كم أشعر بالرهبة في هذا المقال ومحاولة اختيار الكلمات التي مهما استطعنا أن نعبر بها نبقى مقصرين وعاجزين ، فالفقيد الشهيد أحمد جرار ليس شخصا عاديا في هذا العصر فهو شاب عشريني خلق ليكون قائدا في زمن وعصر افتقدنا فيه القادة الحقيقيين ، وهو شاب يتمتع بكاريزما خصه الله بها أرهبت العدو المتغطرس واستطاعت أن تجمع حوله مختلف الأصدقاء ، وحتى الأخوة الأعداء إذا جاز أن نسمي ذلك ، فليس المهم إلى أي تنظيم ينتمي هذا الأسد العربي الفلسطيني الذي أرعب العدو وجعل من جيش الاحتلال أضحوكة أمام العالم بعد أن أصبحت مهمة كل هذا الجيش مطاردة هذا الأسد الفلسطيني ، و جعل ليلهم كنهارهم حيث جندوا كل جيش العدو وطيرانه ومخابراته وجواسيسه لأجل اصطياد هذا البطل العظيم ، مستفدين من مهزلة التنسيق الأمني مع الخائنين حتى تمكنوا أخيرا من الوصول إليه ، ولكنه لم يستسلم ولم ييأس ، بل اعاد لنا مآثر جمال عبد الناصر في السويس وقاتلهم قتال الأبطال الميامين .. مقبلاً لا مدبراً حتى ارتقى شهيدا عزيزا بإذن الله .
من تابع الإعلام الصهيوني ونشوة النصر التي افتقدها منذ نكسة حزيران يونيو الأليمة عام 1967م ، وكيف أصبح كل هدفهم ذلك الشاب العشريني وصيدهم الثمين ، وكأن ذلك الأسد ليس ابن هذا الشعب المناضل تاريخياً ، وكأن دماءه الطاهرة لن تسقي شقائق النعمان التي تنبت مذكرة العرب بأمجادهم وشهدائهم .
القائد الشهيد أحمد جرار لا ينتمي لهذه الأجيال الخانعة ، وكأن الله خلقه من طينة أخرى ، ذلك لان اغلب من هم في سنه مشغولون بدراستهم أو بتأمين فرص العمل أو البحث عن متاع الدنيا بحكم السن ، ولكن الشهيد العظيم أحمد جرار كان له تفكير آخر في معشوقته فلسطين وتحريرها ، حيث قدم نموذج الفدائي البطل الذي يضحي بنفسه في سبيل وطنه وشعبه وأمته .
الشهيد أحمد جرار التحق بالقادة العظام لفلسطين الذين تركوا بصماتهم على التاريخ من عصر الانتداب حتى اليوم ، ووحدوا بدمائهم الطاهرة كل تناقض في وطنهم وأمتهم بحكم الانتماء السياسي حول هدف واحد وهو تحرير فلسطين العربية من البحر إلى النهر ،وصفع كل دعاة الخيانة والواقعية السياسية المزعومة .
دماء الشهيد البطل وكل شهداء فلسطين والأمة العربية ستبقى القناديل التي تضيء الطريق أمام الأجيال القادمة لتحرير كل بلاد العرب وعلى رأسها فلسطين من الاحتلال والتبعية معا .
الشهيد أحمد جرار قبل أن يكرمه الله بالشهادة ضاقت عليه الدنيا بما وسعت ،ولكن لم يخونه تراب وشجر فلسطين الذي طالما احتمى به وحماه ولكن للأسف خانه اتفاق التنسيق الأمني مع العدو .
القائد أحمد جرار التحق بمن سبقه من الشهداء ياسر عرفات وأبو الهول وأبو اياد وأحمد ياسين والرنتيسي ويحيى عياش وخليل الوزير وأبو علي مصطفى وفتحي الشقاقي وجورج حبش وناجي العلي وغسان كنفاني وغيرهم الكثير من النجوم والأسماء التي تجاوزت انتماءها السياسي وحتى القطري لتصبح قناديل قومية تضيء الطريق أمام كل المناضلين من أجل تحرير فلسطين وهو الطريق الوحيد لوحدة الأمة .
ولكن ابرز ما يميز الشهيد أحمد جرار انه قد اعتنق النضال الصعب في زمن الانبطاح السياسي والانكفاء القطري .. وفي عصر عباس ودحلان والسادات وغيرهم من المستسلمين .
سلام على روحك الطاهرة يا أيها القائد العظيم أحمد جرار والشهيد ابن الشهيد ، يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا .