تقاطر موجات اللاجئين على الدول الاوروبية ينعش التيارات اليمينية والعنصرية

فاز تحالف مناهض للاتحاد الأوروبي والمهاجرين بنحو 37% من الأصوات في الانتخابات التشريعية الإيطالية في هزيمة تاريخية لتيار يسار الوسط، بيد أن التحالف ليس لديه خطة واضحة لتشكيل أغلبية برلمانية، ما قد يدخل إيطاليا، صاحبة ثالث أكبر اقتصاد في أوروبا في مرحلة من عدم الاستقرار السياسي.

ولقي التحالف تجاوباً على ما يبدو في بلد يشعر بالريبة حيال الاتحاد الأوروبي وشهد تدفق حوالى 700 ألف مهاجر إليه منذ 2013. ويخشى البعض من أن يشكل صعود اليمين المتطرف في إيطاليا عائقاً كبيراً أمام المشروع الفرنسي الألماني لإصلاح الاتحاد الأوروبي وقضية اللاجئين.

ويقول محللون إن الانتخابات الإيطالية طُبِعَت برفض الناخبين للأحزاب التقليدية والنخبة، والتململ من التباطؤ الاقتصادي، والتوتر حول موضوع الهجرة والاتحاد الأوروبي، ما جعل إيطاليا تنضم إلى خط معادٍ للاتحاد الأوروبي.

بيتر بيشترون خبير السياسة الخارجية في حزب البديل لأجل ألمانيا “ايه اف دي” اليميني الشعبوي أشاد بنجاح اليمينيين وحزب “حركة خمسة نجوم” الشعبوي الإيطالي في الانتخابات، وأرجع تقدم اليمين الإيطالي إلى أزمة الهجرة التي قال إن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل مشاركة في المسؤولية عنها، “لأنها وفرت محفزات لها”.

وفي هذا السياق، ترى  ماري دي سومر رئيسة برنامج “الهجرة والتنوع”  من مركز السياسات الأوروبية في بروكسل، في حوار لها مع موقع مهاجر نيوز، أن موقف ألمانيا في الفترة المقبلة بعد التشكيل النهائي للحكومة سيكون أمراً في غاية الأهمية والذي سيؤثر وبشكل كبير على سياسات الاتحاد فيما يتعلق بقضية اللاجئين، وأضافت أنه بالنظر إلى نتائج الانتخابات فإن “السيدة أنغيلا ميركل تعتبر في أضعف حالاتها السياسية حالياً وبالتالي يصعب الآن الحكم على طبيعة ما ستتخذه من قرارات حيال قضية اللاجئين، لكني أعتقد أن الأمور ستتغير عما كانت عليه سابقاً”.

هل سببت سياسة الاتحاد الأوروبي صعود اليمن في أوروبا؟

ومن جانب آخر، يرى بعض السياسيين الأوروبيين، أن سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه ملف الهجرة واللجوء له دور كبير في صعود اليمين في أوروبا. وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسيلبورن، قال إن نتيجة الانتخابات التشريعية الإيطالية ترجع إلى إخفاق الاتحاد الأوروبي في إصلاح نظام الهجرة، مما أدى إلى تحمل روما العبء الأكبر من المهاجرين. أما الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون فقال إن نتيجة الانتخابات جاءت بسبب “الضغط الكبير الذي أحدثته موجات الهجرة، بعد أن ترك الاتحاد الأوروبي إيطاليا تواجه وحدها أزمة وصول مئات آلاف المهاجرين إليها مؤخراً”.

وتشير دي سومر، إلى أن تأثير فوز اليمين الإيطالي على سياسة الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق باللاجئين، يتعلق بنسبة تمثيل اليمين الإيطالي داخل الحكومة ومدى تأثيره على القرار النهائي وهذا بدوره سيكون له تأثير على ديناميات الاتحاد الأوروبي. وأضافت أنه “من المؤكد أن نتائج الانتخابات ستؤخذ بعين الاعتبار في أروقة مجلس الاتحاد الأوروبي في بروكسل ومن المرجح أن تؤثر أيضاً على صانعي القرار في الاتحاد الأوروبي”.

وترى دي سومر أن الفترة المقبلة ستشهد “مباحثات شديدة التعقيد بين إيطاليا وألمانيا وفرنسا في بروكسل وسيدخل فيها دول تحالف فيسغراد (التشيك والمجر وبولندا وسلوفاكيا) المعارضة بشدة لسياسات الاتحاد الأوروبي لاستقبال اللاجئين، وحتى لو تم التوصل إلى تسويات مقبولة من جميع الأطراف بخصوص مسألة اللاجئين في مجلس الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك دول فيسغراد الرافضة لفكرة الالتزام باستقبال حصص من اللاجئين، فبالتأكيد سوف يتعارض القرار مع مواقف البرلمان الأوروبي في هذه القضية”.

“إيطاليا ستبقى ملتزمة بتعهدات الاتحاد الأوروبي”

وحول ما إذا كانت نتائج الانتخابات الإيطالية ستؤدي إلى أن تتحمل فرنسا وألمانيا أعباء إضافية مع ما قد تتخذه الحكومة الإيطالية الجديدة من إجراءات معاكسة لسياساتهما خاصة فيما يتعلق بقضية اللاجئين، تقول ماري دي سومر “فيما يتعلق بأعداد اللاجئين سيظل العبء الأكبر على إيطاليا واليونان وغيرهما من دول المواجهة” وخاصة إذا ما لم يتغير شيء في الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحصص توزيع اللاجئين الإلزامية، أما على مستوى صانع القرار السياسي فهناك “تغيرات بدأت قبل فترة ويمكن ملاحظتها في تحول الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون جهة اليمين إلى حد ما حين يتعلق الأمر بعامل الأمن” تقول دي سومر.

وعن أوراق الضغط التي يملكها الاتحاد الأوروبي تجاه الحكومة الإيطالية الجديدة إن هي اتخذت خط دول فيسغراد قالت دي سومر، إنه أياً كان موقف اليمين الإيطالي المتطرف من قضية اللاجئين وطالبي اللجوء “ستبقى إيطاليا ملتزمة بتعهدات الاتحاد الأوروبي، وإن أي انتهاك في هذا السياق سيشهد إجراءات ضدها في محكمة العدل الأوروبية خصوصاً إذا ما وقعت أية انتهاكات لحقوق الإنسان”، أما فيما يتعلق بالإجراءات الأخرى، فترى دي سومر أن الأمور غير مشجعة على الإطلاق ولا توجد ضغوط واضحة يمكن ممارستها على الحكومة الإيطالية الجديدة؛ وضربت مثلاً بالنزاع مع دول مثل المجر والتشيك ترفض بشكل مطلق الالتزام بحصصها من استقبال اللاجئين دون أن يتخذ ضدها أي إجراء فعلي قد يدفعها لتغيير مواقفها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى