نبـض قلب العـروبـة

الابداع هو صانع التاريخ فصراعاته المختلفة هي المحرك ولكنها لاتحل الا بالابداع ومن ينتصر ليس بالضرورة صاحب الحق بل الاكثر ابداعا وقدرة على الابتكار وهذا ما نراه في اراضينا المغتصبة في فلسطين والاحواز وغيرهما ، حيث تتفوق قدرات الاعداء على نشر اكاذيبهم والتعتيم على حقائقنا وحقوقنا ، لهذا شهد تاريخ البشرية اندثار حقوق او تراجع قدرات اصحابها على اثبات شرعيتها امام امتلاك الظالم لقدرات ابداع وتجديد ، والاعلام اساسا فن وابداع ناهيك عن انه في المقام الاول وعي شامل وعميق ، فما لم تكن مبدعا وينبع ابداعك من الوعي العميق وخبرة التعبير بطرق اكثر تأثيرا لن تكون اعلاميا ناجحا ، ومرة ثانية تتدحرج الحقوق نحو محارق المعتدي او الغازي بينما الضحية يتعرض للمزيد من الظلم لانه فشل في تقديم حقوقه بطريقة مبدعة .

عندما بدأنا بتأسيس اللجان الاعلامية للدفاع عن العراق كنا نعرف تلك البديهية ولهذا توقعنا ان الاندفاع الكبير نحو العمل بها لن يكون ضامنا لتواصل العشرات ممن تطوعوا للعمل فيها ولا قدرة بعضهم على تحقيق تقدم والوصول لقلوب الناس بسهولة ، خصوصا واننا نعمل وفقا لقاعدة التطوع وليس الاجر المدفوع ، فانفك من عجز عن مواكبة مسيرة لا تدوم ولا تتقدم الا بالابداع والانضباط وابتكار طرق مواصلة التوعية ودحر دعايات الاعداء الذين يتفوقون علينا ماليا وتكنولوجيا كثيرا ، بينما رأينا البعض يتصرف بمزاجية وصلت حد ترك العمل وهو في منتصف الطريق وتخريب مشاريع اعلامية مهمة نتيجة اعتقاده بان التطوع يعني انه حر ويمكنه ترك العمل او البقاء فيه متناسيا ان التطوع في جوهره هو التزام وليس مزاجية فردية .

ولكن مقابل تلك السلبيات رأينا الابداع ينبع من عقول ونفوس احرقتها نيران الاحتلال التي نراها يوميا تنوش الاف الناس وتحرق فلذات اكبادنا وتبيد شبابنا وتهدم مداميك قيمنا وتمحي ملاعب طفولتنا وتنشر الغرباء بيننا ! لهذا كان حب العراق والامة العربية حافزا جبارا لمواصلة العمل واختيار وسائل ابداع متنوعة طوال اكثر من خمسة اعوام بالرغم من اننا بلا موارد مالية فكان طبيعيا ان نشتت قدرة الاعداء على تثبيت ما يروجونه عن العراق والبعث والمقاومة العراقية من اكاذيب وتشويهات ، ووصل قلق العدو في المنطقة الخضراء حد انه خصص ملايين الدولارات وجند عشرات الاعلاميين لمواجهة عمل اللجان الاعلامية والرد عليها .

وكما ان من بين العاملين المتميز والمبدع الذي ينال حقوقه الاعتبارية اضافة لمن يعمل بقدرات الحد الادنى من العمل الناجح فان اللجان الاعلامية شهدت عمليات ابداع وخلق مدهشة في نوعيتها وسبقها وتميزها ، وكانت مجموعة نبض العروبة المجاهدة اول وابرز المبدعين من بين اللجان الاعلامية حيث نحتت لعملها اسسا فريدة من بين كافة اللجان الاعلامية : فقد جعلت عملها قومي الطبيعة بجذب رفاق عرب للانخراط في سلك الابداع الاعلامي والثقافي ، وهي اسست قاعدة الاجتماع اليومي لعدة ساعات متواصلة ، وهي التي وضعت ضوابط النشر الواضحة والزمت بها الجميع ، وهي التي الى جانب عملها الاعلامي والثقافي تحولت الى مدرسة تدريب للاعلاميين الجدد المحتاجين للخبرة ، وهي التي وضعت الديمقراطية قاعدة في الحوار للوصول الى افضل الاراء ، وهي التي جمعت اعضاءها متحدية القارات والمسافات الفاصلة ، وهي التي تحدت الغيرة والحسد عندما ارادا اضعافها من قبل من لايملك القدرات الابداعية او يخشى الرأي الحر والجرئ ، واخيرا وليس اخرا نبض العروبة شقت طريقها في صخر الجرانيت واخذت تصدر المجلات الناجحة بكل المقاييس الاعلامية ، وكل ذلك تم بالتطوع وبالعمل الذي لايكل يوميا ولاكثر من ثمانية ساعات متواصلة .

رأينا العراق المقاوم متجسدا في نهوض النبض ورجالاتها المناضلين ، ورأينا القومية العربية رقراقة كسيل ماء عذب بارد في حر تموز اللاهب من خلال التقاء مناضلين عرب من اغلب الاقطار العربية في غرفة واحدة اسمها نبض العروبة وحدت ما تبذل كافة القوى المعادية ما تريد ابقاءه مجزء ، ومن هذه المقدمات تحولت نبض العروبة الى قاطرة ابداع تجر وراءها عربات الابداع اللاحق لها والمتأثر بها فقام الرفيق داود الجنابي باصدار مجلة مدارات ثم لحقه الرفيق راغب زيدان فاصدر مجلة القادسية وتجري الان عمليات اعداد لصنع عربات ابداع اخرى تلتحق بمسيرة الابداع التي تقدمت نبض العروبة كطليعة لها . وللتاريخ لابد من التأكيد بصفتي اعلامي قديم ومسوؤل في اعلام الدولة العراقية الوطنية ومسؤول في الاعلام البعثي المقاوم بان نوعية المجلات التي صدرت حتى الان وبالتطوع تتميز بانها ظاهرة تقدمية ومهنية فريدة . وبهذا المعنى فنبض العروبة هي من بين الطلائع الثورية الثقافية والاعلامية المجددة والتي تتميز بانها تفتح ابواب الخلق والابداع لاخرين من خلال تحفيزهم واعداد الطريق لهم للسير فيه نحو تحقيق اهداف الامة العربية في الغد المشرق العزيز .

هذا هو العراق ، وهذه هي فلسطين ، وهذه هي الاحواز ، وهذه هي كل ارض عربية محتلة منها تنبعث براكين الغضب المشروع وبفضله تبتكر عقول الثوار وسائل فضح الاعداء تمهيدا لطردهم وتحرير كل شبر من ارض وطننا العربي الكبير .

فتحية للرفاق الاعزاء في نبض العروبة ورفيقاتها بقية اللجان الاعلامية المبدعة وتحية لمن واصل النضال من اجل امته معتمدا على المحرك الجبار للتاريخ وصانع الاحداث : الابداع ،فقد حرمنا العدو من احتكار الابداع وقدمنا نماذج تؤكد بان اصحاب الحقوق هم ايضا مبعدون ومبتكرون وصناع الجديد .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى