وضع اتحاد كتاب مصر، خلال مؤتمره الذي عقد أمس، 7 توصيات لموجهة انتشار التطبيع، حيث أكد على الدور الريادي لكتاب وأدباء وفناني ومثقفي مصر في الحفاظ على الهوية الوطنية ومناهضة التطبيع مع العدو باعتباره خيارًا شعبيًا وعربيًا، مؤكدا أن أية أعمال فكرية وأدبية وفنية داعية للتطبيع تصنف ضمن الأعمال التي تدعم العنصرية والعدوان وتروج للظلم والاحتلال.
وأدان الاتحاد عرض فيلم المخرج المطبع زياد الدويري على أرض مصر، داعين الجميع لمقاطعة أفلام وإنتاج هذا المخرج، مطالبين دور العرض والمسارح والمعارض الفنية والثقافية منع عرض أفلام مطبّعة أو أفلام لمخرجين ومنتجين معروف عنهم ارتباطهم وتعاونهم مع العدو الصهيوني.
ودعا المؤتمر إلى تأسيس حوار مجتمعي بمشاركة أكبر قدر من مثقفي وكتاب وفناني مصر لمناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني ودعم المقاومة والاتفاق على معايير واضحة للمقاطعة الثقافية والفنية ووسائل عمل لتنفيذ ذلك، مقدما التحية إلى حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات ومعاقبة الكيان الصهيوني والمنتدى الوطني والحملة الشعبية المصرية لمقاطعة إسرائيل “BDS مصر” باعتبارها مثالاً وسلاحًا في مواجهة العنصرية والاحتلال.
الخطوة السابقة لم تكن الأولى من جانب اتحاد كتاب مصر لمواجهة التطبيع، إنما سبقها خطوة “الكتاب الأسود” وهو كتاب لتوثيق لجرائم الاحتلال الإسرائيلي، حيث يرصد فيه جرائم الصهاينة في فلسطين والعالم العربي بداية من مذبحة “كفر قاسم” حتى الوقت الحالي، من خلال الصور والبيانات الموضحة للجرائم، ومن المقرر أن يدشن الكتاب بـ6 لغات عالمية مختلفة، ويوزع على جهات المختلفة مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن، اليونسكو، الاتحاد الأوروبي.
وتعاني مصر من التطبيع الذي طفى على السطح بشكل لافت للنظر، فقد اعترف وزير الثقافة السابق حلمي النمنم، أن نسخة العام الماضي من معرض الكتب 2017 كان يتواجد فيها كتب إسرائيلية، مرجعا السبب إلى أن مصر يوجد بها 17 قسما لدراسة اللغة العبرية، فمن الممكن أن يكون قام أحد الأشخاص بترجمة كتب عبرية إلى اللغة العربية، مؤكدا أن وجود كتب إسرائيلية في مصر ليست جديدة بل متواجدة منذ زمن، والدليل وجود مذكرات جولد مائير وموشيه ديان وتيودر هرتزل مؤسس إسرائيل.
وعلى مستوى الكتاب، فهناك الكثير منهم من طبع مع إسرائيل، أما بالفعل أو القول فالدكتور سعد الدين إبراهيم، مدير مركز ابن خلدون، أحد الكتاب دائمي السفر إلى إسرائيل والتي كان آخرها المحاضرة التي ألقاها في جامعة تل أبيب، وقاطعها طلاب فلسطينيين هاتفين ضده “يحيا نضال الشعب الفلسطيني.. ويحيا الشعب المصري”.
أيضا، الكاتب علي سالم، كان من أكبر المطبعين مع إسرائيل، ففي نهاية عام 1993، وبعد إعلان اتفاقية أوسلو مباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، زار الكاتب المسرحي علي سالم إسرائيل بسيارته، لتأليف كتابه “رحلة إلى إسرائيل”، ليجيب عن سؤالين: “من هم هؤلاء القوم؟ وماذا يفعلون؟، حيث سرد فيه أحداث رحلته، ودوّن تجربته مع الإسرائيليين، حيث تعرض لهجوم شديد بسبب هذه الزيارة.
المؤرخ والباحث المصري ماجد فرج، زار إسرائيل أيضا عام 2015، وهو أحد أبرز المدافعين عن السلام مع إسرائيل، وخلال زيارته عقد سلسلة لقاءات مع مثقفين وأكاديميين إسرائيليين، والكاتب المصري يوسف زيدان، واحدا من أصحاب السقطات الكثيرة في تصريحاته المؤيدة لإسرائيل والتي كان من أبرزها أن المسجد الأقصى ليس الموجود في فلسطين وإنما موجود في السعودية.
وقال مصدر باتحاد الكتاب، إن خطورة التطبيع والاختراق الثقافي الكبير من إسرائيل لمصر والمجتمعات العربية تظهر في بناء قيم ومفاهيم متعلقة بمحو القضية الفلسطينية من ذاكرة الجيل الحالي، فتكون النتيجة الطبيعية أن يصبح حكامنا في المستقبل فاقدي الانتماء للقضية الفلسطينية غير عابئين بها.
وأضاف أنه توجد آليات مختلفة نستطيع من خلالها أن نطبق توصيات هذه المؤتمر بتكوين جبهة قوية من الصحافة الوطنية لرصد ومجابهة التطبيع والمطبعين مع الكيان الصهيوني، إضافة إلى تكوين منظمة للمجتمع المدني ترصد كافة هذه الأشكال أولا بأول وتقدمها للجمهور، ومن الممكن أن يتم الاستعانة فيها ببعض المؤسسات الحكومية الفاعلة.
وتابع المصدر أن “الكتاب الأسود” الذي أعلن الاتحاد عن تدشينه ضد الكيان الصهيوني لكشف جرائمه يتم تجميعه حاليا، بالاستعانة مع اتحادات الكتاب في الدول العربية لرصد كافة الانتهاكات الإسرائيلية التي طالت هذه الدول، سواء باغتيال العلماء أو المثقفين أو الفنانين أو ما ارتكبه الكيان الصهيوني من جرائم في حق الشعوب العربية.
وأكمل أن فكرة تكوين جبهة وطنية مصرية عربية مرتبطة بالأمن الثقافي المصري العربي الذي يتعرض حاليا لحالة من الاختراق الإسرائيلي على كافة المستويات أصبحت ضرورة ملحة لمواجهة هذه الاختراقات، مقترحا أيضا أن يتم تنفيذ شيء يشبه كتابا أسود لجميع المثقفين المطبعين مع إسرائيل يرصد فيه تاريخهم الكامل من البداية حتى النهاية وكيف دعموا وطبعوا مع إسرائيل.