الأردن تغازل أمريكا.. مخاوف تجميد المساعدات تمهد لـ«صفقة القرن»

رغم إدانة الملك عبدالله الثاني، للقرار الأمريكي الخاص بنقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس خلال شهر ديسمبر الماضي، ووصفه بالانتهاك الصريح للقرارات الدولية وميثاق الأمم المتحدة، إلا أنه صرح مؤخرا في لقاء مع شبكة “سي إن إن” الأمريكية، بأن دور الولايات المتحدة لا غنى عنه في عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حتى بعد قرار الرئيس دونالد ترامب باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها.

وتأتي التصريحات الأردنية بعد أيام قليلة من إعلان عمان قطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع كوريا الشمالية، في استجابة للدعوة الأمريكية التي أطلقتها في نوفمبر الماضي ردًا على تجربة كوريا الشالمية لصاروخ باليستي عابر للقارت وقادر على إصابة الأراضى الأمريكية.

ويرى محللون أن التصريحات الأخيرة للعاهل الأردني تعكس المخاوف من إقدام واشنطن على استخدام ورقة المساعدات، واصفين إياها بمهادنة سياسية ومحاولة لكسب رضا الأمريكان من أجل عدم قطع المساعدات الأمريكية عن الأردن التي بلغت العام الماضي 1.3 مليار دولار، لاسيما أن ترامب، هدد بوقفها عن الدول التي صوتت ضد قراره في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

الضغوط الأمريكية والمخاوف الأردنية

تعتبر الأردن أحد أهم الدول العربية التي تشرف على ملف القضية الفلسطينية، وتطلع على كل تفاصيلها، ولا يمكن تمرير أي حل للقضية دون إشراكها فيه، ورغم أن عمان تتبنى المبادرة العربية القائمة على رؤية حل الدولتين، إلا أن الانقلاب الذي جرى في السياسة الأمريكية عقب تولي ترامب الرئاسة، انعكس على الموقف الأردني الذي بات يشعر أنه مستهدف في خطة “صفقة القرن”.

وتجد الأردن نفسها حاليا مجبرة على الرضوخ للضغوط الأمريكية والتعاون في أي صفقة قادمة، حتى تكون أحد الأطراف التي ستمرر الخطة الجديدة تحت ضغط قطع المساعدات الأمريكية التي تتلقاها سنويًا، خاصة أنه لا يمكن للمملكة أن توفر المبلغ في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها.

ولا تعد المساعدات المالية السلاح الوحيد الذي يصوب نحو الأردن، إنما هناك الحدود والأمن الذي تتباهى إسرائيل وتجاهر علانية أنها توفر الحماية والأمن للأردن التي تحيط بها الأزمات من عدة جبهات؛ أبرزها سوريا ولبنان والعراق.

كما أن المملكة الأردنية صاحبة الوصاية على المقدسات الإسلامية في مدينة القدس منذ عقود، وتخشى من أن الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للاحتلال، ورفض إدراجها في أي مفاوضات قادمة، يأتي على حساب دورها ونفوذها في المدينة المقدسة الذي يمنحها شرعية وسلطة دينية.

وإضافة لما سبق، فإن قضية اللاجئين الفلسطينيين في الأردن الذين يبلغ عددهم أكثر من 2.22 مليون فلسطيني، بحسب إحصائيات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” في عام 2016، يشكلون ما نسبته 46% من اللاجئين الفلسطينيين في العالم، ويشكلون أكثر من نصف سكان الأردن، ومخطط التوطين الذي ترمي إليه “صفقة القرن” يعني أن الأردن سيتحمل الجزء الأكبر من تبعات التوطين.

ومؤخرا، ظهرت ملامح عدم الرضا على الإجراءات التي استهدفت وكالة “الأونروا” التي تعمل على أراضيها لتقديم خدمات الصحة والتعليم للاجئين، وتقليص الدعم المقدم لها من قبل أمريكا ومحاولات إنهاء عمل الوكالة، ما سيحمل الأردن أعباء اجتماعية ومالية واقتصادية لا قبل لها بها على المستويين القريب والبعيد.

من جهة أخرى، فإن إشكالية الأمن وعدم الاستقرار ستبقى قائمة لدى الأردن لأنها صاحبة أطول حدود جغرافية مع فلسطين، ما يعني أنها ستتحمل التبعات الخطيرة لتمرير الصفقة، خاصة أن أي زعزعة للأمن في الضفة الغربية أو اندلاع انتفاضة ستطال تبعاته الأردن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى