تعدد التفسيرات لاسباب التغييرات المفاجئة بين القيادات العسكرية السعودية

في خطوة تتماشى مع سياسة ولي العهد محمد بن سلمان، أقدم العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز ليل امس الاثنين على إجراء تغييرات واسعة في مناصب عسكرية قيادية، شملت رئاسة هيئة الأركان العامة وقيادتي القوات الجوية والبرية والقوات الصاروخية الاستراتيجية، بالإضافة إلى تغييرات سياسية واقتصادية أخرى قيل ان بن سلمان “32 عاما” هو صاحب القرار الفعلي في اتخاذها جميعا.

وجاءت هذه التغييرات تحت وصف “تطوير لوزارة الدفاع”، لكن بين السطور الأمر مختلف، لأننا ومنذ حوالي سنة ونصف “أي منذ تسلم بن سلمان منصب ولي العهد” والتغييرات جارية في المملكة على قدم وساق لم يسلم منها حتى الذين تربطهم بالملك رابطة دم وقرابة، لنشهد عصرا جديدا في السعودية حمل اسم “انفتاح المملكة” بقيادة الأمير الشاب بن سلمان، أملا منه أن يغير صورة المملكة خاصة أمام الغرب الذي بدأ يهرب من دعم السعودية علانيةً أمام الشعوب على الأقل لكون الرياض تورطت في حرب شرسة مع جارتها “اليمن”، حيث عانت الأخيرة من ويل السعودية ما لا يطاق ومع ذلك بقي اليمن صامدا مدافعا عن ارضه مانعا السعودية من تحقيق أي هدف كتنت قد أعلنته قبل شن حملتها الاجرامية ضد أبناء اليمن وأطفاله.

الحقيقة أن سمعة السعودية في موضوع “تصدير الإرهاب، الحريات، حقوق المرأة وغيرها” ليست جيدة في نظر غالبية شعوب العالم وحكوماتها، هذا الأمر لم يكن سرا على أحد وذكاء بن سلمان انه فهم هذه الصورة عن بلاده وعمل على تغييرها منذ وصوله إلى ولاية العهد وبدأ بسلسلة تطويرات وتغييرات ابتداءاً من  هرم العائلة الحاكمة مرورا بالوزارات وكافّة المؤسسات السيادية في المجلسين الاقتصادي والسياسي والإعلام والمؤسسة وصولا على اعتقال عدد من الوزراء والأمراء تحت حجة تورطهم بقضايا فساد، وأعطى بن سلمان حريات للمرأة من ناحية السماح لها بقيادة السيارة ودخول الملاعب الرياضية وصالات السينما ولكي يثبت أنه ماضي في حزمة الإصلاحات ومنح المرأة حقوق عملية قام من خلال التغيير الجديد بتعيين تماضر بنت يوسف بن مقبل الرماح في منصب نائب وزير العمل والتنمية الاجتماعية.

ولكن يبقى السؤال ما مدى إمكانية نجاح هذه الإصلاحات على المدى البعيد وما هي أبعادها على السياسة الداخلية والخارجية كونها تتعدى إحداث تغييرات روتينية، وهل تستطيع حزمة التغييرات والإصلاحات الجديدة وضع السعودية على الطريق الصحيح لبدء تغيير فعلي يقود البلاد نحو التطوير والتحديث في كافة المجالات، أم أن كحا ما يجري ليس مجرد تغطية على ملفات إقليمية ساخنة بدأت أصابع المملكة تحترق منها؟!.

أولاً:  قام الملك السعودي بتغيير قادة عسكريين كبار أمثال الفريق الأول الركن عبد الرحمن بن صالح بن عبدالله البنيان رئيس هيئة الأركان العامة وإحالته على التقاعد بالإضافة إلى قادة القوى البرية، ولم تذكر أسباب هذه الإقلات، ولكن ما يلوح لنا بالأفق أن بلاد آل سعود متورطة في حرب خاسرة مع اليمن منذ ما يقارب الأربع سنوات، وبالرغم من صفقات الأسلحة السعودية والتي وصلت إلى مليارات الدولارات لم تتمكن المملكة من هزيمة جماعة “أنصار الله” وحتى الاقتراب نحو العاصمة اليمنية لا يزال غير متاح للسعودية وقواتها البرية.

الأهم من هذا أن هذه الحرب شوهت صورة السعودية في العالم الغربي بعد انتشار عشرات التقارير عن تورطها بقتل لأطفال ومدنيين ومحاصرتهم ومنع كل وسائل الحياة من الوصول إليهم، وتوجه منظمات حقوقية اتهامات الى السعودية بالتسبب بمقتل مدنيين في الغارات التي تشنها طائرات التحالف ضد مواقع المتمردين لكنها تصيب ايضا منازل ومدارس ومستشفيات.

الأمر الأخطر في هذه الحرب بالنسبة للسعودية ان الحرب انتقلت على أراضيها، من خلال الصواريخ التي يطلقها “أنصار الله” على المدن السعودية بين الفينة والأخرى، هذا الكلام أحرج بن سلمان امام شعبه، لذلك كان لابد من التغيير والإصلاح ولو بالشكل.

ثانياً: حزمة التغييرات الجديدة تزامنت مع مناسبتين، الأولى: اقتراب الحرب على اليمن من عامها الرابع، أي بعد أسبوعين من الآن دون تحقيق أي هدف، الثانية: جولة جديدة لولي العهد السعودي إلى أوروبا وامريكا، وبن سلمان يعلم جيدا انه غير مرحب به من قبل شعوب هذه الدول على الأقل لذلك هو بحاجة على تلميع صورته بأي وسيلة ممكنة، وبالتالي لن يدخر جهدا باتخاذ أي قرار يساعده على تحسين صورته أمام الغرب.

وبهذا الخصوص نشرت صحيفة “التايمز” تقريرا لمراسلها في الشرق الأوسط ريتشارد سبنسر، يقول فيه : ” إن مستشاري الأمير يشعرون بالتوتر والقلق من الطريقة التي سيتم فيها استقبال ولي العهد، خاصة في بريطانيا، حيث تخطط جماعات لاحتجاجات انتقادا لتدخل السعودية في اليمن”.، ويضيف التقرير ان “عزل الجنرالات ربما كان محاولة لتقوية موقع الأمير في الداخل، حيث كان يشعر بالتهديد منذ اعتقاله عددا من الأمراء ورجال الأعمال بتهمة الفساد في تشرين الثاني ، رغم الإفراج عن معظمهم، بعد الموافقة على تسويات مع الحكومة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى