالحنا التّاريخيّة التي لا تقبل المساومة ، فإنّنا في سورية أصحاب موقف واضح كان خير مَنْ عبّر عنه أسد بلاد الشّام الرّئيس بشّار الأسد في أنّ سوريةليس أمامها من خيار سوى الانتصار في “الحرب” و إلحاق الهزيمة الكاملة بالإرهاب..

و هذا الموقف مشتركٌ مع الحلفاء و الأصدقاء في ( إيران ) و ( روسيا ) و بالتّنسيق المستمرّ.

و إزاء ذلك كلّه فإنّه أمام حربنا المصيريّة هذه ، يكمن مصيرٌ حتميّ بهزيمة جميع الحمقى و المستثمرين بمن فيهم أميركا ، إذا تورّطت في حربٍ على سورية.

إنّ التّاريخ سيسجل مأثرةً خالدة سيكون فيها نضال السّيادة و رفعةُ الحقّ ، أبقى من الإرهاب و العدوان.

و سوف تنهزم جميع أحلامُ أعداءِ سورية و سينهزمون ، و لو كلّف الأمرُ الجميعَ حريقاً واسعاً بلا حدود.

ربّما ” كانوا ” يستطيعون إشعال البركان ، إلّا أنهم لن يستطيعوا إخماده!

كما الكثير من علامات العصر ، فإنّ الحرب المعاصرة لا تخضع إلى منطقٍ حاكِم .. إنّها تنبو حتّى على خططها المُحكمة!

و أمام هذا الفرض فإنّ التّعريف الأفضل- و الأكثر تعبيراً – لهذه الحرب التي اتّجَهَت نحو العالميّة و الشّمول ، هو أنّها ” مغامرة ” بالنّسبة إلى الجميع ..

و من المعروف بالنّسبة إلى أصحاب الخبرة و المجرّبين ، فإنّ للمغامرة حدّاً أقصى تستحيلُ بعدَهُ إلى عبث!

و لكن متى سيقتنعُ ” مَجْمَعُ الحَمْقى” العالميّ بأنّ العبثَ ليس هدفاً في السّياسة ، و لا الإنتحار ؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى