الربيع

يا من تفتَّح كالربيع لناظري فلمحتُ فيه شقائقاً وبهارا
والفُلَّ يشرقُ بالضياءِ وبالشَّذا والنرجسَ النعسان والنُّوَّارا
والوردَ مخموراً يتمتم : ويحكم هيا اغنموا مُتع الحياةِ قصارا
متباين الألوانِ ألَّفَ بينها ذوق يبلبلُ سرُّه الأفكارا
تلك المفاتنُ ينتهين لغايةٍ ولقد يريبك أنها تتبارى
أمثولةُ الحسنِ البديعِ مرامُها تطوى لها المضمارَ فالمضمارا
فكأنَّها أحزابُ شعبٍ راشدٍ كلٌّ يجمِّع حوله الأنصارا
يتنافسون، وإنَّما مرماهم تحقيق آمال البلادِ كبارا
ما للجمالِ وللسياسة؟ إنَّه أهدى إلى قصد السبيلِ منارا
هو عالم ننساب في أطيافه ونعانق الأنداء والأنوارا
من ضلَّ في ساحاته كمن اهتدى وكمن صحا من لا يفيق خُمارا
***** *****
يا من تفتَّح كالرَّبيع لناظري أضرمتَ ما بين الجوانح نارا
أسكرتَ روحي بالسَّنا فذهلتُ عن نفسي، وخلتُ العالمين سكارى
وسهوتُ عن زمني فلستُ بمثبتٍ أسكرتُ ليلاً أم سكرتُ نهارا
رمتُ الكلامَ، فحار في شفتي كما تاه الجمالُ بناظريك وحارا
ماذا أقول وكلُّ لفظٍ شاردٌ عيناك أعظم أن تطيق حوارا
عيناك أقوى بالحياة وفيضِها زخراً وأعمق في الحياةِ قرارا
***** *****
لبصرتُ بالتُّفّاح يلعن نفسَه لما أبيتَ مساسه استكبارا
كم ودَّ لو يلقى الشهادةَ في فمٍ

 
يهبُ الخلودَ وينهبُ الأعمارا
ما كان ضرَّك لو مسحتَ جبينَهُ فأحاله لهبُ الحياةِ نُضارا
أو لو قبلتَ فداءَه فجعلتَهُ معنى يحيطُ به الجمال إطارا
أم غِرتَ منه؟ فيا لقلبك قاسياً ماذا تركت لحسنه فتغارا؟
يكفيه في زيناتِه أن يكتسي شفقاً له من وجنتيك مُعارا
ما كان إلا خادماً لك طائعاً يقفو خُطاك يُقبِّلُ الآثارا
راجع فؤادك في أحقِّ مورَّدٍ برضىً وأكرمِ مُشبهيك نِجارا
تغفو وتصحو وهو في صلواته لخدودك الآصالَ والأسحارا
أما نثارُ الوردِ إذ بدَّدته فلو استطاع من السرور لطارا
ألأنَّه يحكي القلوب بشكله عبثت يداك بشمله استهتارا؟
إهنأ بظُلمك، فالقلوب تودُّ لو تُلقى لديك على البساط نثارا
ويح القلوب غلوتَ في بغضائها فمقتَّ من جرَّائِها الأشعارا
أتلوم أرضاً -يا غمامُ- بخيرها حفلت، وأنت فجرتها أنهارا
أهبطتَ شاكسبير من عليائِه وأزحت عن كرسيِّه مهيارا
ووقفت في وجه الخلودِ، فهل تُرى   تطوي الخلودَ وقد طوى الأدهارا؟
لن تستطيع، فمن جمالك دونه سدٌّ يقيه سطوك الجبَّارا
***** *****
رفقاً بحبَّاتِ القلوبِ تسومُها سوءَ العذابِ وما جنت أوزارا
ألأنَّها تهفو لحسنك كلَّما لمحته أو هجست به تذكارا
يا لائمَ الأوتار في إرنانها مهلاً، بنانُك تضربُ الأوتارا
يا طاوي الأقدار تحت جفونه حتَّى لنخشاهُنَّ لا الأقدارا
لمَّا أبيتَ على مشاعرنا الهوى هلاَّ مسختَ قلوبَنا أحجارا

 مدونة الثقافة المغربية

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى